تحدث الرئيس فؤاد السنيورة عن افاق المرحلة المقبلة بعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف الحكومة.
وقال: "لقد حصل التكليف في مرحلة شديدة الصعوبة يمرّ بها لبنان، ويكتنفها الكثير من اللايقين لكوننا أصبحنا في نهاية عهد الرئيس ميشال عون الذي ستنتهي ولايته خلال الأشهر القليلة المقبلة، وفي انتظار عهد جديد لم تتضح معالمه على الإطلاق. ولذلك، فإنّ ما حصل في هذا التكليف يعتبر بمثابة أفضل الممكن، ولكنه أقل بكثير مما هو مطلوب، من أجل إنقاذ لبنان من حال الانهيار التي تعصف به".
وأضاف الى قناة "الحدث" من محطة "العربية": "هذا التكليف ناتج من هذا التشرذم الكبير الذي أصبح عليه مجلس النواب، والأكثرية التي فازت لا تزال مشرذمة إلى حد بعيد، ولم تتفق في ما بينها حتى على المبادئ الأساسية التي ينبغي لها أن تتجمع من حولها لكي تستطيع أن يكون لها موقف واضح من جملة القضايا والمسائل المطروحة والشائكة. ولهذا وجدنا هذا العدد الكبير من النواب اللذين لم يسموا أحداً ليكلفوه تأليف الحكومة. علماً أنّه يفترض بأولئك النواب، واستناداً إلى الوكالة التي أعطاهم إياها اللبنانيون في الانتخابات، أن يسمّوا من يقترحونه لا الاستنكاف عن ذلك. ومع أنّ التصويت بورقة بيضاء أو الامتناع عن التكليف هو حقّ ديموقراطي ولكنه يخالف روح الدستور. فالنائب الذي حصل على هذه الوكالة عليه أن يبدي رأيه الواضح في قضية في غاية الأهمية، وهي قضية تأليف الحكومة، لكي تنتظم العملية الديموقراطية".
وتابع: "الآن، وصلنا إلى هنا، بحيث انّ هناك عددا قليلا من النواب المسيحيين الذين سمّوا الرئيس ميقاتي لتأليف الحكومة. هذا الأمر كان ينبغي معالجته قبل حدوثه، ولقد كان المفروض برئيس الجمهورية أن يتفادى هذا الأمر عبر التواصل الذي كان ينبغي أن يقوم به أو كان يقول إنه يقوم به. وهو، على الأرجح، لم يقم به من أجل تفادي هذا الذي حصل. في أي حال، ما حصل الآن هو عمل دستوري لأنّ الرئيس ميقاتي حصل على الأكثرية بحصوله على 54 صوتاً. صحيح أنها قليلة، ولكن، في النهاية، هذا أفضل الممكن. ولذا، فإنّه كان ينبغي لرئيس الجمهورية ويفترض به أن يكلف الرئيس نجيب ميقاتي من أجل تأليف الحكومة وهو ما حصل. المهم الآن هو ما يجب أن يحصل بعد ذلك. إذ انه ينبغي أن يكون التأليف ميثاقياً، وأن تحصل الحكومة العتيدة على ثقة مجلس النواب، وبأكثرية واضحة لكي يتحقق الاستقرار وتتمكن الحكومة عندها من التصدي الصحيح للمشكلات التي يواجهها لبنان".
سئل: أليس من المفترض أن يعتذر ميقاتي باعتباره لم يحصل على الدعم المسيحي، فأجاب: "أعتقد أنه يجب ان ننظر إلى ما حصل الآن بموضوعية. الحقيقة كما أراها الآن، أنّ هذا تكليف الرئيس ميقاتي سيمرّ بمخاض كبير وعسير. الآن هناك صعوبة كبيرة في التوصل إلى توافق في شأن التأليف نظراً الى وجود وجهات نظر متباينة لدى الكثيرين من النواب بين الذين صوتوا مع تكليف الرئيس ميقاتي، من جهة، وبين الآخرين الذين لم يسموه، من جهة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، هناك تباين كبير بسبب حال اللايقين التي تعانيها البلاد. لأن هناك قضايا أساسية كان ينبغي أن تكون واضحة للجميع بضرورة العودة الى أرض الواقع من أجل تسهيل عملية التأليف، ولا سيما أنّ العديد من النواب الذين انتخبوا حديثاً ما زالوا تحت تأثير المواقف الشعبوية التي أعلنوا عنها خلال العملية الانتخابية".
وختم: "أعتقد أنّ هذه الفرصة غير متاحة لإنجاز هذا العمل خلال الأشهر الأربعة المقبلة. لنأخذ مثالاً على ذلك: التجارب التي مررنا بها مدى الـ 12 عاماً الماضية تبيّن أنّ معدّل الوقت المطلوب من أجل أن تأليف الحكومة، وأتأسف أن أقول، انّه في المعدل لا يقل عن 6 أشهر قبل أن يصار إلى النجاح في تأليف الحكومة. هكذا كان معدل الوقت اللازم لتأليف الحكومات خلال الاثني عشر عاماً الماضية. وبالتالي، أنا أعتقد انه من المستصعب الآن تأليف الحكومة الجديدة بهذه السرعة. والأمر يصبح مستصعباً أكثر في ظلّ حالة اللايقين التي نعيشها، ولاسيما في ظل استمرار عهد الرئيس عون خلال الأشهر الأربعة المقبلة وعدم وضوح صورة العهد المقبل".