ألان سركيس

"الانهيارات ستجرف الجميع والسلاح لن يعود قادراً على الاستمرار"

سليمان لـ"نداء الوطن": لست مرشّحاً وعون سيُسلّم

20 حزيران 2022

01 : 59

الرئيس العاشر الذي وصل إلى كرسي الرئاسة بعد الإستقلال وحَكَم

يأتي الرئيس ميشال سليمان في ترتيب الرئيس العاشر الذي وصل إلى كرسي الرئاسة بعد الإستقلال وحَكَم، والرئيس الـ12 الذي انتُخب لأن هناك رئيسَين استشهدا وهما الرئيس الشهيد بشير الجميل والرئيس الشهيد رينه معوّض، فشكّل عهده مرحلة إنتقالية، إذ إنه الرئيس الأول الذي انتُخب بعد خروج الإحتلال السوري، استلم دفّة الرئاسة من الفراغ بعد إنتهاء ولاية الرئيس إميل لحود الممدّدة، ولم ينجح مجلس النواب في ربيع 2014 في انتخاب رئيس وبذلك فقد تسلّم الفراغ الرئاسي زمام الحكم في بعبدا.

لا يمكن إجراء تقييم نهائي لعهد الرئيس سليمان حالياً لأن التاريخ هو الكفيل بالحكم، لكن الأكيد أن عهده هو الأفضل بعد توقيع «اتفاق الطائف»، فقدّ سلّم بلداً فيه أقلّه حدّ أدنى من المؤسسات، مصارفه لا تعرف لمن تسلّف وتمنح القروض، جيشه ومؤسساته الأمنية والعسكرية صامدة في وجه «الدويلة»، القضاء محافظ على هيبته، سياسة البلد الخارجية متوازنة والدول العربية تحتضن لبنان المنفتح على كل دول العالم ويزوره أهم الرؤساء والشخصيات العالمية أمثال البابا بنديكتوس السادس عشر، وخطاب الرئيس في آخر سنة من عهده كسر المحرّمات، وأصابت سهامه معادلة «حزب الله» الثلاثية، أي «جيش وشعب ومقاومة»، وأطلق عليها اسم المعادلة «الخشبية»، ونجح في رسم خريطة طريق تنطلق من مبدأ «إعلان بعبدا»، كل ذلك حصل على رغم انطلاق الربيع العربي والأزمة السورية، لكن بعد مرور نحو 8 سنوات وشهر على نهاية عهد سليمان، وبعد استلام الرئيس ميشال عون زمام الرئاسة بعد سنتين ونصف السنة من الفراغ، ها هو لبنان يعيش الجحيم الحقيقي، أموال الناس في المصارف سُرقت، الدولة أفلست، الصروح التعليمية تعثرت والنظام الإستشفائي ضُرب، لبنان معزول عربياً ودولياً ودخل في صلب محور «الممانعة»، وانقلب عهد الإزدهار إلى عهد «جهنم» والنهاية كانت أن رئاسة الجمهورية تُغطّي «الدويلة» التي تنهش الدولة، فبات البلد يعيش في جهنّم وعصفورية.

وانطلاقاً من كل ما جرى ويجري، كان هذا الحديث مع الرئيس سليمان بعد طول صمت وفيه تناول وضع لبنان العام والإستحقاق الرئاسي وملف الترسيم والسيناريوات المقبلة على لبنان، حيث أكّد لـ»نداء الوطن» تمسكه بالثوابت الوطنية ودعوته مجدداً إلى الحياد وإيجاد حلّ داخلي لمشكلة سلاح «حزب الله» واحترام الإستحقاقات الدستورية وعدم الذهاب إلى مغامرات. وهنا نص الحوار:

هل سيسلّم الرئيس عون الحكم في نهاية عهده أو أن سيناريو 1990 سيتكرر؟

- بالتأكيد عون سيسلّم بعد انتهاء ولايته الدستورية، فالدستور واضح جداً في هذه النقطة ويتحدّث عن انتقال الصلاحية للحكومة بصرف النظر عن وضعها سواء كانت حكومة تصريف أعمال أو لم تكن في حال الفشل في انتخاب رئيس، فإذا كانت حكومة تصريف أعمال يمكنها فور انتهاء ولاية الرئيس أن تتولى الصلاحيات لأنه لا وجود لشيء اسمه تسليم الصلاحية، فالدستور واضح في مادته 62 والتي تتحدّث عن إناطة الصلاحيات تلقائياً.

هل أنت متفائل بنجاح مجلس النواب بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، أو أن الفراغ الذي حدث في عامَي 2007 و2014 قد نعيشه مجدداً؟


- لو ان الإنتخابات الرئاسية ستحصل الشهر المقبل أقول لك إنها غير حاصلة في هذا الظرف، ولكنّ أمامنا أشهراً حاسمة فيها الكثير من المخاضات الإقليمية والدولية والتي تؤثر على لبنان طبعاً، وفي طليعة هذه الإستحقاقات إتجاه مسار الحرب الأوكرانية - الروسية والتموضع الاستراتيجي الأميركي والأوروبي والروسي والموجودة هنا في المنطقة جميعها، كذلك يجب النظر إلى مصير الملف النووي الإيراني وارتباطه بصواريخ «حزب الله» الاستراتيجية وبأمن المنطقة وأمن إسرائيل، لأنه لا بد من طرحه في المحادثات عاجلاً أم آجلاً. وإضافة إلى هذا كله يجب مراقبة الأطماع التركية والأطماع الايرانية وتطور العلاقات العربية والخليجية، فباختصار إن الحلول في المنطقة ربما تتعقد وربما تتسرّع وتيرة حلّها وتستتبع بعضها ببعض وذلك لأهمية الغاز والثروة النفطية، لذلك فإن أي حلّ سيؤثّر إيجاباً على لبنان في كل الملفات وعلى رأسها ملف إنتخاب رئيس جديد للجمهورية.

كيف سيكون الوضع اللبناني لو نجح «حزب الله» ومحور «الممانعة» في انتخاب رئيس من فريق 8 آذار؟


ـ إذا وصل أي رئيس جمهورية إلى سدّة الحكم ومهما كان انتماؤه السياسي ولم يذهب باتجاه تحييد لبنان، فلن يستطيع إطلاق مرحلة الإنقاذ والنهوض، وطبعاً لا يستطيع أخذ لبنان إلى وجهة أخرى لا شرقاً ولا غرباً، عندها سيتحكّم الشلل بالوضع اللبناني لأن التوازنات معروفة ولا يمكن لأحد تجاوزها.

هل يستطيع الرئيس عون في الفترة المتبقية من ولايته إعتماد مبدأ الحياد وتكريسه؟


ـ إن اول خطوة في وقف الإنهيار هي إعلان رئيس الجمهورية العودة إلى تطبيق التحييد المتفق عليه وإقرار برنامج زمني لحصر السلاح بيد الشرعية، خصوصاً وأن لبنان يستفيد دائماً من الأزمات ويصدر أزمات من نوع آخر، لذلك فإن إعلان الرئيس عون نيته تطبيق هذا المبدأ يكون بداية جيدة حتى لو تأخر التطبيق، وقد نصحته بذلك في أول عهده عندما سألني ماذا نفعل بالاقتصاد، فأجبته بأن الإقتصاد ينتج عن السياسة وعن استعادة الثقة بالدولة التي تفي بالتزاماتها وتعهداتها، من هنا أجدد الدعوة له بالإعلان عن هذا الأمر ولو أن الإجراءات ستأخذ وقتاً.

هل يمكن أن يُشكّل طرح اسمك مخرجاً للأزمة الرئاسية، وهل ممكن أن تترشح مجدداً؟


- إطلاقاً لا أريد الترشح، لم تجر العادة في لبنان أن يُنتخب رئيس كان قدّ تولّى زمّام الرئاسة سابقاً، فأنا غير متحمّس لأن مواقفي تجعل من الصعب عليّ إنجاح مهمتي وهذا ما قلته لكل الذين طلبوا مني التمديد في نهاية ولايتي، وأذكر منهم رئيس فرنسا آنذاك فرنسوا هولاند (لأن إصراره عليّ للتمديد أصبح معروفاً) أما الباقون فلن أذكر أسماءهم الآن وسيأتي يوم نتكلم عن هؤلاء الأشخاص، لبنانيين وغير لبنانيين، والذين طرحوا عليّ التمديد. لذلك أؤكد أنني لن أتراجع عن مواقفي وبالعكس أتشدّد بها بعد مرور هذه السنوات العشر.

أي دور ممكن أن يلعبه الرؤساء السابقون للجمهورية من أمثالك وأمثال الرئيس أمين الجميل في منع الفراغ الرئاسي؟ ولماذا لا يتشكل نادي رؤساء الجمهوريات السابقين على غرار نادي رؤساء الحكومات السابقين؟

- نادي الرؤساء يجب أن يعود إلى الإجتماع على أن يضم رؤساء الجمهورية والحكومة والمجالس النيابية ونواب رؤساء المجالس، وربما يتوسع إلى بعض الفاعليات السابقة الأخرى التي كانت تتولى مواقع دستورية، فالوضع في البلد يحتاج إلى خبرات الجميع، وتضافر هذه الخبرات يضع خريطة طريق للإنقاذ.

هناك لغط حول الخطين 23 و29 ومجمل الحدود البحرية، وهذه المواضيع انطلقت خلال عهدك، فهل لك أن تشرح لنا ماذا جرى في تلك الفترة؟ وهل تتوقع نجاح الوساطة الأميركية؟

- في العام 2010 أودعت وزارة الخارجية اللبنانية الأمم المتحدة بشكل منفرد إحداثيات الحدود البحرية مع إسرائيل والمتمثلة بالخط 23، سنداً لموافقة مجلس الوزراء على الدراسة التي أعدتها لجنة متخصصة ضمت ممثلين عن الجيش والوزارات المعنية ومجلس البحوث ورئاسة الحكومة بناء على المعطيات والبيانات المتوفرة في حينه.

وتنفيذاً للقانون 163/2011 صدر في آب 2011 المرسوم رقم 6433 الذي حدد أيضاً الخط 23 ونصّ على احتفاظ لبنان بحق تحسينه وتعديل الإحداثيات في حال ظهور بيانات جديدة أكثر دقة، وعلى هذا الأساس تطالب الحكومة اليوم بحقل قانا كاملاً وربما أكثر إستناداً إلى البيانات والمعطيات التي توفرت لديها، وفي حال رفض اسرائيل يمكن اللجوء والإحتكام الى المراجع الأممية المختصة بالتوازي مع تعديل المرسوم بما تراه مناسباً واتخاذ الخطوات اللازمة لتعديل القانون 163، الذي نص على تحديد الحدود البحرية الجنوبية والشمالية والغربية وتعديلها جميعها اذا لزم الأمر وفقاً للمعطيات والبيانات الجديدة والتقنيات المعتمدة.

وخلال عهدي، قمت بكل ما يلزم ووضعت هذا الملف على السكّة الصحيحة، لكن الربيع العربي انطلق واشتد التأزم وتوقفت كل الأمور حتى مواضيع النفط بعدما وقّعنا المراسيم، ومن ثم انتهى عهدي في 25 أيار 2014.

وبالنسبة إلى الوساطة الأميركية فإن ملف الغاز له حظوظ كبيرة بالنجاح، فإسرائيل تعتبر المصالح الاقتصادية للدول المجاورة تسهّل عملية التهدئة وعدم التوتر، وعلينا أن نستفيد من هذه النقطة للحفاظ على ثروتنا التي نحن بأمسّ الحاجة إليها ولا يجب التفريط بها.

إذا جرت الرياح كما يشتهي لبنان هل ستحلّ مشكلاته، وماذا عن مشكلة سلاح «حزب الله»؟


- إذا تركنا سلاح «حزب الله» ليحل خارجياً أو تجنّبنا مناقشته في مجلس الوزراء وفي أي منتدى وطني مسؤول (هيئة الحوار مثلاً) كونه موضوعاً خلافياً، فسيكون الحل مرهوناً بالتطورات الدولية وربما يطول الزمن، لذلك علينا الإصرار والإصرار والإصرار على جدولة التخلي عن السلاح، وهذا المطلب يجب أن يكون مطلب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومجلس النواب والكتل والأحزاب دون الوصول إلى الاقتتال، وإلا فالانهيارات الإقتصادية ستجرف معها الجميع ولن يعود هذا السلاح قادراً على الاستمرار.