شربل عازار

رئيسٌ سَيِّد أم رئيس بأمرِ السَيِّد؟

18 تموز 2022

02 : 00

شربل عازار

ليست هي المرّة الأولى التي ينقلب فيها أمين عام «حزب الله» السيّد حسن نصرالله على خطابات سابقة.

فقد سَبَقَ له غداة تفجير مرفأ بيروت أن أعلن أنّه يقف خَلف الدولة اللبنانيّة وقضائها ويتبنّى ما سوف يصدر عنها.

وإذ بعد حين ولأسباب مجهولة معلومة أصبح القضاء بالنسبة له منحازاً ومسيّساً ويخضع لتوجيهات السفارات.

فانسحب قاضي التحقيق العدلي فادي صوّان، وتعرّض خلفه القاضي طارق البيطار ولا يزال، الى شتّى أنواع الضغوطات وصولاً للتهديدات المباشرة في حَرَم قصر العدل، وصدر الأمر، بلسان وزيرٍ قاضٍ، بِشَلِّ مجلس الوزراء ومَنعِه من الانعقاد لفترة طويلة ووصلت الأمور الى مشارف حرب أهليّة جديدة بفعل الهجوم العلني المسلّح على عين الرمانة حيث كان للجيش اللبنانيّ بقيادته الحكيمة، كلّ الحكمة والشجاعة لمواجهة الموقف ولِوَأْد الفتنة في مَهدِها.

(سنتان مرّت على تفجير مرفأ بيروت ولم تنتهِ الأيام الخمسة التي وُعِدنا بها لكشف الحقيقة)

هكذا أيضاً البارحة، إنقلب السيّد حسن نصرالله على مواقفه بين خطاب وآخر وانتقل بسرعة البرق من ضِفّة الى ضِفّة معاكسة.

فبعد أن كان موقفه الرصين والواضح والصريح هو الوقوف خَلف الدولة في ما يختصّ بموضوع ترسيم الحدود البحريّة مع العدو الصهيوني، فإذا به في خطابه الأخير يعلن بالمباشر أنّ «الأمر لي»، والموت في الحرب استشهاد، والحرب أشرف والذهاب الى الحرب أشرف بكثير، والى كل ما شابه.

لن يختلف اثنان على أنّ وراء تبدّل موقف «حزب الله» ما هو أبعد من نزاعات بحريّة ونفطيّة بين إسرائيل ولبنان، خاصّة أن لبنان أبلغ الأمم المتحدة منذ عشر سنوات أنّ حدوده البحرية هي الخط 23. وبالرغم من الهمروجة المهزلة، او الكذبة التي حصلت منذ سنتين لتعديل المرسوم 6433 للوصول الى الخط 29٩، إلّا أنّ لبنان الرسمي أعاد مجتمِعاً إبلاغ المفاوض آموس هوكشتاين أنّ حدوده هي الخط 23.

إذاً «شُو عدا ما بدا» خلال فترة أيام لكي يطلّ السيّد نصرالله فيحدّد الحدود والأوقات والأسابيع والاحداثيات ويعلن مجدداً ان المقاومة ليست بحاجة الى الإجماع ولا الى موافقة أحد وهي صاحبة القرار وطليقة اليدين في منازلة امريكا واسرائيل وحلفائهما؟

إنّ إعلان أمين عام حزب الله في خطابات سابقة أنّ مال الحزب ورواتبه وتدريبه وسلاحه هي من إيران، وأنّ قائده وسيّده وحُسَيْنَه هو المرشد الأعلى للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة السيّد علي خامنئي يجعل التساؤل مشروعاً، لصالح ومصلحة مَنْ كان خطاب الحرب الذي أعلنه السيّد نصرالله في ظلّ المفاوضات والتحولات الكبيرة الجارية في المنطقة؟

مُلفِتٌ موقف غبطة البطريرك الراعي من بقاعكفرا بلدة شفيع لبنان في السماء القديس شربل، موقف أكّد فيه أنّه: «لا يحق لأيّ فئة أن تُنصِّب نفسها مكان جميع المرجعيات الدستوريّة وجميع المكوّنات اللبنانيّة وأن تقرّر مصير لبنان».

طبعاً دولتنا العَلِيَّة، الرئاسة، رئاسة الحكومة، الوزراء ... لا تندهي ما في حدا.

وحده انبرى رئيس التيّار الحرّ النائب جبران باسيل وعلى جَري عادته في استباق الجميع، ووزّع فيديو بصورته وصوته بعد أن أطربته معادلة السيّد حسن نصرالله الجديدة كاريش وما بعد كاريش وما بعد ما بعد كاريش، فقد قال باسيل بصوت جهوري وبثقة زائدة بالنفس:

«- نحنا بدنا نحافظ على الكرامة الوطنية... ورقة المقاومة هي عنصر قوة للبنان ت نْرَسِّم الحدود ونِسْتَخرج موارد وِنْحَصّل الحقوق.

- هيك بتتصرّف الدولة القويّة وهيك بتنحفظ الكرامة الوطنية وهيك بتكون السيادة».

هذا الكلام المتكرّر بتوقيته وحَرفِيَّتِه ينفي التوصيف السياسي المُعتمد لعلاقة النائب باسيل وما ومن يمثل مع «حزب الله» حيث يُقال إنّه تحالف مبني على ثنائيّة تبادلية قوامها، أَعطني الحُكْمَ والرِئاسة، وانا أُغَطّي وأحمي سلاحَك.

لا الأمر ليس كذلك.

فالعلاقة بين التيّار الحرّ و»حزب الله» ذهبت حتى أبعد ممّا وصفها الوزير التيّاري السابق بيار رفول حين أكّد وكرّر وأصرّ أن التيّار العوني، من المؤسس الى الرئيس الى القاعدة، هو جزءٌ لا يتجزأ من محور الممانعة، وقد انتصرنا. النائب باسيل يذهب أبعد حين يربط وجود الدولة القوية والكرامة الوطنية والسيادة بوجود المقاومة كونها عنصر قوة لبنان حسب زعمه، تماماً كما في إيران، قائدة المحور، حيث الحرس الثوري هو حامي الدولة والنظام وليس الجيش الرسمي الإيراني.

النائب باسيل صادق في إعلان إيمانه وانتمائه وانتماء تيّاره الى المحور الذي يقوده السيّد نصرالله في لبنان تحت إمرة المرشد الأعلى في إيران. نحن نحترم خَيَار التيّار الحرّ في الانتماء الى المحور الإيراني، كما احترمنا خَيَار القوميّين والبعثيّين في انتمائهم الى خارج الوطن، فلا أحد يُجادل الآخر في إيمانه ومعتقداته.

إنّما نحن ما زلنا وسنبقى نؤمن بلبنان الحياديّ المُستقلّ ونلتزم بدستوره وبمواثيق وقرارات الأمم المتحدة وننتمي الى جامعة الدول العربيّة ونحمل قضاياها.

من قلب المحور الإيراني، النائب جبران باسيل هو مرشّح جدّي لرئاسة الجمهورية اللبنانيّة التي تحميها المقاومة وسلاح المقاومة وسيّد المقاومة.

نداء عاجل ومُلِحّ، الى كلّ القيادات الروحيّة والوطنيّة والسياسيّة والنوّاب السياديّين والمستقلّين والتغييريّين الرافضين لهيمنة هذا المحور الذي أخذ ويأخذ لبنان الى الانهيار والى جهنّم،

إحذروا فخّ الذهاب الى أيلول من دون ان يكون في جعبتكم اسم رئيس الجمهورية المُقبِل.

مسؤوليتكم تاريخيّة مصيريّة وجوديّة.

بدنا رئيس سَيِّد،

مش رئيس بأمر السَيِّد.

MISS 3