أطلق آليّة التوسيع لضمّ السويد وفنلندا

الناتو يُعزّز جناحه الشرقي: روسيا هي التهديد الأكبر

02 : 00

الرئيس الأوكراني خلال استقباله نظيره الإندونيسي في كييف أمس (أ ف ب)

فرضت التحدّيات الجيوستراتيجية المستجدّة والحرب الروسية ضدّ أوكرانيا، على الغرب، قواعد ومقاربات جديدة تتكيّف مع التحوّلات التي تطرأ على الساحة الدولية، بحيث قرّرت دول "حلف شمال الأطلسي" خلال قمة مفصلية في مدريد أمس تعزيز وجودها العسكري على أبواب روسيا وإطلاق آلية التوسيع لضمّ السويد وفنلندا، في خطوة اعتبرتها موسكو "عدائية" و"مزعزعة للإستقرار".

وعند افتتاح النقاشات التي يُشارك فيها كلّ قادة الحلف حتّى الخميس، رأى الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ أن الحلف "في لحظة محورية" من تاريخه. وخلال هذه القمّة التي اعتمد خلالها الحلف خريطة طريق استراتيجية جديدة بعد مراجعة تلك المعتمدة منذ 2010 للمرّة الأولى، ندّد قادة الحلف بـ"الوحشية المروّعة" التي تُمارسها روسيا في أوكرانيا وتعهّدوا بتقديم المزيد من الدعم لكييف.

وأكد ستولتنبرغ أن "أوكرانيا يُمكن أن تعتمد علينا طالما لزم الأمر"، فيما كشفت دول الناتو عن خطّة جديدة لمساعدة كييف من خلال "تسليم معدّات عسكرية غير قاتلة" تهدف إلى "تحسين دفاعات أوكرانيا" ضدّ الهجمات الإلكترونية، وفق ما جاء في بيان مشترك. وندّد الحلفاء بـ"وحشية روسيا المروّعة التي تتسبّب في معاناة إنسانية هائلة ونزوح جماعي وتؤثر بشكل غير متناسب على النساء والأطفال"، قائلين إنّ موسكو تتحمّل "المسؤولية الكاملة عن هذه الكارثة الإنسانية".

ووصف قادة "الأطلسي" الذين اعتمدوا خريطة طريق استراتيجية جديدة في قمة مدريد، روسيا بأنها "أكبر تهديد مباشر لأمن الحلفاء والسلام" في المنطقة الأورو -أطلسية. وبعد أن كانت روسيا توصف بأنها "شريك استراتيجي" في خريطة الطريق السابقة التي وضعت العام 2010، جاء في الوثيقة الجديدة أنّه "لا يُمكننا استبعاد احتمال وقوع هجوم على سيادة أو وحدة أراضي الحلفاء".

كما تتحدّث خريطة الطريق الجديدة وللمرّة الأولى عن "التحدّيات" التي تطرحها الصين، وشدّدت الوثيقة على أن "طموحات بكين المُعلنة وسياساتها القسرية تتحدّى مصالحنا وأمننا وقيمنا". وهذه المرّة الأولى التي تذكر فيها هذه الوثيقة الصين التي لم تُدرج تاريخيّاً ضمن مهمّة "حلف شمال الأطلسي" الذي دان "الشراكة الإستراتيجية العميقة" بين بكين وموسكو و"محاولاتهما المتبادلة لتقويض النظام الدولي القائم على القواعد".

وفي مواجهة التهديد الروسي، أيّدت الدول الأعضاء في الناتو تعزيز وجودها العسكري في الجناح الشرقي للحلف وزيادة عديد قواته عالية الجاهزية إلى أكثر من 300 ألف عسكري. وفي هذا الصدد، قال ستولتنبرغ: "إنّها إعادة التنظيم الأكبر لدفاعنا الجماعي منذ الحرب الباردة"، في حين قال الرئيس الأميركي جو بايدن: "نحن على الموعد" و"سنُثبت أن حلف "الأطلسي" ضروري أكثر من أي وقت مضى"، معلناً تعزيز الوجود العسكري الأميركي بشكل كبير في كلّ أنحاء أوروبا، خصوصاً في دول البلطيق. وقال بايدن لنظيره التركي رجب طيب أردوغان: "أُريد أن أشكرك على ما فعلته لإصلاح الوضع مع السويد وفنلندا، وعلى العمل الرائع الذي تقوم به" لإخراج الحبوب من أوكرانيا.

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد دعا قبل ساعات قليلة خلال كلمة بالفيديو أمام قادة الحلف، إلى زيادة الدعم العسكري والمالي لتمكين أوكرانيا من مقاومة "المدفعية الروسية"، بينما سارعت موسكو إلى التنديد بتوسّع الحلف ليشمل السويد وفنلندا، وحذّر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف من أن هذا "عامل مزعزع بشدّة للإستقرار للشؤون الدولية"، في وقت لوّحت فيه الخارجية الروسية في بيان بالردّ على النروج، العضو في الناتو، لمنعها عبور بضائع إلى الروس المُقيمين في أرخبيل سفالبارد النروجي في القطب الشمالي.

لكن التطوّرات الديبلوماسية لم تحل دون استمرار دفع أوكرانيا ثمناً باهظاً على الأرض، إذ أبلغت السلطات عن ضربات مميتة جديدة ضدّ المدنيين، لا سيّما في منطقتَيْ ميكولاييف (جنوب) ودنيبرو (وسط). وجاءت الضربات بعد يومَيْن من غارة على مركز تجاري مزدحم في كريمنتشوك على بُعد 330 كيلومتراً جنوب شرق كييف، ما أسفر عن مقتل 18 شخصاً وفقدان نحو 40 آخرين، وفق الحكومة الأوكرانية.

وفي الأثناء، أعلنت السلطات الأوكرانية أنها استردّت 144 عسكريّاً، من بينهم 95 من "المدافعين عن آزوفستال" في ماريوبول، في إطار "أكبر عملية تبادل أسرى منذ بدء الغزو الروسي الشامل"، فيما رأى وزير الدفاع البريطاني بن والاس أن روسيا "فشلت في كلّ أهدافها الرئيسية" على المستوى العسكري، لافتاً إلى أن الحرب لها "كلفة باهظة" على موسكو، وقدّر عدد القتلى من العسكريين الروس منذ بدء النزاع بـ"25 ألفاً". بالتزامن، أعلنت السلطات الموالية للكرملين في المناطق الأوكرانية المحتلّة توفير ربط بينها بالحافلات والقطارات وإنشاء دائرة للأحوال المدنية وخدمات مصرفية وتعليمية ورواتب تقاعدية تهدف إلى إدماجها في روسيا.

توازياً، كشفت وزارة الخزانة الأميركية أن الولايات المتحدة وحلفاءها جمّدوا أصولاً روسية بقيمة 330 مليار دولار منذ بدء النزاع في أوكرانيا. وفي التفاصيل، جمّد الحلفاء الغربيون 30 مليار دولار من الأصول المملوكة من الأثرياء أو النخب الروسية الخاضعة للعقوبات، وجمّدوا كذلك حوالى 300 مليار دولار من البنك المركزي الروسي، كما أفاد بيان صادر عن "وحدة العمل" التابعة للحلفاء الغربيين المسؤولين عن تعقب الأصول العائدة للنخب الروسية، في حين فرضت بريطانيا عقوبات على فلاديمير بوتانين، ثاني أثرى رجال روسيا، وأعضاء آخرين من الدائرة المقرّبة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.


MISS 3