جاد حداد

إستنساخ فئران من خلايا جلدية مجففة بالتجميد للمرة الأولى في العالم

13 تموز 2022

02 : 01

يواجه عدد كبير من الأجناس المتضائلة مشكلة التزاوج الداخلي الذي يزيد مخاطر العيوب الخلقية، لكنّ خسارة التنوع الجيني قد يجعل الحيوانات أكثر عرضة لتهديدات أخرى، مثل الأمراض التي تزيد الضغوط عليها.

إستعمل العلماء خلايا مجمّدة لإنتاج الكائنات المستنسخة بما يتماشى مع مشاريع الحفاظ على البيئة، لكن تُحفَظ الخلايا في النيتروجين السائل الذي يُعتبر مكلفاً وكثير المخاطر: إذا انقطعت الكهرباء أو لم تتم تعبئة النيتروجين السائل بانتظام، تذوب الخلايا ولا تعود صالحة للاستعمال. يمكن استخدام الحيوانات المنوية المجففة بالتجميد أيضاً في عمليات الاستنساخ، لكن لا يمكن الحصول عليها من جميع الحيوانات.

يقول المشرف الرئيسي على التجربة، تيروهيكو واكاياما، من جامعة "ياماناشي" في اليابان: "إذا تمكّنا من حفظ هذه الخلايا من دون النيتروجين السائل عبر استخدام تقنية التجفيف بالتجميد، يمكن تخزين الموارد الجينية من جميع أنحاء العالم بطريقة آمنة وغير مكلفة. ستتمكن الدول النامية حينها من تخزين مواردها الجينية القيّمة بنفسها. وحتى في الأجناس المُهددة بالانقراض التي يبقى فيها الذكور وحدهم على قيد الحياة، يمكن استخدام هذه التقنية لخلق الإناث وإعادة إحياء مختلف الأجناس".

أقدم الباحثون في أحدث تجاربهم على تجميد الخلايا الجلدية المجففة بعد أخذها من ذيول الفئران وخزّنوها لفترة وصلت إلى تسعة أشهر قبل محاولة خلق نماذج مستنسخة منها. قتلت عمليات التجفيف بالتجميد تلك الخلايا، لكن استنتج العلماء أنها تبقى قادرة على خلق أجنّة مستنسخة في مراحلها الأولى عبر دسّ الخلايا الميتة في بويضات الفئران بعد نزع نواتها.

تُعرَف أجنّة الفئران في مراحلها الأولى باسم "الكيسة الأريمية"، وقد استُعمِلت لإنتاج مخزون من الخلايا الجذعية التي مرّت بجولة أخرى من الاستنساخ. دسّ العلماء الخلايا الجذعية في بويضات الفئران بعد تفريغها من نواتها، ما أدى إلى إنتاج أجنّة حملت الفئران حتى نهاية فترة الحمل. بعد خلق فأر مُستنسخ سُمّي "دورامي" تيمّناً بروبوت كان يحب خبز الشمّام في مسلسل Doraemon Manga، تَبِعَه 74 فأراً آخر. للتأكد من سلامة الخصوبة لدى الحيوانات المستنسخة، تزاوجت تسع إناث وثلاثة ذكور مع فئران طبيعية. عادت جميع الإناث وأنجبت لاحقاً.

لكن رغم هذا الإنجاز، تبقى التقنية المستعملة غير فاعلة لأن التجفيف بالتجميد يُضِرّ بالحمض النووي في الخلايا الجلدية، وتتراوح نسبة النجاح في خلق صغار فئران سليمة، إناثاً وذكوراً، بين 0.2 و5.4%. اختفى الكروموسوم "واي" في جزءٍ من تلك الخلايا، ما يعني ولادة إناث الفئران من خلايا مأخوذة من ذكور. يكتب الباحثون في مجلة Nature Communications: "إذا تكررت العملية نفسها مع أجناس مُهددة بالانقراض ولا ينجو منها إلا الذكور، يمكن إنتاج الإناث والحفاظ على الفصيلة المستهدفة طبيعياً".

تتزامن هذه التجربة مع استعداد العلماء لتربية نسل أول أنثى مُستنسخة في العالم من فصيلة النمس أسود القدمين واسمها "إليزابيث آن"، في محاولة لتحسين التنوع الجيني في هذه الفصيلة. استُنسِخت هذه الأنثى من خلايا مجمّدة في النيتروجين السائل منذ 35 سنة.

تقول الدكتورة ألينا بانس من جامعة "هيرتفوردشاير" إن تخزين المواد الجينية "بالغ الأهمية" للحفاظ على عيّنات من الأجناس وتحسين تنوّعها الجيني أيضاً. لكنها تشدد على ضرورة التأكد من قدرة الباحثين على تخزين الخلايا المجففة بالتجميد لفترة غير محدودة قبل طرح حل فاعل وطويل الأمد.

إستنسخ الباحثون مجموعة فئران انطلاقاً من خلايا جلدية مجففة بالتجميد في سابقة تهدف إلى مساعدة مناصري حماية البيئة على إعادة إحياء الأجناس المُهددة بالانقراض. قد يسمح هذا الإنجاز للدول بتخزين الخلايا الجلدية من الحيوانات كتدبير احتياطي، لأن تلك الخلايا قد تُستعمل لخلق نماذج مستنسخة وتعزيز التنوع الجيني للأجناس إذا أصبحت مُهددة بالانقراض مستقبلاً.


MISS 3