تونس: يوم استفتاء "دستوري" طويل

02 : 00

الرئيس التونسي خلال إدلائه بصوته داخل مركز اقتراع في العاصمة تونس أمس (أ ف ب)

صوّت التونسيّون بالأمس في استفتاء حول مشروع دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئيس قيس سعيّد، في يوم طويل قاطعته المعارضة التي تعتبر الدستور الجديد يُعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بذاك الذي كان قائماً قبل "ثورة الياسمين" العام 2011. وفتح أكثر من 11 ألف مركز اقتراع أبوابه أمام المواطنين منذ السادسة من صباح أمس، فيما أُغلقت عند الساعة العاشرة مساء. وبلغت نسبة المشاركة حتّى الساعة السابعة مساء حوالى 21.85 في المئة، على ما أفادت هيئة الإنتخابات مع إدلاء نحو مليونَيْ ناخب بأصواتهم داخل تونس.

وبحسب هيئة الإنتخابات، تسجّل 9296064 ناخباً للمشاركة في الإستفتاء الذي ترفضه معظم الأحزاب السياسية وينتقده الناشطون الحقوقيون. وبدأ المغتربون البالغ عددهم 356291 الإدلاء بأصواتهم السبت وكان لديهم حتّى الأمس للاقتراع.

ولم يتردّد كلّ من قدم إلى مركز الاقتراع في التعبير عن موقفه بالتأييد بـ"نعم"، ووقفوا بالقرب من قوات الأمن والجيش التي تحرس مقرّات الإنتخابات وأمام كاميرات الصحافيين المحلّيين والدوليين.

وأدلى الرئيس التونسي مصحوباً بزوجته إشراف شبيل بصوته داخل مركز اقتراع في حي النصر في العاصمة تونس، وقال في تصريحات للإعلاميين اثر ذلك: "اليوم (أمس) الشعب التونسي مطالب بأن يحسم هذا الأمر وهو حرّ في التصويت".

وأضاف سعيّد: "نؤسّس معاً جمهورية جديدة تقوم على الحرّية الحقيقية والعدل الحقيقي والكرامة الوطنية"، معتبراً أن "على الشعب التونسي أن يكون في الموعد والتاريخ... نحن اليوم أمام خيار تاريخي في بناء جمهورية جديدة".

كما رأى سعيّد أن الإستفتاء سيكون مرحلة مهمّة و"سنبدأ تاريخاً جديداً"، مهاجماً معارضيه الذين اتّهمهم بأنّهم "يوزّعون الأموال" كي "لا يُصوّت التونسيون ويُعبّروا عن إرادتهم"، ومؤكداً أنّه "لن نترك تونس فريسة لمَن يتربّص بها في الداخل والخارج".

واعتبرت منظمات تُراقب عملية الإستفتاء تصريحات سعيّد بأنها "خرق للصمت الإنتخابي"، في حين وصفها حزب "النهضة" الإسلامي المعارض لسعيّد بأنّها "مؤشّر إضافي الى صورية الاستفتاء".

من جهته، أكد رئيس هيئة الإنتخابات فاروق بوعسكر خلال مؤتمر صحافي أن الهيئة تنتظر ملفات وتقارير حول كافة الاشكاليات وستنظر فيها اليوم و"ستتعامل معها وفقاً للقانون".

ومن المرتقب أن يتمّ الإعلان عن النتائج الأولية للإستفتاء مساء اليوم، على ما أفاد الناطق الرسمي باسم هيئة الإنتخابات محمد التليلي المنصري وكالة "فرانس برس". وتُعدّ نسبة المشاركة الرهان الأهمّ في هذا الاستفتاء، لكونها ستُحدّد مدى شعبية سعيّد، أستاذ القانون الدستوري السابق الذي انتُخب بأكثر من 70 في المئة من الأصوات في العام 2019، فيما يُتوقع أن يحظى الدستور الجديد بقبول شعبي.

وينصّ الدستور الجديد على أن يتولّى الرئيس السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يُعيّنه ويُمكن أن يُقيله، إن شاء، من دون أن يكون للبرلمان دور في ذلك. كما يملك الرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلّحة، صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة ويُحدّد اختياراتها الأساسية، ولمشاريعه القانونية "أولوية النظر" من قبل نواب البرلمان.

فضلاً عن ذلك، انقسمت الوظيفة التشريعية بين "مجلس نواب الشعب" الذي ينتخب نوابه باقتراع مباشر لمدّة 5 سنوات و"المجلس الوطني للجهات" ويضمّ ممثلين منتخبين عن كلّ منطقة، على أن يصدر لاحقاً قانون يُحدّد مهامه، في وقت يُمارس فيه الرئيس التونسي منذ عام الحكم بشكل منفرد ويقود البلاد إلى "جمهورية جديدة" في مسار تعتبره المعارضة "انقلاباً". ومن المقرّر أن تُنظم انتخابات نيابية في كانون الأوّل.