الاستقلال في زمن الثورة

التاريخ لا يعود الى الوراء

02 : 00

تأتي ذكرى الإستقلال هذا العام غير كل سابقاتها. فإذا كان مفهوم الإستقلال في السنوات التي سبقت مرتبطاً باستقلال الوطن عن الاحتلال، فإنه هذا العام يأتي محمّلاً بمعان سياسية واقتصادية - اجتماعية عميقة، هي خلاصة الخطاب السياسي الذي حملته ثورة 17 تشرين. استقلال الناس عن المنظومة المهيمنة، في المناطق، في الحدائق الخلفية لقوى هذه المنظومة وليس فقط في بيروت.

استقلال البلد عن مستغليه وناهبيه، عن هذه الأوليغارشية الحاكمة المتحكّمة، والكفاح من أجل حكومة مستقلة عن قوى السلطة التي تحكمت بالبلد على مر السنين.

ثورة 17 تشرين أعطت معنى جديداً للاستقلال، وأبعاداً جديدة ومختلفة. التاريخ لا يعود الى الوراء، ومتى تكوّن وعي جديد، وتجسّد، فإن حقيقة جديدة تظهر، ويعبّر عنها الوجدان الجمعي للناس على شكل هتافات وتحركات وخطاب سياسي واضح.

ارتهنت قوى المنظومة عبر السنوات الماضية الى بعض الدول خدمة لمصالحها، فأوهنت المناعة السيادية وسمحت لتلك الدول في التدخل في شؤون لبنان الداخلية. حيث تستمر هذه الدول في التدخل مهاجمةً ثورة الناس بحسب مصالحها ومشاريعها. وكعادتها تواكب قوى المنظومة هذه التدخلات من منطلق مصالحها متنازلةً عن السيادة والإستقلال.

عندما انتفض الناس في 17 تشرين إنما انتفضوا أيضاً ضد تدخلات الدول التي تعتبر شريكة المنظومة في الفساد والمحاصصة. الناس أعادوا بثورتهم الاستقلال والسيادة للبنان.

الثورة اليوم هي ضمانة الإستقلال الحقيقي، فلنستمر فيها حتى رحيل هذه المنظومة وتحرير لبنان من فسادها وحمايته من جميع التدخلات.

* عضو في مجموعة "لحقي"


MISS 3