الراعي: حفظُ حقوق لبنان في ثروته النفطيّة واجب سيادي

20 : 33

ترأّس البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قدّاساً في مناسبة العيد الـ 32 لتأسيس "تيلي لوميار - نور سات" وفضائيّاتها، في كنيسة السيّدة في الصرح البطريركيّ في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنّا علوان وأنطوان نبيل العنداري، في مُشاركة لفيفٍ من المطارنة والكهنة والراهبات وممثلين عن مُختلف الطوائف المسيحيّة، في حضور النائب نعمة افرام وحشد من الفعاليات والمؤمنين، إضافةً إلى عائلة "تيلي لوميار" برئاسة رئيس مجلس الإدارة جاك كلاسي.



بعد الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان "عليكم أن تولدوا ثانية" (يو3:7) قال فيها: "نحن في عيد العنصرة، عيد حلول الروح القدس على الكنيسة الناشئة، وعلى كلّ مولودٍ ومولودة ثانية من الماء والروح. هو عيدُ الكنيسة، برعاتها وشعبها ومؤسساتها، التي هي بدايةُ ملكوت الله على الأرض.




هذه الكنيسة يُحييها الروحُ القدس ويقدسها ويجمعها ويقودها للشهادة لحقيقة المسيح، فادي الإنسان ومخلص العالم. وهو اليوم عيد محطة تلي لوميار- نورسات".


أضاف: "في عيد العنصرة تأسست محطة تلي لوميار-تلفزيون المحبة، منذ اثنتَين وثلاثين سنة، ثم راحت تكبر مع فضائيتها نورسات ومختلف فروعها: نور الشباب، نور قداس، نور مريم، نور الشرق، نورسات إنكليزية. إنها تحمل الرسالة التي أوكلها المسيح الرب إلى الكنيسة: "إنطلقوا إلى العالم كلّه، ونادوا بإنجيلي في الخليقة كلّها" (مر 16/ 15). وها هي تلي لوميار-نورسات تحملُ هذه الرسالة إلى العالم كلّه، إلى مئات الألوف من الشعوب. وقد وصلت إلى كل الأوطان في مشارق الأرض ومغاربها. فبالإضافة إلى لبنان وبلدان هذا الشرق، مثل سوريا ومصر والكويت والأردن والعراق وسواها.


راحت شاشة نورسات تُغطّي تباعاً أوروبا والولايات المتحدة الأميركيّة سنة 2003، فأستراليا سنة 2004، وكندا سنة 2009، وأخيراً لا آخراً البرازيل وأميركا اللاتينية."


وتابع: "إنها عطيَّةٌ من بركة الله وجودته، وتطير على أجنحة روح العنصرة، ويعود الفضل إلى المؤسس عزيزنا الأخ نور وصلواته وتقشفاته، و"جماعة الروح القدس للرسالات" المنبثق منها "تجمع أبناء الكنيسة للمحافظة على الأخلاق".


فيطيبُ لي أن أهنِّئ باسمكُم وباسمي كلاً من رئيس مجلس إدارة تلي لوميار سيادة أخي المطران أنطوان نبيل العنداري، ورئيس مجلس إدارة نورسات وفضائياتها عزيزنا السيد جاك كلاسي، وكل أعضاء الهيئة العامة، ومؤمني الأموال بسخاء لتغطية مصاريف هاتين المحطتين، وأصدقاء تلي لوميار، وسائر المحسنين، وجميع الموظفين والعاملين على تنوع مسؤولياتهم. إننا نقدم هذه الذبيحة الإلهية على نيتهم جميعا، ملتمسين لهم فيض النعم الإلهية. ونصلي كي يملأهم الروح القدس من مواهبه السبع لنموهم في الإيمان بالحكمة والعلم والفهم، وثباتهم في الرجاء بالمشورة والشجاعة، وإذكاء شعلة المحبة في قلوبهم بالتقوى ومخافة الله".


وأردف: "يُؤكّد لنا الربّ يسوع، في حديثه مع نيقوديموس الذي سمعناه في إنجيل اليوم، وجوب أن نولد ثانية. كل إنسان مولود بحسب الجسد، ينبغي أن يولد بالروح. يوجد إذاً ولادتان: ولادة أولى من آدم وحواء، هي الولادة بالجسد، وولادة ثانية من الله والكنيسة؛ ولادة من الأرض وولادة من السماء؛ ولادة من الجسد وولادة من الروح؛ الأولى ولادة للموت، والثانية ولادة للحياة الأبدية. كل واحدة من الولادَتين لا تتكرَّر. (راجع القديس اغسطينوس: تعليق على إنجيل يوحنا، ص 266).


في يوم العنصرة حصلت الولادة الثانية، فخرج الرسل المجتمعون في العلية مولودين من جديد، متجددين بقلوبهم ونفوسهم وعقولهم. "وإذا بالجهلة ينطقون بألسنة الحكماء، وبصيادي السمك يعلمون العلماء. وكالنسور تطير من أبراجها الشاهقة محلقة، كذلك إنطلق التلاميذ من صهيون أم الكنائس، فبشروا أقطار المسكونة وردوا الشعوب عن طريق الضلال، وعمدوا الكثير من الناس" (زمن القيامة المجيدة، ص 326 و 330). وراحت الكنيسة تنقل هذه "الولادة الثانية"، من "الماء والروح" (يو 3/5)، المعروفة بالمعمودية. بها يستنير المعمَّد أو المعمَّدة بنور الإبن-الكلمة، ويصبح إبن النور، بل يصبح هو النور، ويُصبح شاهداً لنور النعمة والحقيقة والمحبة (راجع كتاب التعليم المسيحي، 1214-1216)".


واشار الى ان "الدعوة لقبول الروح القدس، من أجل الولادة من جديد، موجهة إلى كل إنسان يولد في هذا العالم، من أي عرق أو لون أو دين كان. هذه الولادة الجديدة ضرورية لكي يتمكن من الإستنارة بكلمة الله، والإمتلاء من مواهب الروح القدس، فتتبدل نظرته إلى شؤون الحياة ويتبدل تعاطيه فيها. إن تلي لوميار-نورسات تلعب دوراً كبيراً في نقل هذه الإستنارة إلى شعوب الأرض. فليكن الله ممجدا".


وقال: "كم يحتاج المسؤولون والسياسيون عندنا إلى هذه الولادة الجديدة، لكي يبدلوا نظرتهم، ويتجمَّلوا مسؤوليَّتهم. فإنَّ حاجات الشَّعب المعيشيَّة التي هي أولويَّةُ الأولويات اليوميَّة، تستدعي الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، ومن ثمَّ العمل الجدّي لاستحقاق انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية اللبنانية في الموعد الدستوري. فجميع المساعي لوقف الانهيار تبقى محدودةَ التأثير ما لم يتغيَّر المناخُ السياسيّ في البلاد، وما لم تلتزم الدولة سياسة الحياد تجاه الصراعات المتفجرة في المنطقة والمشاريع الغريبة عن ثقافتنا وهويتنا، وعن رسالة لبنان في الشرق الأوسط والعالم. إنَّ عمليَّة الإنقاذ تبدأ بوجود شرعيَّة لبنانية قادرة على التواصُل مع دول مراكز القرار، وعلى طرح القضيَّة اللبنانيَّة التاريخية بحيث لا تأتي حلول المنطقة على حساب وحدة لبنان واستقلاله".


واضاف: "عندما ندعو إلى موقف الحياد، فحرصاً منّا على سيادة لبنان واستقلاله واستقراره ووحدته. وأصلاً، نحن كلبنانيين، من مسيحيين ومسلمين، لسنا مدينين لأحد، ولا نملك حسابا نؤديه لأحد. لا بل كان العكس صحيحاً. غالبية دول المنطقة والعالم، شرقاً وغرباً، لعبت مداورة دوراً سلبياً تجاه لبنان.


فلنتحرر من أيّ تبعية، ولْنكن أحرارا كما كنا، وأصحاب كرامة كما كنا، ورواد نهضة كما كنا. وليرفع جميع المتآمرين أياديهم عن لبنان، وليرفع في الداخل الغطاء عن كل جهة تضرب الدولة والمؤسسات، فيستعيد لبنان عافيته في أربعٍ وعشرين ساعة. فإرادة الشعب أصدقُ من توقعات الخبراء. ولبنانُ ما كان عبر تاريخه إلا قصة إرادة".


وتابع: "مع التطورات الأخيرة ومحاولة إسرائيل البدء في استخراج الغاز والنفط من الحقول المتنازع عليها مع لبنان، يتحتم على السلطة اللبنانية استئناف المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية وتثبيت الحدود البرية من دون تنازلات ومزايدات. إن حفظ حقوق لبنان في هذه الثروة السيادية واجب سيادي لا مجال للمساومة عليه وتحويله مادة سجال سياسي وطائفي. ولنا الثقة بالمرجعيات الشرعية العليا الدستورية والعسكرية والفنية لكي تحسم هذا الموضوع، فلا يتأخر استخراج النفظ والغاز الذي يشكل أحد عناصر إنقاذ لبنان من الانهيار الحاصل. إن جميع البلدان المجاورة والمطلة على البحر المتوسط بدأت باستخراج غازها ونفطها وبتصديره، ونحن نتلهى باستخراج الذرائع التي تعيق المفاوضات وتحجب عن اللبنانيين هذه الثروة الموعودة".


وختم: "نصلي من أجل تحقيق كل هذه الأمنيات، من أجل ازدهار ونمو "تلي لوميار - نورسات" بكل فضائياتها، خدمة لرسالة إعلان كلمة الإنجيل. ونلتمس من الرب يسوع أن يرسل روحه القدوس، فيتغيير وجه الأرض، ويتمجد الثالوث القدوس في كل مكان وزمان". 

MISS 3