رمال جوني -

كلفة الشاليهات باهظة... وحق حصري لأصحاب الدخل المرتفع

السياحة في الجنوب: متحف منير كسرواني ومغارة الريحان

4 تموز 2022

02 : 00

متحف منير كسرواني

اهلا بكم في الجنوب مغاور ومعالم ومتاحف كلها تجعل زيارة قرى الجنوب مشوقة، فلا المناورات السريعة للعدو ولا حتى اختلال الاقتصاد يمنع السائح من قضاء عطلة ولا اروع في احضان الجنوب...

ماذا يخبئ الجنوب من كنوز سياحية؟

رغم كل الهزات التي يعيشها اللبناني، غير انه لم يتخل عن البحث عن متنفس يقيه شرور السكتات القلبية التي باتت تضرب الجيل الشاب اليوم، وتسرق حياته، حكماً المواطن يحتاج الى مشوار في الطبيعة، او زيارة معالم رسمها الخالق في الجبال كمغارة الريحان او جعيتا الجنوب. من بوابة كفررمان حيث سهل الميذنة السياحي تبدأ الرحلة، شاليهات ومنتجعات على مد السهل الذي يستقطب الزوار اليه بالنظر الى طبيعته الخلابة ووقوعه بين جبلين ما يجعل الجلسة داخله «غير شكل» على طول السهل الزراعي السياحي في آن، حيث يتسنى للزائر ممارسة رياضة المشي وركوب الدراجة الهوائية وحتى ممارسة السباحة، عبر سلسلة الشاليهات التي انتشرت داخله كنوع من تعزيز السياحة الداخلية، التي تنعش الاقتصاد الراكد بحسب ما يقول صاحب احداها لافتاً الى انه «رغم الظروف الصعبة الا اننا قررنا المواجهة، فالجنوب يستحق»، لا يخفي احد ان كلفة الشاليهات باهظة الثمن، وهي حق حصري لاصحاب الدخل المرتفع، فأقل واحدة تبلغ كلفتها اليومية 150 الى 200 دولار، غير ان السياحة في الجنوب لا ترتبط بالشالهيات الوافدة حديثاً اليه، فهناك المتاحف والمغاور والمحميات والمعالم الجميلة.

من سهل الميذنة باتجاه الجرمق والعيشية حيث غابات الصنوبر تشكل لوحة غاية في الابداع، عادة ما تستقطب عشاق الطبيعة والمشي واستكشاف الجبال، فالمنطقة التي بدات تستعيد نشاطها السياحي مجدداً بعد عطلة كورونا القسرية، تستقبل مئات الوافدين يومياً، الباحثين عن الهدوء بعيداً عن ضجيج الازمات وفقدان الخبز والبنزين وفواتير الكهرباء المرتفعة، «هنا صحن مجدرة وسلطة بيكفي» تقول فاطمة التي عادة ما تأتي باقاربها المغتربين الى جبل الريحان الذي لا يقل اهمية عن صوفر وعاليه وبحمدون، لا مكان للسياسة هنا، ولا حتى لسوء الاتصالات وارتفاع اسعارها، وحده البحث عن الجمال والتراث يسيطر على المشوار.

ما زال جبل الريحان على طبيعته، لم تشوهه المباني الاسمنتية ولا مكبات النفايات ولا غيرها، قراه ما زالت بمعظمها بسيطة، تتميز بمنازل حجرية صخرية كبلدة العيشية حيث يقع متحف منير كسرواني، متحف يروي سيرة الحداد العربي الذي اراد من خلاله الفنان منير كسرواني فتح الجنوب على السياحة التراثية، فالعيشية ذات العدد السكاني القليل، تعتبر بلدة اصطياف بامتياز، واضيف اليها متحف تراثي يتحدث عن اهم الحرف التي سادت قبل 80 عاماً، وتحولت الى تراث، يضم المتحف الى جانب عدة الحداد العربي وهي عدة والد كسرواني كل آنية البيت القديم ما يمكّن الزائر من التعرف على حياة زمن «ستي وجدي» التي يبدو ان الحكومة بسياستها العرجاء تعيدنا اليها حيث لا كهرباء ولا هاتف ولا تكنولوجيا.

من متحف منير كسرواني الذي يضيء على حقبة مهمة من تاريخ جبل الريحان، ننتقل الى بلدة الريحان، نبع الريحان الاثري فأول ما يطالعك قبل ان تلج باتجاه شبيهة جعيتا، او جعيتا الجنوب، مغارة طبيعية هندستها العصور على طريقتها فسقطت من سقفها النوازل المائية ومن ارضها ارتفعت اشكال حجرية تحسبها قناديل ومنحوتات كل منها تحكي لغة عصر تكونت فيه.

احدى اجمل مغاور الارض الدفينة التي تم اكتشافها العام 1932 قبل ان تُطمس هويتها خلال الاحتلال الإسرائيلي للمنطقة.

قبل فترة عادت الحياة للمغارة التي شكلت نقطة تلاقٍ بين متحف منير كسروني في العيشية ومغارة الريحان، كنوع من عملية جذب للسياحة في منطقة بيئية مميزة.

المغارة تتألف من طابقين، الاول يمتد على مساحة 180 متراً يحملك الى عالم جيولوجي قديم جداً، تأخذك الهوابط التي تشبه قناديل حياة تلتقي مع الصواعق كأنها كأس ماس ينتظر عروس التاريخ.

اكثر ما يلفت زائر المغارة التقاء الهوابط مع النوازل وكأنها ستارة مزركشة، متلاصقة وهو مشهد فريد من نوعه لا يتوفر في مغاور مماثلة، ما يعطيها حصرية اذ بعض الهوابط تبدو كلوح ثلج واخرى كتاج ملكي في قصر. الطابق الثاني الذي يحوي بحيرات وغرفاً ونوازل كريستالية مغلق بانتظار بدء العمل داخله.

من الريحان تطل على جبل صافي حيث الارض تلامس السماء وتحول جبل صافي في الفترة الماضية مقصد الباحثين عن الجلسة الحلوة والتقاط الصور كما انه شكل نقطة تلاقي الوفود في مشوار في الطبيعة، ومن جبل صافي تتحول ناحية معلم مليتا السياحي الذي يحكي سيرة نضال الجنوب والمقاومة وجرى تطوير المعلم واضافة ركن خاصة بالبارشوت وآخر بسباق السيارات.

غني الجنوب بآثاره لكنه لم يحظ يوماً باهتمام الدولة، بقي على الهامش ما عدا المبادرات التي فرضته بالقوة على زائر وسائح يرى فيه الجنة على الارض لولا علة الكهرباء المقطوعة والمياه الممنوعة عن المنازل وحتى الطرقات السيئة السمعة وما عدا ذلك الجنوب بدأ يستقبل الوافدين اليه والمتوقع ان ينعشوا الاقتصاد الداخلي ولو قليلاً.