المحامية جوزيان أسعد لحود

الزواج المدني... بلا "هرج ومرج"

18 تموز 2022

14 : 34

صار "الزواج المدني" في لبنان، احد اهم رموز التغيير والاصلاح وبناء دولة القانون التي يطالب بها المجتمع المدني في كل تجمّعاته واحزابه، بعد ان فرض هذا المجتمع وجوده على الساحة اللبنانية واصبح صوته مسموعاً ومهاباً شاء معارضوه ام أبوا.

ولكنّ "الزواج المدني" ليس موضوعاً جديداً حكراً على "ابناء التغيير" بل هو مشروع قديم كان وما زال يُطرح في مجلس النواب منذ اكثر من نصف قرن، وكان وما زال يُجابه بالرفض من قبل رجال الدين، مسلمين ومسيحيين، ومن قبل السياسيين على اختلاف مشاربهم، حتى ليُقال انّ هؤلاء المنقسمين على كل المواضيع توحّدوا لرفض تشريع واقرار قانون "الزواج المدني".


وفي هذا السياق لا بدّ من التنويه بتواريخ ثلاثة شهدت فيها البلاد حملات جديّة للمطالبة بالزواج المدني، واكثر تحديداً المطالبة بقانون أحوال شخصية موحّد يطبّق على كل الطوائف، وهي سنة 1951، عندما اعلنت نقابة المحامين الإضراب المفتوح احتجاجاً على إقرار قانون 2 نيسان 1951 الذي كرّس صلاحيات المراجع المذهبية للطوائف المسيحية والإسرائيلية اسوّة بصلاحيات الطوائف المسلمة المكرسة بالمرسوم الاشتراعي رقم 241 تاريخ 4/11/1942، المعدّل بقانون 4 كانون الاول 1946، حيث طالبت نقابة المحامين بالغاء قانون 1951، وسنة 1971 عندما عُرِضَ على المجلس النيابي قانون موحّد للأحوال الشخصية نصّه الأستاذ عبدالله لحود وعرضه الأستاذ جوزف مغيزل الذي كان يشغل امانة الحزب الديموقراطي وهو حزب علماني تبنّى مشروع القانون، وفي ما بعد حمل مشروع هذا القانون الاستاذ أوغست باخوس الى مجلس النواب حيث قام عدد كبير من الحقوقيين بحملة للمطالبة بإقراره، قادها الأساتذة لحود ومغيزل وباخوس، ولكن سرعان ما نام المشروع في ادراج لجنة العدل والادارة النيابية؛ وسنة 1998 عندما اقرّ مجلس الوزراء مشروع قانون أحوال شخصية اختياري باقتراح من رئيس الجمهورية آنذاك الياس الهراوي ولكن لم يجد هذا المشروع طريقه الى المجلس النيابي.


وانّ "الزواج المدني" المحكي عنه هو "الزواج المدني المعقود في لبنان"، باعتبار "انّ الزواج المدني المعقود في الخارج" معترف به قانوناً منذ سنة 1936، ويمكن تسجيله في دائرة النفوس أسوة بالزيجات الدينية، وذلك بغض النظر عن الاشكاليات التي يثيرها الزواج المعقود مدنياً في الخارج من تنازع القوانين واختصاص المحاكم، لا سيّما عندما يكون الزوجان او احدهما منتمياً الى احدى الطوائف الاسلامية.

سوف لن اتناول تلك الاشكاليات بل سأتوقف عند الزواج الذي يعقد في لبنان امام الكاتب العدل على انه زواج مدني يجيزه القانون اللبناني وتحديداً المادة 10 من القرار رقم 60/ل.ر. تاريخ 13/3/1936 الذي "يقرّ نظام الطوائف الدينية" والصادر عن المفوض السامي الفرنسي دي مارتيل.

إستناداً الى المادة 10 المذكورة تمّ تنظيم، في شهر تشرين الثاني سنة 2012، اول عقد زواج امام الكاتب العدل في لبنان ما بين نضال درويش وخلود سكرية، وانقسمت الآراء حول قانونية هذا الزواج الذي غطته وسائل الاعلام، في كل ما اعترضه من عقبات واهمها رفض قيّده في قلم الاحوال الشخصية/سجل النفوس من قبل السلطة المختصة التي احالت المسألة الى وزير الداخلية.


في شهر نيسان 2013 وبناء لاستشارة صادرة عن الهيئة الاستشارية العليا بطلب من وزير العدل، تمّ قيّد زواج سكرية ودرويش، بعد ان ابدت هذه الهيئة انّ زواجهما قانوني ووافق وزير الداخلية آنذاك السيد مروان شربل على قيده.

بتواريخ لاحقة جرى تنظيم عدة عقود زواج امام الكاتب العدل لكنّها لم تسجّل في قلم الاحوال الشخصية/النفوس بسبب تمنّع وزراء الداخلية المتعاقبين عن ابداء الموافقة على هذا التسجيل.

بادئاً تقتضي الاشارة الى انّ تسجيل عقد الزواج في دائرة الاحوال الشخصية ليس شرطاً لصحة العقد، فالزواج يُعتبر منعقداً بمجرد الاحتفال به امام السلطة المختصة وينتج مفاعيله القانونية فوراً عند حصوله. وانّ القانون لا يلحظ موافقة وزير الداخلية على قيّد وثيقة الزواج في قلم الاحوال الشخصية. الاّ انّ القانون يوجب قيد كل وثائق الاحوال الشخصية اجبارياً في جميع الاراضي اللبنانية، وانّ التسجيل هو شرط لاثبات عقد الزواج (قرار رقم 2851 صادر في اول كانون الاول 1924).


اما المادة 10 من القرار 60/ل.ر. (المعدلة بالمادة 1 من القرار 146 تاريخ 18 تشرين الثاني سنة 1938) التي يستند اليها منظّمو الزواج المدني في لبنان ومؤيّدوه (المشار اليهم في ما يلي بـ "المؤيّدين") فهي تنص على ما يلي:

"يخضع السوريون واللبنانيون المنتمون الى الطوائف المعترف بها ذات الاحوال الشخصية لنظام طوائفهم الشرعي في الامور المتعلقة بالاحوال الشخصية ولاحكام القانون المدني في الامور غير الخاضعة لهذا النظام.

يخضع السوريون واللبنانيون المنتمون الى طائفة تابعة للحق العادي وكذلك السوريون واللبنانيون الذين لا ينتمون لطائفة ما للقانون المدني في الامور المتعلقة بالاحوال الشخصية.


اما الاجانب وان كانوا ينتمون الى طائفة معترف بها ذات نظام للاحوال الشخصية فإنهم يخضعون في شؤون الاحوال الشخصية لاحكام قانونهم الوطني".

يُفهم من صياغة الفقرة الثانية من المادة 10 المذكورة انّ تطبيقها يستوجب توفّر الشرطين التاليين: ان يكون اللبناني الراغب في الزواج مدنياً غير منتمي لأيّة طائفة، وان يتضمّن التشريع اللبناني قانوناً مدنياً يتعلق بالاحوال الشخصية.

وبرأيي انّ المؤيّدين اعتمدوا رؤية مبسطة للامور عندما افتوا انّ الزواج المدني المعقود في لبنان هو قانوني سنداً للمادة 10 فقرة (2)، فاعتبروا انّ اللبناني الذي يشطب اشارة مذهبه عن الهوية يصبح بدون طائفة (!) وبأنّ القانون المدني المطبّق على اللبناني الذي لا ينتمي الى طائفة هو قانون الموجبات والعقود (!) وعلى هذا الاساس رأى المؤيّدون انّ الكاتب العدل يمكنه في الحالة المطروحة تنظيم عقد زواج مدني في لبنان لعدم وجود نص قانوني يمنع ذلك (!) ورأوا انّ عقد الزواج هذا يخضع لحرية الارادة وبالتالي يمكن للزوجين المتعاقدين اختيار "القانون الاجنبي" الذي سيرعى مفاعيل زواجهما باعتباره قانون العقد، لأنّه لا يوجد في لبنان "قانون مدني يتعلق بالاحوال الشخصية". وبالعودة الى عقد زواج سكرية ودرويش فإنهما اختارا تطبيق القانون الفرنسي.


ولئن حظي بتغطية رأي هيئة الاستشارات العليا التابعة لوزارة العدل، الاّ انّ شوائب ونواقص عديدة اعترت عقد الزواج المدني المنظّم في لبنان، لذلك كان لا بدّ من تبيان هشاشة الحجج القانونية التي يتمسك بها المؤيّدون والتساؤلات التي يطرحها هذا العقد الذي اعتبروه زواجاً مدنياً قانونياً.


اولاً وتعقيباً على المادة 10 فقرة (2) من القرار 60/ل.ر. التي يستند اليها المؤيّدون، لا يوجد في لبنان "قانون مدني يتعلّق بالاحوال الشخصية"، وانّ هذه المادة ترعاها بصورة حصرية والزامية القوانين الطائفية المذهبية؛ وثانياً انّ الاحوال الشخصية لا تتناول فقط الزواج ومفاعيله بل هي تضمّ شريحة واسعة من الحقوق والموجبات اللصيقة بشخص الانسان، كالاسم والبنوة والتبني والاهلية والوصاية والارث (عند الطوائف المحمدية باعتبار انّ غير المحمديين يخضعون في لبنان لقانون ارث مدني صادر في 23/6/1959).


والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل انّ مبادرة ايّ شخص لبناني الى شطب اشارة مذهبه/طائفته عن الهوية يؤدي الى اخراجه من الطائفة فيمسي هذا الشخص بدون طائفة، مع العلم انّ هذا الاجراء الشكلي ايّ شطب المذهب عن الهوية او سجل النفوس أُجيز بموجب تعميم وزاري صادر عن وزير الداخلية الاستاذ زياد بارود سنة 2009؟ والسؤال الآخر الذي يطرح نفسه - اذا ماشينا المؤيّدين في رأيهم واعتبرنا انّ الزوجين اللبنانيين اللذين لا ينتميان الى طائفة، يمكن لهما عقد زواج مدني في لبنان واخضاعه للقانون الاجنبي الذي يختارانه - ما هو القانون الذي يطبّق على هذين الزوجين بدون طائفة في ما يتعلق بالامور الاخرى المتعلّقة باحوالهما الشخصية علماً انه لا يوجد في لبنـان قانون مدنـي ينظّـم الاحوال الشخصيـة (باستثناء قانون الارث لغير المحمديين) كما سبق قوله؟


وفي الواقع انّ نظام الاحوال الشخصية في لبنان هو "نظام مغلق" اذ لا مجال للبناني ان يدير شؤون احواله الشخصية خارج انتمائه الطائفي (المحامي ابراهيم طرابلسي – الزواج ومفاعيله لدى الطوائف المشمولة في قانون 2/4/1951)؛ وانّ مقاربة المسائل المطروحة من منظار واقعي في بلد يعتمد نظام الستة والستة مكرّر، يحتّم القول انّ الانتماء الطائفي هو من الركائز الاساسية لممارسة الفرد لحقوقه الشخصية والمدنية والسياسية والادارية، وعليه لا يمكن لأيّ لبناني يقيم في لبنان او لا يحمل جنسية بلد آخر ان يكون بلا طائفة، ولا يمكن له ان يتمتع بحقوق وموجبات في مجال الاحوال الشخصية وايضاً في المجالات السياسية والادارية والتوظيفية والمدنية.

من هنا القول انّ شرطي المادة 10 فقرة (2) هما مترابطان وبالتالي غير متحققين في ظل النظام التشريعي القائم، اذ لا يوجد لبناني لا ينتمي الى طائفة ويخضع لقانون مدني متعلّق بالاحوال الشخصية، وبالتالي فانّ "الزواج المدني المعقود في لبنان" انما بُني على استحالة قانونية، وبتعبير آخر بُني على نفي او انعدام قانوني.


من ناحية اخرى، وممّا لا شك فيه انّ للزواج طابعين تعاقدي وتنظيمي، باعتبار انّ الزواج "مؤسسة" تنشأ في اطارها علاقات قانونية عدة بين الزوجين وتستمر لفترة من الزمن، لذلك تحرص الدول على ان تطبّق على مؤسسة الزواج قانوناً موحّداً ينضوي تحت رايته ابناء الوطن الواحد او المقيمين على ارض الوطن، الامر الذي يفعّل سيادة الدولة ويبسط سلطتها على مواطنيها والمتواجدين على ارضها.

وهذا ايضاً ما تجاهله المؤيّدون، اذ قالوا بتطبيق قانونين اثنين على عقد الزواج المدني المعقود في لبنان، قانون الموجبات والعقود اللبناني من حيث الشكل، وقانون العقد الذي يختاره الزوجان من حيث الاساس ايّ مفاعيل الزواج؛ وحجة هؤلاء انّ القانون اللبناني يعترف بالزواج المدني المعقود في الخارج ويطبّق عليه القانون الاجنبي الذي نُظِّم الزواج في ظلّه، سنداً للمادة 25 من القرار 60/ل.ر.


انّ مقاربة مسألة القانون المطبّق التي يطرحها الزواج المدني المعقود في لبنان، تستوجب الاحتكام الى قواعد القانون الدولي الخاص، لمعرفة ما اذا كان مثل هذا الزواج صحيحاً وقانونياً. وفي هذا السياق يستوقفنا نص المادة 24 فقرة (1) و(2) من القرار 60/ل.ر. الذي يُستفاد منه أنّ نيّة مشترع هذا القرار متّجهة الى منع تطبيق ايّ قانون اجنبي لا علاقة للزوجين اللبنانيين به على عقد زواجهما تحت طائلة البطلان، والنص هو التالي:

"فيما عدا الاستثناء المنصوص عليه في المادة 25 ادناه يكون لاغياً وليس له اي مفعول شرعي الزواج المحتفل به وكذلك الصكوك او الموجبات المتعلقة بالاحوال الشخصية المتممة او المعقودة وفقاً لقانون لا يخضع له احد الطرفين المتعاقدين.


يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 20 خادم الدين او ضابط الاحوال الشخصية الذي احتفل بهذا الزواج او استلم هذه الصكوك او عاينها".

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل يجوز لكاتب العدل ان ينظّم عقد زواج بين لبنانيين في لبنان مطبّق عليه قانون أجنبي؟ يُفهم من المادة 24 السابقة الذكر انها تمنع تنظيم مثل هذا الزواج تحت طائلة الغاء عقد الزواج المعقود وفق قانون لا يخضع له احد الطرفين المتعاقدين، وانزال عقوبة الحبس بالشخص الذي نظّمه. امّا العقوبات المنصوص عنها بالمادة 20 المذكورة آنفاً فهي السجن من شهر الى ثلاثة اشهر والغرامة.


كذلك وفي موضوع القانون المطبّق على الزواج المدني، لا يجب ان نتجاهل رأي وموقف القضاة اللبنانيين من تطبيق القوانين الاجنبية على الزيجات المدنية المعقودة في الخارج، بحيث تعترضهم تعقيدات في تفسير وتطبيق قوانين اجنبية لا علاقة لهم بها وغريبة عن التشريعات الوطنية، تتطلب منهم ايجاد حلول عادلة لعقبات جمّة ولتنازع القوانين والمصالح واختصاص محاكم، وهذا ما سلّط عليه الضوء القاضي جوني القزي المتخصص في هذا المجال في كتابه "القاضي اللبناني في مواجهة قوانين العالم"، وهو يطالب بقانون موحّد للاحوال الشخصية "عوض عن اشغال قضاة لبنان في مواجهة قوانين العالم بأجمعه". (محاضرة القاضي جوني القزي عن الزواج المدني في بيت المحامي منشورة في مجلة البيان عدد 425، نيسان 2007 - ومقالة الدكتور ابراهيم طرابلسي عن كتاب القاضي القزي "ازمة نظام الاحوال الشخصية في لبنان" منشورة في جريدة النهار عدد 7 تموز 2008).


ففي حال تغاضينا عن البطلان المنصوص عنه في المادة 24 من القرار 60/ل.ر. السابقة الذكر لسبب تنظيم عقد زواج وفقاً لقانون اجنبي لا يخضع له الزوجان، يبقى انّ القانون الاجنبي الذي يختاره الزوجان كي يرعى مفاعيل زواجهما باعتباره قانون العقد الخاضع لحرية الارادة، لا يكون بالضرورة ذات تطبيق الزامي او حتى قانوني. اذ قد يكون القانون الاجنبي غير جائز التطبيق على زواج اللبنانيين وفق قاعدة تنازع القوانين الخاصة به ايّ بالقانون الاجنبي المطبّق او بقانون القاضي الناظر بالنزاع.


اذ يمكن للقاضي (اجنبياً كان أم لبنانياً) الناظر بأيّ نزاع ناشئ بين الزوجين، ان يقرّر عدم تطبيق القانون الاجنبي على عقد زواجهما لانتفاء ايّة روابط بين هذا العقد والبلد الاجنبي. لا سيّما وانّ اطلاق حرية الزوجين في اختيار قانون الزواج بدون ايّة شروط تبعيّة وبدون توفر روابط للزوجين مع البلد الاجنبي الذي اختارا قانونه، يتيح ويسهّل عمليات التحايل ويعرّض مؤسسة الزواج للاهتزاز، ما يجعل حقوق وموجبات الزوجين عرضة لاعتباطية الخيار ولعدم الثبات. كما يمكن للقاضي اللبناني اقصاء القانون الاجنبي وعدم تطبيقه في حال تعارض احكامه مع الانتظام العام.


هذا في ما يتعلق بأساس عقد الزواج المدني، امّا في ما يتعلق بالشكل، فالقول بأنّ تنظيم هذا العقد يدخل ضمن اختصاص الكاتب العدل عملاً بالمادة 22 بند (1) من نظام كتاب العدل، لأنه لا يوجد في التشريع المدني اللبناني نص مانع، ينمّ عن تجاهل غير مقبول للاجراءات الشكلية الجوهرية التي تلازم تنظيم عقد الزواج في كل البلدان وكل التشريعات المدنية والمذهبية، مثال الاستحصال مسبقاً على شهادة اطلاق الحال للتأكد من عدم وجود عوائق للزواج لا سيّما ارتباط احد الزوجين بزواج آخر او شهادة الاهلية او الاستحصال على شهادة طبية. كما انه ينمّ عن تجاهل غير مقبول لشروط انعقاد الزواج وهي ايضاً جوهرية. فاذا كان من الصحيح انه لا يوجد في لبنان قانون يمنع عقد الزواج المدني الاّ انه لا يوجد قانون يشرّع وينظّم هذا الزواج.


والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يجري تنظيم عقد زواج بدون الالتزام بالاجراءات وبالشروط الشكلية الجوهرية للزواج وبدون التحقق من توفر هذه الشروط، لا سيّما شرط العمر والاهلية ودرجة القرابة بين الزوجين والالتزام بمهل محددة في ما يتعلق بالمرأة المطلّقة او الارملة او المرأة الحامل الخ...؟ وايّة شروط واجراءات شكلية يجري تطبيقها من قبل الكاتب العدل في ما يتعلق بالزواج المدني المعقود في لبنان؟

هذا مع العلم انّ قانون الموجبات والعقود لم يلحظ في نصوصه احكاماً مخصصة لعقد الزواج وشروط انعقاده (!)

ومرة اخرى يمكن القول ان عقد الزواج المدني في لبنان بُنِيَ على استحالة قانونية لا بل على نفي او انعدام قانوني.


لكل ذلك أرى انّ تأييد الزواج المدني المعقود في لبنان يفتقر الى نظرة شمولية لموضوع الزواج المدني واشكالياته، بعد ان تحوّل الى مادة سياسية شعبوية وغُيِّبَ عن التحليل القانوني العلمي. وانني اذ اؤيّد الزواج المدني، اتمنّى لو يتمّ طرحه ومناقشته ضمن أُطُر تشريعية متينة وبنّاءة بعيداً عن "الهرج والمرج" الذي شهدناه.

MISS 3