وثائق مسرّبة تكشف سياسة الصين ضدّ أقلياتها المسلمة

12 : 01

سلطات بكين سمّت السجون "مجرّد كلّيات تدريب" (أرشيف)

سلّط تسريب نادر وضخم لوثائق تابعة للحكومة الصينيّة ضوءاً جديداً على الحملة الأمنيّة بحقّ المسلمين في إقليم شينجيانغ الصيني، كاشفاً أن الرئيس شي جينبينغ أمَرَ المسؤولين بالتحرّك "بلا أي رحمة" ضد النزعات الانفصاليّة والتطرّف، وفق تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز".

وتقول مجموعات حقوق الإنسان وخبراء إنّه تمّ توقيف أكثر من مليون شخص من الأويغور وغيرهم من أفراد الأقلّيات المسلمة بمعظمها، في معسكرات احتجاز في أنحاء المنطقة الواقعة غرب البلاد. وتُقدّم الوثائق الداخليّة المكوَّنة من 403 صفحات، حصلت عليها الصحيفة الأميركيّة، لمحةً غير مسبوقة عن حملة الحزب الشيوعي الأمنيّة العالية السرّية، والتي تعرّضت لانتقادات دوليّة متزايدة، خصوصاً من الولايات المتّحدة. وتشمل الوثائق خطابات للرئيس الصيني لم تُنشر في السابق، إضافةً إلى توجيهات وتقارير تتعلّق بالرقابة والسيطرة المفروضة على أفراد أقلّية الأويغور.

ويُشير تسريب الوثائق إلى وجود شعور بعدم الارتياح ضمن صفوف الحزب الحاكم حيال الحملة الأمنيّة، إذ سرّبها عضو في المؤسّسة السياسيّة الصينيّة لم تذكر الصحيفة هويّته، آملاً بأن يمنع كشفُها القيادةَ، وفي مقدّمها الرئيس شي، من "الإفلات من الإدانة على خلفيّة الاعتقالات الواسعة". وكان شي قد دعا في خطاب أدلى به العام 2014 أمام المسؤولين بعدما قتل مسلّحون من الأويغور 31 شخصاً في محطّة قطارات جنوب غربي الصين، إلى "مواجهة الإرهاب والتسلّل والانفصال" باستخدام "أجهزة الديكتاتوريّة" وعدم إبداء "أيّ رحمة على الإطلاق".

وتوسّعت معسكرات الاحتجاز بشكل سريع عقب تعيين زعيم جديد للحزب في شينجيانغ هو شين كوانغيو، الذي وزّع خطابات الرئيس لتبرير الحملة الأمنيّة، وحضّ المسؤولين على "اعتقال كلّ من يجب اعتقالهم"، بحسب "نيويورك تايمز". ويُعرف شين في دوائر الحزب بطريقة تعاطيه مع الأقليّات، كونه قاد في الماضي سياسات متشدّدة هدفت إلى سحق المعارضة في التيبت.

وشملت الوثائق المسرّبة دليلاً يُقدّم إجابات للطلاب الذين عادوا إلى شينجيانغ ليجدوا أفراد عائلاتهم مفقودين أو معتقلين في المعسكرات، والذين قال لهم المسؤولون، بناءً على التوجيهات، إنّ أقاربهم أصيبوا بـ"فيروس التفكير المتطرّف" وهم بحاجة للعلاج قبل "تحوّل مرض صغير إلى مرض جدّي". كذلك، تُسلّط الوثائق الضوء على معاقبة الحزب مسؤولاً يُدعى وانغ يونجي، خضع لتحقيق من العام 2017 حتّى 2018 لعدم امتثاله للأوامر، كونه أطلق بمبادرة شخصيّة، أكثر من 7000 شخص من المعسكرات في شينجيانغ، وأعرب عن قلقه من أن "اعتقال هذا العدد الكبير من الناس قد يُثير نزاعاً ويُعمّق مشاعر السخط"، بحسب اعترافات له سُرّبت للصحيفة. ونفت الصين في بداية الأمر وجود المعسكرات، لكنّها وصفتها لاحقاً بأنّها مجرّد "كلّيات مهنيّة تهدف إلى إبعاد المحتجزين من التطرّف الإسلامي والعنف عبر التعليم والتدريب المهني". غير أنّ مجموعات حقوقيّة ووسائل إعلام أجنبيّة أكدّت أن وثائق رسميّة وصوراً التُقطت عبر الأقمار الاصطناعيّة تُظهر أن المنشآت معدّة ومُدارة كأنّها سجون. ورأى الخبير في العلاقات بين الأعراق في الصين والأستاذ في جامعة "لا تروب" في مدينة ملبورن الأستراليّة جيمس ليبولد، أنّ التسريبات "تؤكد بوضوح تامّ، وبكلمات الحزب نفسه، اعتقاله الواسع والمنهجي، وبوعي، للمسلمين في شينجيانغ خارج إطار القضاء". وقال لوكالة "فرانس برس" إن الوثائق تُظهر أنّه "كانت هناك مقاومة على المستوى المحلّي"، إذ تعرّض المسؤولون المحلّيون الذين لم يتّفقوا مع ذلك النهج للمعاقبة أو التطهير. وأضاف أن تسريب الوثائق يُعدّ "مؤشّراً مهمّاً إلى وجود كُثر داخل الحزب يعتقدون أن هذه سياسة غير حكيمة ويأملون في أن تتمّ محاسبة شي جينبينغ وشين كوانغيو".


MISS 3