محمد دهشة

طلاّب صيدا يعيشون "الاستقلال الثاني" في الساحات

22 تشرين الثاني 2019

02 : 00

لم يكن اليوم الدراسي في مدارس مدينة صيدا، الرسمية منها والخاصة، عادياً، إذ فرض عيد الاستقلال الوطني السادس والسبعين نفسه بنداً طارئاً على جدول الطلاب، وسط مقارنة بين لحظة تحرر لبنان من الإنتداب الفرنسي في 22 تشرين الاول 1943 عشية إطلاق سراح رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة اللبنانية رياض الصلح من الاعتقال، وبين "الحراك الاحتجاجي" الذي اندلعت شرارته في 17 تشرين الأول، والذي يعتبره البعض شبيهاً بالاستقلال الأول لجهة كونه انطلاقاً لانقاذ لبنان من الطائفية والمذهبية ومن الفساد والهدر.

وقالت المشرفة التربوية إيمان حنينة لـ"نداء الوطن" إنّ "غالبية المدارس في صيدا خصصت حصة واحدة عن الاستقلال الوطني لشرح معانيه أمام الطلاب"، مشيرة الى أنّ "الطلاب يعيشون الاستقلال اليوم في الساحات والميادين والشوارع ويعبرون عن تطلعاتهم وأحلامهم".

وقال الطالب علاء حجازي لـ"نداء الوطن": "لقد درست إستقلال لبنان من خلال الكتب والمحاضرات، داخل المدارس المقفلة والصفوف المغلقة، ولكنني اليوم أعيش تباشير الاستقلال الجديد في الساحات والميادين والشوارع، نريد ان نبني مستقبل لبنان الجديد".

بينما شددت الطالبة منى النقوزي على أنّ "الاستقلال الوطني يحمل اليوم معاني جديدة في حياة اللبنانيين، وسيبقى منقوصاً اذا لم ينالوا كامل مطالبهم المحقة التي يعبرون عنها في الساحات والميادين. اللبناني يريد حكومة انتقالية ومحاربة الفساد والهدر واستعادة الأموال المنهوبة، كي يعيش في ظل دولة تسودها العدالة والمساواة والقوانين".

خريطة لبنان

وفي مدرسة الحاج بهاء الدين الحريري احتفل الطلاب بعيدي العلَم والاستقلال، فشكّلوا بقاماتهم خريطة لبنان والرقم 76 الذي يجسد العيد السادس والسبعين للإستقلال، بعدما تحولت باحة المدرسة الى ساحة عرض عسكري رمزي قام به مئات التلامذة وهم يرتدون زي الجيش اللبناني، موجهين له التحية ومنشدين النشيد الوطني وملوحين بالعلم اللبناني الذي ارتسم ايضاً على جباه ووجنات وقمصان تلامذة قسم الروضة الذين شكلوا العلم اللبناني بقصاصات ورقية.

وقام مدير المدرسة الدكتور أسامة ارناؤوط بمشاركة رئيسات الأقسام والهيئة التعليمية وعدد من التلامذة برفع العلم اللبناني على سارية في وسط مكان الاحتفال على وقع الأغاني الوطنية.

وشرح الطلاب قمر نجم، هدى فتوني، ياسمينة زعتري ونور نجم، معاني الاستقلال، كل على طريقته. فأشار بعضهم إلى أنّ "الوطن ليس أرضاً نعيش عليها فقط، وإنما هو كيان يعيش فينا، وتاريخه ليس كأي تاريخ، إنما هو تاريخ صنعه رجال عظماء ولم تصنعه الصدف". وأشار آخرون إلى أنّ "الوطن هو المدرسة الحقيقية التي نتعلّم في رحابها الانتماء والتمسّك بالأرض.

خارج أسوار المدارس، بدا الاقبال على شراء العلم اللبناني لافتاً خلافاً لكل المرات السابقة، إذ تتزين محال بيعه بأشكاله المختلفة: صغيراً ومتوسطاً وكبيراً، إضافة الى "الشال" والقبعة و"ربطة اليد"، ولكل واحد منها سعر مختلف، يبدأ من الالف وينتهي بالعشرة الآف. ويقول احد اصحاب المحال في صيدا، بسام درزي لـ"نداء الوطن" إنّ "الاقبال على شراء العلم اللبناني كان لافتاً وبخاصة في الايام الأولى من الحراك الاحتجاجي، تراجع تدريجياً، ولكنه اليوم عاد الى أوجّه لمناسبة عيدي العلم والاستقلال. هذه ظاهرة رائعة، لانها وحّدت اللبنانيين تحت ظلال العلم اللبناني بعيداً من أي رايات أخرى، نأمل ان يحقق هذا الحراك النتائج المرجوة منه لانه فعلاً يعتبر بداية خلاص لبنان من كل أزماته وضائقته".

"إستقلال الشعب"

وفي "ساحة الثورة" عند تقاطع "ايليا"، يستعد المحتجون للقيام بسلسلة نشاطات لمناسبة عيدي الاستقلال والعلم تحت عنوان "إستقلال الشعب"، أبرزها تشكيل علم لبناني ضخم في "ساحة الثورة" بمشاركة حشود من "الثائرين" تحت شعار "للعلى للعلم"، وذلك الساعة الثالثة عصر اليوم الجمعة، على أن تسبق مسيرة "شعبية مدنية"، تنطلق من ساحة "الشهداء" الى "ساحة الثورة" الساعة الثانية ظهراً، إضافة الى فطور جماعي بعنوان "ترويقة عالحصيرة... منجيب أكلنا معنا ليصير بيننا خبز وملح" الساعة التاسعة والنصف صباحاً.

وللمناسبة، وضع ممثل الرؤساء الثلاثة النائب ميشال موسى اكليلاً من الزهر على ضريح أحد رجالات الاستقلال عادل عسيران في صيدا، حيث أُقيم احتفال في حسينية دار الإفتاء الجعفري في مدينة صيداـ تحدث خلاله النائب موسى معتبراً "أنّ المجتمع اللبناني يتخبّط بحراك كبير يجب أخذ الأفكار التي تطلق في الاعتبار والإصغاء جيداً إلى الناس"، آملاً "أن تنتهي هذه الأزمة على خير وان يكون لنا قيامه أخرى أقوى من الماضي من أجل هذا الوطن الذي يستحق من الجميع العمل الحثيث وكل الجهود من أجل القيامة الجديدة، ولأجل أن يكون لبنان موحداً بشعبه وقادراً أن ينطلق بالتحديات القادمة التي تحيط بهذه المنطقة، ليس أقلها التحديات والمشاكل الأمنية والحروب المحيطة فيه. وبالطبع الأزمة الاقتصادية التي قد تكون جزءاً من هذا الموضوع إضافة لتصحيح وتطوير الإدارة والعمل السياسي والمقاربات السياسية في هذا المجال".

ثم ألقى النائب علي عسيران كلمة قال فيها: "يعزّ علي اليوم في هذه الذكرى العزيزة على قلوبنا جميعاً أن نرى الوطن موجوعاً ممزقاً ولا نملك حلولاً ناجعة لمنع تفكك وحدة الوطن وابنائه، وإننا ماضون على الدرب للحفاظ على الشعب والوطن والدولة والجيش".


MISS 3