بكين بدأت تفقد صبرها

حصار "البوليتكنيك" يتأزّم في هونغ كونغ

10 : 58

قوّات الأمن تعتقل محتجّين حاولوا الفرار من الحرم الجامعي أمس (أ ف ب)

لا يزال عشرات المحتجّين المدافعين عن الديموقراطيّة المنهكين والمحاصرين داخل حرم جامعة "البوليتكنيك"، يتحدّون تحذيرات الشرطة ودعواتها لهم للاستسلام، مؤكّدين عزمهم على البقاء داخل المجمّع الجامعي، فيما دخل حصار قوّات الأمن للجامعة يومه الثالث أمس، وسط إشارات جديدة من سلطات بكين إلى أن صبرها بدأ ينفد.

ويتواجد عدد من طلاب المدارس الثانوية ضمن المحاصرين داخل الجامعة، الذين يخشون الاعتقال أو القتل عبر إطلاق الشرطـــة النار عليهم، بينما أفلت بعض المحتجّين من الحصار من خلال مدّ حبال من جسر مشاة جانبي إلى طريق فرعي، حيث كان أشخاص ينتظرونهم على متن درّاجات ناريّة، وغادروا المكان، وذلك بعدما تدفّق عشرات الآلاف من الأشخاص إلى حرم الجامعة، حيث اندلعت اشتباكات مع الشرطة في منطقة كولون القريبة، في جهد منسّق لتشتيت انتباه الشرطة أثناء عمليّة الفرار.

وصدّ المحتجون مراراً محاولات الشرطة للهجوم عليهم، عبر إلقاء وابل من زجاجات "المولوتوف" والسهام المشتعلة والحجارة. كما أضرموا النيران في مدخل الجامعة الإثنين. وتُشكّل هذه المواجهة أشدّ وأطول أزمة خلال الاحتجاجات المطالبة بالديموقراطيّة في هونغ كونغ. كما تسبّبت مرحلة جديدة من الاضطرابات الجماعيّة الأسبوع الماضي، في حدوث فوضى في كافة أنحاء المركز المالي العالمي، مع إغلاق المدارس وتعطّل خطوط القطارات وقطع الطرق الرئيسيّة بمتاريس وضعها محتجّون. وشكّل اتجاه الثوّار للاستيلاء على جامعة "البوليتكنيك" في نهاية الأسبوع تكتيكاً جديداً أيضـاً. وفي أوّل تعليـــق علني لها على أزمة "البوليتكنيك"، أعلنت حاكمة المدينة غير المنتخبة كاري لام خلال مؤتمر صحافي أمس أن على المحتجّين الباقين الاستسلام إذا أرادوا نهاية سلميّة، مضيفةً: "لا يُمكن تحقيق هذا الهدف إلّا من خلال التعاون الكامل للمحتجّين، بمن فيهم بالطبع مثيرو الشغب الذين يتعيّن عليهم وقف العنف والتخلّي عن الأسلحة والخروج بسلام والانصياع لتعليمات الشرطة". وأوضحت لام أن القاصرين الذين يستسلمون لن يُعتقلوا، لكنّ المتظاهرين الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاماً سيُواجهون تهم ممارسة الشغب، مشيرةً إلى أن نحو مئة شخص ما زالوا داخل الحرم.

وردّاً على سؤال حول الظروف التي ستدفعها لطلب المساعدة من حامية المدينة التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني، أجابت أنّه في حال لم تستطع سلطات المدينة التعامل بكفاءة مع "مثيري الشغب" وتصاعد العنف، وتابعت: "لكن في الوقت الحالي ما زلنا نُظهر الكفاءة للتعامل مع الموقف بأنفسنا".من ناحيته، كشف مفتش الشرطة كووك كا شيون أنّ السلطات أوقفت نحو 1000 شخص الساعات خلال الـ24 الماضية، مشيراً إلى أن ذلك يتضمّن طلاباً فرّوا من حرم الجامعة وآخرين ساعدوهم على الهرب بواسطة درّاجات ناريّة. وفي تعارض مع تصريحات لام، أصرّ كووك على أن كلّ شخص موقوف سيُواجه قوّة القانون، وقال: "بغضّ النظر عن سنّهم والأسباب، عليهم تحمّل تبعات أفعالهم". وخارج حرم الجامعة، توافد أقارب المحتجّين المحاصرين، وقد بدا عليهم التوتر والقلق على مصير ذويهم، خصوصاً مع استحضار ذاكرتهم لـ"مجزرة تيانانمين" التي ارتكبها الجيش الصيني القرن الماضي، في وقت أكّدت السلطات الشيوعيّة في بكين أنّها هي وحدها صاحبة السلطة للبت في القضايا الدستوريّة في هونغ كونغ، كما دانت قراراً للمحكمة العليا في المدينة بإلغاء الحظر على أقنعة الوجه التي يرتديها المتظاهرون.

وشدّد الناطق باسم لجنة الشؤون التشريعيّة في مؤتمر الشعب الوطني زانع تايواي، على أن مؤتمر الشعب وحده يملك الحق للحكم في ما إذا كان أيّ قانون يتوافق مع القانون الأساسي، أيّ الدستور المصغّر للمدينة. ورأى أن قرار محكمة هونغ كونغ "أضعف بشدّة حكم كاري لام وسلطات المدينة".

من جهتها، دعت مفوضيّة الأمم المتّحدة العليا لحقوق الإنسان سلطات هونغ كونغ إلى إيجاد "حلّ سلمي" لحصار الحرم الجامعي، معتبرةً أن "اللجوء إلى العنف، بما في ذلك ضدّ الشرطة، من قبل بعض المتظاهرين أمر مؤسف للغاية ولا يُمكن السكوت عنه".


MISS 3