طوني فرنسيس

"بدنا"... وفيهم!

23 حزيران 2022

02 : 00

«بدنا» تعني جموع المواطنين الذين يعترضون ويحتجون ولا يثقون بمفاتيح السلطة الحاكمة والمتحكمة التي سحبت 62 مليار دولار من مصرف لبنان خلال عشرة اعوام، منها 24 ملياراً أريقت على الكهرباء المفقودة، هؤلاء المفاتيح هم الذين ابادوا مدخرات وجهد اللبنانيين مقيمين ومغتربين، فانفقوها تحت عنوان الهدر العام، وعندما شعروا بالخطر على جيوبهم نقلوا اموالهم الخاصة الى الخارج.

« بدنا» تعني رافضي هؤلاء. والرافضون كثرة تتكاثر مع تكاثر إبداعات الزمرة المتحكمة. وفي سيل الابداعات أزمات رغيف متجددة، وقطع محروقات ودواء وأنفاس، وتلاعب بالليرة عشية صدور ورقة المليون، والاعيب حول حقول النفط والغاز لا يُفهَم أولها من آخرها، وما اذا كانت الأجيال المعاصرة ستشم غازاً، أم ستترك هذه النعمة لأجيالٍ أو دولٍ أخرى.

الرافضون لعودة ممثلي الحكم والحكومات البائدة كثر، وهم يشعرون الآن أن «بدهم …وفيهم». ولا يعني تكرار الكلمتين استعارةً حرفية للشعار الانتخابي الشهير، بل إقراراً بأمرين، أولهما الحاجة الى تقديم بديل للبنانيين، يوحي ويعمل من أجل الخروج من الأزمة، والثاني، وهنا نصل الى «فيهم»، أن هناك إمكانية في تركيبة المجلس النيابي الجديد للعمل على جمع أكثرية توفر نصاباً لحكومةٍ مستقلة من اصحاب الكفاءة والاختصاص والسيرة الحسنة، تتولى التأسيس في الفترة الفاصلة عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لسياسات جديدة فعلاً، في الاصلاح والانقاذ ومكافحة الفساد وحماية استقلال القضاء في متابعته الملفات كافة، وتعيد للبنان علاقاته الدولية والعربية التقليدية… وتنهي عذاب هوكشتاين في رحلاته الترسيمية وصولاً للاحتفال بمناسبة اليوبيل الفضي لانطلاقتها! هذه الأكثرية الموجودة والمفترضة «فيها» ولديها ومن واجبها السير في تجربة من هذا النوع مهما قال اصحاب الحسابات والتوازنات القائمة منذ فرضهم ميزان القوى المسلح ومهما تفاصح منظرو تشكيلات التوافق الوطني الفارغ من مضمونه. فالحديث يدور في هذه المرحلة عن صيغة تم التداول بها منذ تشرين 2019، وجرى التلاعب بمواصفاتها رغم انف ماكرون وبرضاه ربما، هي صيغة حكومة المستقلين الاختصاصيين، التي يمكن توفير أكثرية نيابية لإقتراح رئيسها ودعم تشكيله لها، فيتم بذلك إعطاء معنى لنتائج الانتخابات النيابية، من دون الانجرار الى فكرة التقاسم والانصهار التي أذابت حيوات اللبنانيين حتى الجلد والعظم، وقد جرّبوها وجُرِّبت بهم حتى أنفوها وأنفتهم تماماً.

ربما نجد تبريراً لما حصل في انتخاب رئيس مجلس النواب بسبب ندرة النوع وضرورات الحياة الوطنية، لكن في موضوع رئاسة الحكومة، النوع حاضر وبكثرة، وبعدها في رئاسة الجمهورية، فليخرج الجميع الى خيارات جديدة كي يختبروها.