نبيل منوال يونس

السيرة الذاتية الضريبية

22 تموز 2022

02 : 00

إن أهم مطالب اللبنانيين في المرحلة الحاضرة هو تفعيل المحاسبة التي غابت عن حياتنا السياسية والاجتماعية والإدارية والتي أدّى غيابها الى انهيار اقتصادي ونقدي، فبرزت الحاجة الى إجراءات عاجلة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والإنمائية.

ظنّ البعض أن محاسبة السياسيين والإداريين تتحقق بمجرد الكشف عن حساباتهم المصرفية من جرّاء رفع السرية عنها، إلا أن رفع السرية المصرفية يبقى عديم الفائدة بالنسبة الى المسؤولين السياسيين والإداريين الذين احتاطوا باستعمال أسماء مستعارة أو بتوظيف أموالهم بموجودات غير نقدية أو بتحويلها الى الخارج. فإذا كانت الغاية من اكتشاف الجرائم هي التمهيد للمحاسبة، يبقى أن رفع السرية المصرفية هو عديم الفائدة، سواء قضائياً ام لدى محكمة الرأي العام إذا لم تعقبها محاسبة ومساءلة.

فعلى اثر حراك 17 تشرين بدأت الصحافة والناشطون بكشف فضائح عديدة بقيت موضوع حلقات تلفزيونية وأصبحت مجرد نبأ صحفي ولم يتحرك لها الحق العام للمحاسبة ونسيها الرأي العام.

إن الثورات هي كالاختراعات وكالأفكار تأتي عندما يحين وقتها وعندها تصبح حتمية.

فإذا كانت الثورة بمفهومها الواسع لم تأتِ بعد الى لبنان فلأن حسّ المحاسبة، بتعريفها الدقيق، لم يكن قد نضج بعد عند أكثرية اللبنانيين، لذلك اقتصر الحراك على الفضائح والغضب وخلا من المحاسبة.

إذا كانت المحاسبة المبنية على معلومات عن حيازة الأموال النقدية والحسابات المصرفية الصعبة التحقيق، لأن لرفع السرية المصرفية نتائج محدودة، فيبقى أنه بالامكان تحقيق المحاسبة استناداً الى الاطلاع على التصريحات الضريبية للسياسيين ولموظفي الدولة وللقيمين على المؤسسات المولجة بإدارة المال العام، الحاليين والماضين منهم، والمرشحين لها، بغية التحقق من صدقها ام عدم صدقها.

لذلك بالإمكان، بل يقتضي، اشتراط تقديم سيرة ذاتية ضريبية على كل مرشح سياسي أو إداري، لآخر عشرين سنة بغية محاسبتهم على اساس تناسب مستوى العيش والمصروف مع المدخول المصرح به ولتفسير ملكيّة الأموال النقدية والعينية وعلى أساس الصدق الضريبي الذي يبقى معياراً أساسياً للمحاسبة في الدول المتطورة.

ان السيرة الذاتية للتصريح الضريبي، فيما إذا اعتمدت، ستفسح المجال للمساءلة من قبل الرأي العام بالإضافة الى إمكانية المحاسبة القضائية والمسلكية.


MISS 3