إنقسام أميركي حول كيفية تفادي "المجازر الجماعية"

بايدن يُناشد المشرّعين تقييد حيازة الأسلحة

02 : 02

بايدن خلال كلمة له في البيت الأبيض الخميس (أ ف ب)

ناشد الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس المشرّعين إقرار قوانين أكثر تشدّداً في شأن حيازة السلاح، تشمل حظراً على بيع الأسلحة الهجومية، في مسعى منه لوضع حدّ لعمليات إطلاق نار واسعة قال إنها تحوّل المجتمعات الأميركية إلى "ساحات قتل"، على الرغم من اعتبار خصومه وخبراء أن معالجة عمليّات إطلاق النار الفردية والجماعية تتخطّى مسألة حيازة الأسلحة.

ووجّه بايدن خطابه الذي استمرّ 17 دقيقة، وهو آخر دعوة يصدرها لتشديد إجراءات حيازة الأسلحة النارية، بينما وضعت في الرواق خلفه 56 شمعة مضاءة تُمثّل الولايات والأراضي الأميركية التي تُعاني من تداعيات العنف الناجم عن استخدام الأسلحة النارية.

وتساءل الرئيس الديموقراطي في الخطاب فيما بدا التأثر واضحاً في صوته: "كم من مذبحة علينا أن نتحمّل بعد؟". واعتبر أنّه "لا يُمكننا أن نخذل الشعب الأميركي مرّة أخرى"، مديناً رفض غالبية الجمهوريين في مجلس الشيوخ دعم تشديد القوانين على اعتباره "غير مقبول".

وأشار إلى أنه يتعيّن على الأقلّ على النواب رفع السن التي يسمح فيها بشراء الأسلحة الهجومية من 18 إلى 21. كما حضّهم على القيام بخطوات من بينها تعزيز التحقيقات المرتبطة بتاريخ الأشخاص الساعين إلى شراء الأسلحة وحظر مخازن الذخيرة القادرة على تخزين عدد كبير من الرصاصات وفرض التخزين الآمن للأسلحة النارية والسماح بتحميل الشركات المصنّعة للأسلحة النارية مسؤولية الجرائم المرتكبة بواسطة منتجاتها.

وكشف بايدن أنّه "على مدى العقدَيْن الأخيرَيْن، تجاوز عدد الأطفال في سنّ المدرسة الذي قُتِلوا بالأسلحة النارية العدد الإجمالي لعناصر الشرطة والجيش" الذين قُتِلوا أثناء تأدية مهامهم. وأردف: "فكّروا في ذلك"، لافتاً خصوصاً إلى قصّة طالبة لطّخت نفسها بدم أحد زملائها الذين قُتِلوا داخل الصف للاختباء من المسلّح الذي فتح النار في مدرسة ابتدائية في تكساس، وقال: "تخيّلوا كيف سيكون السير في ممرّ أي مدرسة بالنسبة إليها بعد الآن".

وتابع: "يوجد العديد من المدارس الأخرى والعديد من الأماكن التي يرتادها الناس يوميّاً التي تحوّلت إلى ساحات قتل ومعارك هنا في أميركا". وبينما قاوم النواب الجمهوريون إلى حدّ بعيد أي تشديد للقوانين المرتبطة بحيازة الأسلحة النارية، عقدت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبَيْن الجمهوري والديموقراطي محادثات الخميس في شأن حزمة ضوابط.

واجتمع أعضاء في مجلس الشيوخ هذا الأسبوع لمناقشة ردّ على عمليات إطلاق النار الواسعة التي روّعت البلاد، وأعربوا عن تفاؤلهم حيال إمكانية إدخال إصلاحات متواضعة. وركّزت المجموعة على أمن المدارس وتعزيز خدمات الصحة النفسية وتقديم حوافز للولايات لتمنح المحاكم سلطة نزع الأسلحة النارية موَقتاً من أي أشخاص تعتبر أنهم يُشكّلون تهديداً، وهو إجراء دعا إليه بايدن أيضاً في تصريحاته.

وفيما كان المشرّعون يبحثون طريقة الردّ على عملية قتل عنصرية استهدفت 10 متسوّقين من أصل أفريقي في متجر في بافالو وعملية إطلاق نار في مدرسة بتكساس أودت بـ19 طفلاً ومدرّستَيْن، وقع اعتداء آخر في أوكلاهوما الأربعاء، حيث قتل رجل مسلّح بمسدّس وبندقية طبيبَيْن وموظّفة استقبال ومريض في مجمّع تولسا الطبي، قبل أن ينتحر لدى وصول الشرطة.

ويُدرك المشرّعون أنهم قد يخسرون الزخم مع تلاشي الحاجة الملحّة لإدخال إصلاحات والتي أثارتها عمليات القتل، خصوصاً تلك التي تسبّبت بـ"مجازر جماعيّة"، في حين تعقد مجموعة أصغر من النواب محادثات موازية لمناقشة توسيع عمليات التحقيق في تاريخ الساعين إلى شراء الأسلحة.

ويستبعد فرض إصلاحات أوسع نطاقاً في مجلس الشيوخ المنقسم بين 50 جمهوريّاً وعدد مماثل من الديموقراطيين، إذ إن تمرير أي مشروع قانون يتطلّب 60 صوتاً. وأوضح زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل للصحافيين أنّ أعضاء المجلس يُحاولون "استهداف المشكلة" التي اعتبر أنها "المرض النفسي والسلامة في المدارس"، بدلاً من مسألة توافر الأسلحة النارية.

ومع ذلك، يتوقع أن يُقرّ الديموقراطيون في مجلس النواب "قانون حماية أطفالنا" الأوسع بكثير، رغم كونه رمزيّاً إلى حدّ بعيد والذي يدعو إلى رفع السنّ القانوني لشراء البنادق نصف الآلية من 18 إلى 21 عاماً وحظر مخازن الذخيرة القادرة على تخزين كمّية كبيرة من الرصاص.

ويُرجّح أن تُمرّر الحزمة في مجلس النواب الخاضع لهيمنة الديموقراطيين الأسبوع المقبل، قبل أن تقضي عليها معارضة الجمهوريين في مجلس الشيوخ. وفيما يعد التنظيم صعباً للغاية على المستوى الفدرالي، تجرى جهود في أوساط مشرّعي الولايات لتشديد قوانين حيازة الأسلحة النارية.

وقدّم النواب في كاليفورنيا حزمة ترتبط بضبط الأسلحة في أعقاب عملية إطلاق النار في يوفالدي، تضمّنت مقترحات يُمكنها أن تُعرّض مصنّعي الأسلحة لعواقب قانونية في بعض الحالات.

وتعكس المقترحات خطوات قام بها المشرّعون في ولاية نيويورك، في حين سيعرض مشروع قانون ينصّ على طلب إذن لشراء الأسلحة في مجلس ديلاوير التشريعي. كما تشهد تكساس تحرّكاً لرفع "توصيات تشريعية" ردّاً على عملية إطلاق النار في يوفالدي.

لكن يخشى الناشطون المدافعون عن تعزيز القيود من انتكاسة على المستوى الفدرالي في وقت يتوقع بأن تصدر المحكمة العليا أوّل رأي لها منذ أكثر من عقد في شأن "التعديل الثاني" في الدستور المرتبط بحيازة الأسلحة.

ومن المرتقب أن يصدر القضاة حكمهم في الأسابيع المقبلة حول النزاع المرتبط بالقيود المشدّدة التي وضعتها ولاية نيويورك على حمل الأسلحة الفردية بشكل خفي خارج المنازل.

ومن شأن قرار ضيّق أن يؤثر على عدد ضئيل من الولايات التي تفرض قوانين مشابهة، لكن الناشطين يخشون إمكانية أن تصدر الغالبية المحافظة حكماً أوسع سيُمهّد الطريق لطعون دستورية في القوانين المرتبطة بالأسلحة النارية في أنحاء البلاد.


MISS 3