اليانا بدران

أين الثورة ونحن في قعر الأحزان؟

8 تموز 2022

14 : 57

ليل 17 تشرين الاول من العام 2019 سُجّل في تاريخ لبنان الحديث، على أنه وقفة عزّ لشعب يرفض الإذلال والظلم، لا يقبل أن يُسرق ويريد أن يحاسب ويقلب موازين السلطة الفاسدة التي نهبت البلاد وساومت على الأرض وسمحت لجهات خارجية بالتحكم بمصير اللبنانيين.


كان يؤمل أن تحدث ثورة الغضب الشعبية غير المسبوقة، تغييراً جذرياً في الحياة السياسية، ولكن منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، تراكمت الأزمات والصدمات، واستفحلت المنظومة الحاكمة بجرائم سياسية واقتصادية واجتماعية، تفوق المنطق والخيال، فيما غابت في الفترة الأخيرة بشكل شبه كامل الاحتجاجات الشعبية في الشارع.


والأسئلة المطروحة اليوم... أين الثوّار؟ وأين نواب الثورة من كل ما يحصل؟ وهل من أمل بالتغيير؟


الثورة في الاستحقاق الرئاسي

المحامي رالف طنوس الذي حارب، ولا يزال، في الصفوف الأمامية من أجل المحاسبة والتغيير، يشير في حديث لموقع "نداء الوطن" الالكتروني الى أن الثورة حققت نتيجة جيّدة جداً في الانتخابات النيابية مع إدخال كتلة وازنة الى البرلمان، لكنه يعترف في المقابل بوجود مآخذ على أداء بعض النواب "التغييريين" بسبب نقص الخبرة، على حد قوله.

وكشف طنوس عن محاولات حثيثة يجري العمل عليها في الكواليس لتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية المعارضة تمهيداً للاستحقاق الرئاسي المقبل. وأشار إلى أن هذه الخطوات بدأت تحدث تقدماً، وذلك بعدما تبيّن أن موقف "كلّن يعني كلّن" و"ما بدي حط ايدي بإيد حدا منن" لن يؤدي الى أي نتيجة، بل يفسح المجال أمام قوى النظام الحاكم لتحقيق المكاسب.


نواب التغيير والعصا السحرية

الشارع اللبناني المعارض له مآخذه على كتلة نواب التغيير، لكنه يعمل على تلبية نداء القوى المعارضة في البرلمان من أجل توحيد الموقف وإحداث الفرق اللازم.

في المقابل تؤكد النائب بولا يعقوبيان لموقع "نداء الوطن" ألا قوى معارضة للمنظومة السياسية في المجلس النيابي سوى النواب التغييريين. وأشارت الى أنها وزملاؤها على استعداد لمدّ اليد لمختلف الأحزاب إذا أرادوا المشاركة في عملية التشريع بما فيه مصلحة الوطن.

ورداً على المنتقدين قالت: "نحن لم نأخذ فرصتنا لكي نُنتقد، على الناس مساندتنا لأن التغيير هو الحل الوحيد لإنقاذ البلد". وأضافت: "نحن نشكّل 10% من المجلس، ونحاول مراكمة القوى لإحداث تغيير "بس ما معنا عصا سحرية".


ولماذا لا يتحرّك الشعب؟!

في محاولة للبحث عن تفسير علمي لحال الجمود التي تصيب الشعب اللبناني إزاء هذا الكمّ الهائل من الجرائم المرتكبة بحقه والأزمات الملقاة على كاهله، تواصل موقع "نداء الوطن" الالكتروني مع الأخصائية في علم النفس العيادي دكتور ماري - أنج نهرا التي أوضحت أن حال الجمود هذه سببها صدمة يعيشها اللبناني أمام واقع يفوق قدرة دماغه على الاستيعاب فيصاب بشلل فكري بدل القيام بردّ فعل طبيعي تبرّر انفعاله.

وتضيف: "أما القلّة القليلة التي تستطيع أن تعبّر عن رفضها لهذا الواقع فعددها غير كافٍ لإحداث تغيير واضح وصريح."

وتحدثت د. نهرا عن خطورة حال الجمود هذه اذا طالت، لأنها قد تؤدي الى مزيد من التدهور النفسي والإجتماعي، الذي سيولّد حكماً، عنفاً نحو الذات أو نحو الآخر وقد يؤدي الى فوضى أكبر.

كما نبّهت من تأثير حال التشرذم هذه، على من لا يمتلكون القدرة الجسدية أو المادية على التحرّك، كالمسنين والمراهقين، الذين قد يصابون بنوع من اليأس، والذي يمكن أن يودي بهم الى الإنتحار.


إذاً بين الإنهيار والإنتحار قرار يغيّر المصير. إما نستمر بحال الجمود والنكران متجاهلين الواقع ونهرب من الحقيقة المرّة، عبر السهر في المقاهي وصرف الدولار، أو نعمل على توحيد القوى داخلياً واجتماعياً لإحداث تغيير عامّ وفعلي ونهائي.

فالأمل بحسب د. نهرا يبقى معلقاً على الجهود الداخلية، خاصةً للفئة المثقفة من المجتمع، القادرة على إيجاد حركة وعي، وتوحيد القوى من خلال المدارس والجامعات والبلديات والنقابات، من أجل تحقيق تغيير وطني بامتياز.