زار هيروشيما وناغازاكي

البابا فرنسيس يدعو إلى عالم بلا أسلحة نوويّة

13 : 39

البابا يُصافح ناجين من القنبلة على هيروشيما أمس

وصف البابا فرنسيس استخدام الطاقة الذرّية لأغراض عسكريّة بـ"الجريمة"، داعياً من هيروشيما أمس إلى التخلّص من الأسلحة النوويّة كون "السلام الحقيقي غير مسلّح"، وذلك وسط لقاء مؤثّر مع الناجين من الهجوم الذي تعرّضت له المدينة اليابانيّة العام 1945. وتأتي هذه الزيارة بعد ساعات من محطّة تتضمّن رمزيّة مهمّة في مدينة ناغازاكي، التي تعرّضت لهجوم أيضاً، حيث ندّد البابا بقطاع صناعة الأسلحة، واصفاً الأموال التي يتمّ إنفاقها وجنيها في هذا المجال بـ"وصمة عار".

وقال الحبر الأعظم من "نصب السلام" في هيروشيما: "في أقلّ من لحظة، التهم ثقبٌ أسود من الدمار والموت كلّ شيء. لا نزال من هوّة الصمت هذه نسمع صراخ أولئك الذين رحلوا". وأكّد أن "استخدام الطاقة الذرّية لأغراض عسكريّة يُشكّل اليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، جريمة ليس بحقّ الإنسان وكرامته فحسب، بل بحقّ أيّ مستقبل ممكن لبيتنا المشترك". ووقّع البابا على دفتر لإحياء ذكرى الضحايا، قائلاً إنّه سيعيش "الحزن تضامناً" معهم، وسط تصفيق حارّ من الحضور. وشبَك يديه مع أيدي عدد من الناجين المسنّين الذين طغت عليهم العاطفة لدى لقائهم الحبر الأعظم البالغ من العمر 82 سنة، والذي رووا أمامه شهاداتهم المروّعة. وجعل البابا الدعوة إلى عالم من دون أسلحة نوويّة، المحور الأساسي لزيارته المستمرّة لأربعة أيّام لليابان، إذ بدأها من المدينتَيْن اللتَيْن تُعدّان الشاهد الأبرز في العالم على فظائع السلاح النووي. وقال إنّه شعر بـ"وجوب المجيء إلى هنا كحاج من أجل السلام"، وأشاد بـ"قوّة وكرامة" أولئك الذين نجوا من الهجوم ومن الثمن الجسدي والنفسي الناجمَيْن عنه. وشدّد البابا فرنسيس أيضاً على أن لا مكان في العالم للأسلحة النوويّة، ولا حتّى كوسيلة ردع، ما يُشكّل تحوّلاً عن مواقف أسلافه، إذ كان البابا يوحنا بولس الثاني اعتبر في خطاب أمام الأمم المتحدة العام 1982، أن الرّدع النووي شرّ لا بدّ منه. وتساءل البابا فرنسيس: "كيف يُمكننا اقتراح السلام فيما نلجأ دائماً إلى تهديد الحرب النوويّة كملاذ شرعي لحلّ النزاعات؟"، معتبراً أنّه "لا يُمكن للسلام الحقيقي إلّا أن يكون غير مسلّح".

وكما فعل في ناغازاكي، وضع البابا إكليلاً من الزهور البيضاء تكريماً للضحايا، وحَنَى رأسه للصلاة قبل لحظة تأمّل، فيما قُرعت الأجراس تكريماً للذين قضوا في الكارثة. ووصف الناجون من هجوم هيروشيما للبابا التجارب التي مرّوا بها وأعربوا عن دعمهم لرسالته الداعية إلى التخلّص من هذه الأسلحة. وكانت من بين هؤلاء يوشيكو كاجيموتو، التي كانت في الـ24 من عمرها عندما وقع الهجوم، واستذكرت "الناس وهم يمشون جنباً إلى جنب كالأشباح"، قائلة: "لا يُمكن لأيّ شخص في العالم أن يتخيّل مشهداً من الجحيم كهذا". وأعرب الناجون عن قلقهم من اختفاء ذكرى الهجومَيْن بعد رحيلهم، بينما يأمل بعضهم في أن يُسلّط البابا الضوء مجدّداً على الأحداث التي شهدوها. وقال الناجي كوجي هوسوكاوا للبابا، في شهادة تمّت قراءتها إذ تعذّر حضوره شخصيّاً: "أعتقد بأن نقل تجربة هيروشيما للأجيال المقبلة هي المهمّة الأخيرة الموكلة إلينا كناجين من القنبلة".

ويُحقّق الحبر الأعظم الأرجنتيني طموحاً كان يتوق إليه منذ زمن طويل للوعظ في اليابان، البلد الذي لطالما أراد زيارته عندما كان مبشّراً شاباً، وهو ما عبّر عنه بقوله لدى وصوله إلى اليابان: "منذ شبابي وأنا أشعر بإعجاب ومودّة كبيرَيْن لهذه الأراضي". وكما هو الحال في تايلاند، التي كانت المحطّة الأولى في جولته الآسيويّة، يُشكّل الكاثوليك أقليّة في اليابان، إذ يُقدّر عددهم بحوالى 440 ألفاً، وسط غالبية تتبع خليطاً من ديانتَيْ شينتو والبوذيّة. وتعرّض المسيحيّون في اليابان للاضطهاد على مدى قرون، إذ تمّ تعذيبهم للتخلّي عن عقيدتهم. وفي هذا السياق، أشاد البابا فرنسيس بالأشخاص الذين قُتِلوا دفاعاً عن ديانتهم، مشيراً إلى أنّهم شكّلوا مصدر إلهام له كشاب يسوعي. ويلتقي البابا اليوم في طوكيو ضحايا "الكارثة الثلاثيّة" في اليابان، الزلزال والتسونامي وتسرّب المواد المشعّة العام 2011. ومن المقرّر أن يُقيم قدّاساً في ملعب للبيسبول في طوكيو وأن يلتقي إمبراطور اليابان الجديد ناروهيتو، ويجري محادثات مع مسؤولين في الحكومة اليابانيّة وقادة كاثوليك محلّيين.إلى ذلك، طلبت كوريا الجنوبيّة من البابا فرنسيس لقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، في المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريّتَيْن. وأوردت صحيفة "تشوسون إلبو" الكوريّة الجنوبيّة نقلاً عن مطّلعين لم تكشف عن هويّتهم، أن "مكتب الرئيس مون جيه إن دعا البابا فرنسيس إلى زيارة شبه الجزيرة الكوريّة بعد رحلته إلى اليابان في 26 تشرين الثاني الجاري".

يُذكر أنّه قُتِلَ 140 ألف شخص على الأقلّ بعدما ألقت الولايات المتّحدة قنبلة ذريّة على هيروشيما العام 1945، فيما راح 74 ألفاً ضحية قنبلة ثانية أُلقيت على ناغازاكي بعد ثلاثة أيّام.


MISS 3