في الذكرى الثانية لتفجير المرفأ... دعوات إلى رفع القضية إلى الأمم المتحدة

السنيورة: من دون تحقيق دولي سيبقى لبنان في الدوامة

02 : 00

أين سيهربون من عينيها؟

بعد عامين على تفجير مرفأ بيروت المصّنف كواحد من أكبر الإنفجارات غير النووية في العصر الحديث، من دون الوصول إلى الحقيقة والعدالة، وسط تخاذل السلطات السياسية وتدخلاتها في القضاء وعرقلة مساره، برزت مواقف سياسية وحقوقية في الذكرى السنوية الثانية، تطالب برفع القضية إلى المحافل الدولية والأمم المتحدة، من أجل وصول هذا الملف إلى خواتيمه المرجوّة.

السنيورة

في غضون ذلك، دعا رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، إلى «استخلاص الدروس والعبر من مأساة تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020، وهو التفجير الذي يدلُّ من جهة أولى على اللامبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية، فضلاً عن تفاقم الفشل والإهمال والاستهانة، واستمرار الإصرار على تسخير الدولة ومرافقها لخدمة أغراض شخصية وأخرى خارجية. كما ويدلُّ من جهة ثانية على الترهل والبيروقراطية والمحاباة وانعدام الحوكمة والمحاسبة المؤسساتية. وكذلك يدل ومن جهة ثالثة على صوابية موقفنا المبدئي بضرورة التوجه ودون تأخير نحو الاستعانة بالتحقيق الدولي في هذه الجريمة المريبة والمتمادية.

وقال السنيورة في بيان أمس: «عشية الذكرى الثانية لجريمة العصر، لا بد أن نستذكر الجرحى والمصابين في أجسادهم وفي املاكهم، لنعيد طرح الأسئلة الصحيحة التي تضجُّ في وجدان جميع اللبنانيين: من كان خلف هذه الجريمة المرعبة والمريبة، والتي تسببت للبنان بهذه المأساة الإنسانية المروعة؟ ومن سمح بإدخال تلك المواد الى مرفأ بيروت ومن حرص على استمرار ابقائها في عنابر المرفأ مع معرفته بخطورتها؟ ومن استطاع ان يسحب ما يعادل 80% من كمياتها وإلى أين؟ وكيف استعملت؟». وختم السنيورة مشدّداً على «ضرورة العودة إلى المطالبة بالتحقيق الدولي على أمل الوصول الى الحقيقة الكاملة والى كشف من كان ولا يزال يقف خلف هذه الجريمة. إذْ إنّه، ومن دون هذا التحقيق الدولي، سيبقى لبنان واللبنانيون في الدوامة الراهنة من العجز والخلافات والضياع والتضييع».

منظمات حقوقية

من جهتها، دعت 11 منظمة حقوقية، من ضمنها «هيومن رايتس ووتش»، و»منظمة العفو الدولية» في بيان أمس، «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة في دورته المقبلة في أيلول 2022، إلى إصدار قرار يقضي بإنشاء بعثة لتقصي الحقائق بشأن الانفجار.

وقال البيان: «نحن، المنظمات اللبنانية والدولية الموقعة أدناه، ندعو أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى طرح قرار في دورة المجلس المقبلة في أيلول 2022 من شأنه أن يوفد، من دون تأخير، بعثة مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق في انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 كي تحدّد الحقائق والملابسات، بما في ذلك الأسباب الجذرية للانفجار، بغية تحديد مسؤولية الدولة والأفراد ودعم تحقيق العدالة للضحايا».

واعتبر «أن انفجار مرفأ بيروت مثّل أحد أكبر الانفجارات غير النووية في تاريخ العالم، وتسبّب في ارتدادات هزّت المدينة، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 220 شخصاً، وإصابة أكثر من 7000 آخرين، وإلحاق أضرار جسيمة بالممتلكات.

وقد أشار تحقيق أوّلي أجرته «هيومن رايتس ووتش» إلى تورّط محتمل لشركات مملوكة لأجانب، فضلاً عن عدد من كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين في لبنان. أضاف: «بعد مرور عامين، لم يتقدّم التحقيق المحلي، وما من بوادر تقدُّم تلوح في الأفق. فقد عرقلت السلطات اللبنانية مراراً وتكراراً سير التحقيق في الانفجار من خلال حماية السياسيين والمسؤولين المعنيين من الاستجواب والملاحقة القضائية والاعتقال».

ولفت البيان إلى أن منظمات «هيومن رايتس ووتش»، و»منظمة العفو الدولية»، و»جمعية الحركة القانونية العالمية»، و»المفكرة القانونية»، و»لجنة الحقوقيين الدولية»، وثّقت مجموعة من العيوب الإجرائية والمنهجية في التحقيق المحلي، بما في ذلك التدخل السياسي الصارخ، وحصانة مسؤولين سياسيين رفيعي المستوى، وعدم احترام معايير المحاكمة العادلة، وانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة. وبحسب البيان «قدّم سياسيون مشتبه بتورّطهم في القضية 25 طلباً لإقالة القاضي طارق البيطار الذي يقود التحقيق، وعزل غيره من القضاة المشرفين على القضية، مما تسبب في تعليق مجريات التحقيق مراراً وتكراراً أثناء الفصل في القضايا، لافتاً إلى أنه «من الواضح الآن، أكثر من أي وقت مضى، أنَّ التحقيق المحلي لا يمكن أن يحقق العدالة، مما يجعل إنشاء بعثة دولية لتقصي الحقائق بتكليف من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أكثر إلحاحاً».

المنظمات الموقّعة هي: «هيومن رايتس ووتش»، «منظمة العفو الدولية»، «ليغال آكشن وورلد وايد»، «(LAW) الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، «المؤسسة السويسرية للمساءلة الآن»، «مبادرة العدالة الاقتصادية والاجتماعية»، «معاً وبيروت 607»، «مواطنة لحقوق الإنسان»، «الدكتور ناصر سعيدي»، «حلم»، «معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط».

«التجمّع اللبناني في فرنسا»



وفي سياق القضية، اعتبر «التجمع اللبناني في فرنسا» في بيان، أنه «عشية الذكرى السنوية الثانية لجريمة تفجير المرفأ، إنهار القسم الشمالي للإهراءات ليكون شاهداً على انهيار الدولة بالكامل ودليلاً على رغبة منظومة الفساد والسلاح في ردم ذاكرة اللبنانيين تحت الركام والغبار».

وقال: «بعد مضي أربعة وعشرين شهراً على انفجار دمّر نصف العاصمة، وأوقع مئات القتلى وآلاف الجرحى والمعوقين، نجح أركان المنظومة في محاصرة المحقق العدلي وتعطيل التحقيقات بفعل مناورات وضغوط تشي بأنهم يخشون المساءلة وانكشاف الحقيقة».

أضاف: «الحقيقة، في أن مسؤولية الدماء الزكية التي أهرقت هي في أعناقكم جميعاً، سياسيين وإداريين وأمنيين ومن ستطاله الشبهة لاحقاً. فيما يبقى المجلس العدلي الجهة المخولة قانوناً بالتحقيق وإصدار الأحكام بالإدانة أو البراءة، وإلا فلنذهب إلى التحقيق الدولي».

واعتبر: «ان اعتراض أكثرية النواب على رفع الحصانات عن زملائهم يضعهم في خانة المشتبه فيهم وفي موقع المتستر على الجريمة»، مشيراً إلى أن «التجمع اللبناني في فرنسا، الذي تشكل دعماً لانتفاضة 17 تشرين، رافعاً مطالبها في السيادة والديمقراطية والعدالة، يجدد إعلان وقوفه إلى جانب أهالي الضحايا، وتمكين القضاء اللبناني من متابعة تحقيقاته مع كل من يشتبه فيه متورطاً كان أم متواطئاً أم مهملاً، وذلك من دون قيود أو استثناءات. وفي حال الاستحالة، فليكن موقفنا مع نواب التغيير وكل السياديين والمستقلين المطالبة فوراً بتأليف لجنة تحقيق دولية تضمن إظهار الحقيقة وإحقاق العدالة».


MISS 3