المتظاهرون يخشون الأسوأ

السلطة العراقية مأزومة... قطع الإنترنت واستخدام الرصاص الحيّ

02 : 00

في وقت عاودت فيه القوّات الأمنيّة العراقيّة استخدام الرصاص الحيّ في بغداد، أبدى المتظاهرون المطالبين بـ"إسقاط النظام"، خشيتهم أمس، من أن يُمثّل استمرار قطع شبكة الإنترنت مؤشّراً خطراً إلى عودة القمع الدموي لـ"ثورة بلاد الرافدين"، التي انطلقت شرارتها في بداية تشرين الأوّل الماضي. وبالفعل، لا تزال خدمة الإنترنت مقطوعة بشكل تام في بغداد ومعظم المحافظات، منذ ليل الإثنين الثلثاء، وسط مخاوف جدّية بين "الثوّار" من محاولة عزلهم مجدّداً لضرب التظاهرات الحاشدة تمهيداً لإخماد نيران الاحتجاجات المتصاعدة، على غرار الموجة الأولى التي شهدت عنفاً غير مسبوق، أسفر في الأسبوع الأوّل من الشهر الماضي عن مقتل نحو 280 شخصاً.

وبدأت دائرة الاحتجاجات تتّسع في العاصمة منذ ليل الثلثاء الأربعاء، مع سعي المتظاهرين إلى تشتيت تركيز القوّات الأمنيّة، التي أطلقت الرصاص الحي أمس وأوقعت جرحى بين محتجّين حاولوا عبور جسر رابع هو "جسر الشهداء". كما لجأت قوّات مكافحة الشغب إلى ضرب المتظاهرين بالهراوات على رؤوسهم لوقف تقدّمهم.

فبعد إقفال "جسر الجمهوريّة" المؤدّي إلى "المنطقة الخضراء" وجسري "السنك" و"الأحرار"، يسعى المحتجون إلى إدخال "جسر الشهداء" ضمن لعبة "الكر والفر" مع القوّات الأمنيّة، بينما حذّرت القوّات المسلّحة العراقيّة من أنّه سيتمّ اعتقال أيّ شخص يُحاول قطع الطرقات وسيُحال إلى القضاء، مؤكّدةً أن "أيّ عمليّة قطع للجسور سيتمّ التعامل معها بحزم".

ويُؤكّد المتظاهرون أن عمليّات قطع الجسور هي في إطار "العصيان المدني" المُعلن، ولحماية كلّ الطرقات التي تؤدّي إلى المتظاهرين في "ساحة التحرير". وبدا "شارع الرشيد" في العاصمة مغطّى بغيمة من الدخان، فيما كان المتظاهرون يركضون للاحتماء بين المباني والمتاجر. وأفادت مصادر أمنيّة عدّة لوكالة "فرانس برس"، عن استمرار عمليّات الخطف لبعض المتظاهرين لدى عودتهم من التظاهر، في محاولة واضحة لبث الرعب وتجفيف الشارع، لكن كلّ محاولات "تخويف" المتظاهرين لم تنجح حتّى اللحظة.

وإلى جنوب العاصمة، تواصل إغلاق الدوائر الحكوميّة والمدارس بالكامل في مدن الناصريّة والكوت والحلّة والنجف والديوانيّة. وأقدم متظاهرون ليل أمس الأوّل على إحراق منازل نوّاب ومسؤولين محلّيين في قضاء الشطرة. كما أغلق متظاهرون صباح أمس شركة نفط ذي قار، ومنعوا الموظّفين من الوصول إلى مقرّ الشركة. وفي الديوانيّة، أغلق متظاهرون مصفى الشنافية النفطي. أمّا في مدينة البصرة الغنيّة بالنفط، فلا يزال ميناء أم قصر، أحد المنافذ الرئيسيّة لاستيراد المواد الغذائيّة والأدوية للبلاد، مغلقاً، لاستمرار تجمّع المتظاهرين الذين يقطعون الطريق المؤدية إلى الميناء. ولفت مصدر من شركة النفط العراقيّة إلى عدم امكانيّة نقل نحو 60 ألف برميل من نفط حقل القيارة في محافظة نينوى في اتجاه البصرة، حيث يتمّ شحنها بحراً.

وعلى الصعيد السياسي، تبدو الأمور مجمّدة حتّى الساعة، خصوصاً مع إعلان رئيس الوزراء المأزوم عادل عبد المهدي الثلثاء أن الحلول المطروحة لا تفي بالغرض، في حين أكّدت مصادر سياسيّة عدّة مقرّبة من دوائر القرار لـ"فرانس برس" أن "إيران ليست مرتاحة لدور الرئيس العراقي برهم صالح في الأزمة الحاليّة، فقد تخلّى عمّن أوصله إلى الرئاسة عند أوّل مفترق طرق"، بسبب تأييده مطلب الشارع بضرورة اجراء انتخابات نيابيّة مبكرة. ولفت العديد من المسؤولين إلى أن عبد المهدي نفسه، أصبح محاصراً ومعزولاً، لأنّه بات خاضعاً لضغوط متزايدة من طهران.