محمد دهشة

جمعتْهما "الثورة الشعبية" بعد 30 عاماً... وصورة نسرين وجانيت تُشبه صيدا

16 تشرين الثاني 2019

02 : 00

لا تنتهي حكايات "الثورة الشعبية" في لبنان، بعدما أتاحت الساحات والميادين كل يوم اكتشاف واحدة جديدة. وكل الروايات تلتقي في "مضمونها"، على "وجع واحد"، وعلى حب لبنان والرغبة بخدمته ووقف كل أشكال الهدر والفساد، من أجل العيش بحرية وكرامة بعيداً من الطائفية والمذهبية والمناطقية.

جمعت "ساحة ثورة 17 تشرين" في صيدا، كلاً من المهندس ابراهيم نحال (وهو من شكا الشمالية) مع الدكتور وليد قصب (وهو من كفرشوبا الجنوبية) بعد فراق دام 30 عاماً، حين التقيا في جامعة "بوخارسيت" في رومانيا، لتحصيل علمهما منذ العام 1982 وحتى 1989، تعانقا طويلاً، واستعادا ذكرياتهما في رومانيا، حيث كان هدفهما تحصيل العلم والعودة الى لبنان للعمل وخدمته والمساهمة في نهضته، فتحول همهما في ذلك الوقت الى الدفاع عن لبنان وعروبته وهويته في وجه الاجتياح الاسرائيلي واحتلال الأرض على مدى سنوات.

يقول المهندس نحال، الذي يشغل منصب عضو الهيئة الادارية لرابطة موظفي الادارة العامة لـ "نداء الوطن": "جئت الى صيدا للتضامن مع أهلها والمشاركة في نشاطاتها الاحتجاجية والقاء محاضرة حول "واقع الادارة العامة: المشاكل والحلول"، لم أكن أتوقع إطلاقاً لقاء رفيق عمري الدكتور قصب، كانت المفاجأة كبيرة مثلما هي ثورة الشعب النابضة بالعنفوان والتي فاجأت الكثيرين"، وأضاف: "أيام رومانيا كنا لبنانيين ندافع عن لبنان ووحدته وعروبته ومقاومته الوطنية تحت شعار "نحن لبنانيون فقط" ونريد ان نعيش احراراً ونقرر مصيرنا، واليوم مع "الثورة الشعبية" نلتقي على هدف واحد هو لبنان وعزته ووقف الفساد والهدر وتطوير الادراة التي هي مرآة اي بلد، لقد وصلنا الى اوضاع اقتصادية ومالية خانقة ولم تعد الغالبية الساحقة من أبناء الشعب قادرة على العيش بكرامة، ثارت... ولن تهدأ حتى تحقق أهدافها".

بينما يقول الدكتور قصب، الذي يشغل منصب نائب رئيس "رابطة اطباء الاسنان في صيدا والجنوب"، إن "اللقاء كان مميزا بكل ما للكلمة من معنى"، فالثورة الشعبية التي جمعتهما في صيدا، أعادتهما 30 عاماً إلى الوراء، حين جمعتهما المقاومة الوطنية في الدفاع عن لبنان ابان الاجتياح الاسرائيلي، "كان هدفنا ان نوضح صورة لبنان الحقيقي، بعيداً من الطوائف والمذاهب، لبنان الوطني الذي قاوم المحتل الاسرائيلي وانتصر عليه، كانت المقاومة تعيش في قلوبنا، وأيدينا تتشابك مع بعضها البعض للدفاع عنه وبقائه والحفاظ على عروبته وهويته، اليوم تجمعنا "الثورة الشعبية" في الدفاع عن لقمة عيشنا وكرامتنا، لاننا نريد ان نبقى فيه ولا نهاجر مجدداً بحثاً عن العمل وقوت اليوم".

حوار بعيد من الاديان

الى جانب تلاقي نحال وقصب، ضجت "مواقع التواصل الاجتماعي" بصورة للناشطة الصيداوية نسرين سوس الشابة المحجبة، مع جانيت من الطائفة المسيحية من مغدوشة، وهما يتبادلان الحديث عند تقاطع "ايليا"، عن الثورة الشعبية وانتفاضة الشعب الراغب بالتغيير، وحملت الصورة الكثير من التعليقات، ففي حين كتبت نسرين نفسها عن الصورة "رغم اختلاف الاديان... جمعنا وجع واحد"، علق آخرون، ان الحراك الاحتجاجي ترجم الغاء الطائفية والمذهبية من "النفوس قبل النصوص"، بينما استعاد البعض صورة الناشطة التي رفعت القرآن والصليب خلال مشاركتها في النشاطات الاحتجاجية اليومية، تأكيداً على ان صيدا شكّلت على الدوام نموذجاً مميزاً في العيش المشترك. ففي عز الاحداث الامنية التي عصفت في لبنان ابان الحرب الاهلية الداخلية، وحيث كانت قذائف المدافع وازيز الرصاص لغة التخاطب بين الفرقاء المتحاربين، كانت صيدا بتنوعها السياسي والطائفي والمذهبي تشكل صوت الاعتدال والحوار، ولعل السبب في صياغة هذا المشروع الوطني هو التزام ابناء المدينة دوما بالخيارات الوطنية والعروبية منذ نكبة فلسطين العام 1948، ما شكل اناء تذوب فيه كل العصبيات الدينية والفئوية. وعاش مسلمو المدينة ومسيحيوها كإخوة في صيدا القديمة متحابين وكان كل فريق يمارس طقوس الآخر في المناسبات الدينية.

شهادات ومستشفيات

وتحت شعار "جيب شهادتك ونزال وصّل صوتك"، احتشد العشرات من حملة الشهادات في "ايليا"، وقد رفعوا لافتات تعبّر عن هواجسهم من عدم تأمين فرص العمل، وقالت الطالبة الجامعية جنى البابا لـ "نداء الوطن": "نزلنا من اجل رفع صوتنا والقول ان العلم لا يكفي بل نحتاج الى العمل من اجل البقاء في لبنان وعدم الهجرة"، بينما قال الطالب الجامعي صلاح الجردلي: "نشارك في الحراك من أجل تأكيد ان الشباب هم جيل المستقبل ولا بد من توفير فرص العمل لهم لخدمة وطنهم".

فيما التزمت المستشفيات في صيدا الإضراب الذي دعت اليه نقابة اصحاب المستشفيات الخاصة ونقابة الأطباء تحت شعار "صرنا عآخر نفس"، لدق ناقوس الخطر بان المستلزمات الطبية باتت على وشك الانقطاع بسبب الأزمة المالية حيث امتنعت المستشفيات عن استقبال المرضى والحالات الباردة باستثناء الحالات الطارئة وغسل الكلى والعلاج الكيميائي".

ونفّذ الجسم الطبي بلباسه الابيض وقفات اعتراضية في مسشتفيات "حمود الجامعي، لبيب الطبي، الراعي، قصب، والنقيب، وقال المدير الطبي في مستشفى حمود الجامعي الدكتور احمد الزعتري: "نعبّر عن عدم الرضى عن الاداء الذي يحصل في القطاع الصحي، وملتزمون بقرار نقابة المستشفيات ونقابة الأطباء بالتوقف التحذيري عن استقبال المرضى والحالات الباردة حتى نقول للناس ان المستشفيات لم تعد تتحمل. الديون بذمة الدولة مليار و400 مليون دولار، بمعنى ان المستشفيات هي التي تعالج المرضى على حسابها وليس على حساب الدولة، واكثر من ذلك، فان المرضى يتذمرون لانهم لا يستطيعون دخول المستشفيات، ويجب ان يعرفوا السبب بأن الدولة لا تدفع".