"هناك من تسبّب بالتفجير ومن غَطّى ومن عَطّل التحقيق وجمّد عمل القاضي"

الراعي يتّهم السلطات الحاكمة والمهيمنة بتفجير المرفأ

02 : 00

الراعي: تجميد التحقيق فعل متعمّد بلغ حدّ زرع الفتنة بين أهالي الضحايا

من قلب العاصمة المفجوعة في الذكرى السنوية الثانية لتفجير مرفئها، شدّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، على «الإيمان بقيامة بيروت ومعها لبنان، فنعود منارة الشرق ومستشفى الشرق ومصرف الشرق ووطن التلاقي وحوار الحضارات والاديان، بحياده الايجابي الناشط».

وخلال ترؤسه قداساً لراحة نفوس ضحايا تفجير المرفأ في كاتدرائية مار جرجس- بيروت أمس، قال الراعي: «نرفع صوت الغضب بوجه كلّ المسؤولين أيًّا كانوا وأينما كانوا ومهما كانوا، أولئك الذين يعرقلون التحقيق، كأنّ ما جرى مجرّد حادث تافه وعابر لا يستحقّ التوقف عنده ويمكن معالجته بالهروب أو بتسوية أو مقايضة كما يفعلون عادةً في السياسة»، سائلاً المسؤولين في الدولة: «ماذا يريدون أكثر من هذه الجريمة لكي يتحرّكوا؟ وماذا يريد القضاء أكثر من هذا لكي ينتفض لكرامته ويستعيد دوره ويعود قبلة المظلومين؟».

ورأى «أنّنا اليوم أمام جريمتين، هما جريمة تفجير المرفأ وجريمة تجميد التحقيق»، معتبراً أنّ «تجميد التحقيق لا يقلّ فداحةً عن التفجير لأنّه فعل متعمّد وإرادي بلغ حدّ زرع الفتنة بين أهالي الضحايا».

كما لفت إلى أن «السلطات الحاكمة والمهيمنة لا تستطيع التبرؤ مما حصل، فمنها من تسبب بالتفجير، ومنها من علم بوجود المواد المتفجرة وبخطورتها، وأهملَ، ومنها من تلكأ، ومنها من سكت، ومنها من غَطى، ومنها من جَبُنَ، ومنها من عَطّلَ التحقيق، ومنها من وجدَ في تجميد عملِ القاضي المسؤول الحلَّ المريح لكي يتهرب من مسؤوليّة حسم مرجعيّة التحقيق»، مشيراً إلى «أنها لعبةُ توزيعِ الأدوار بين عدد من المسؤولين على مختَلف المستويات الدستورية والسياسية والأمنية والقضائية. هؤلاء إلى دينونة الله يساقون، إذا هربوا من عدالة الأرض أو منعوا سطوعها. والتاريخ لن يسقط من ذاكرته جميع من سعوا إلى محو حقيقة جريمة العصر وحقّ الشعب في العدالة. والله يُدين منذ الآن هؤلاء المسؤولين».

وشدّد الراعي على أن «المطلوب أن يستأنف قاضي التحقيق العدلي عمله وصولاً إلى الحقيقة. نحن لا نتّهم أحداً ولا نظنُّ بأحد ولا نبرّئ أحداً. الناس في الشارع وانتم منهم لا يَصنعون العدالة، بل يريدون العدالة. إنّ تجميد التحقيق يساوي بين البريء والمذنب. نحن نرفض أن يكون بعض المتّهمين مذنِبين وطليقين، وبعضهم الآخر أبرياء ومعتقلين، ومن بينهم من كتب إلى السلطات المعنية ونبّه ولا استجابة، بل هو موقوف منذ سنتين من دون محاكمة. ألا يشكّلُ هذا الواقع الظالم وخز ضمير وتأنيباً لدى كل مسؤول؟».

وتابع: «نعرف من الخبرة عن القضاء المسيّس في لبنان، وطالبنا منذ اليوم الأول لتفجير المرفأ بتحقيقٍ دوليّ إذ أنّ الجريمة قد تكون ضدّ الإنسانية في حال تبيّن أنّها عملٌ مدبّر، وأتت تعقيدات التحقيق المحلي والعراقيل السياسية لتعطي الأحقية في تجميد المطالبات بالتحقيق الدولي»، مؤكّداً أنّه «لا يحقّ للدولة أن تمتنع عن إجراء تحقيقٍ محلي وتُعرقل في المقابل إجراء تحقيقٍ دولي، والمستغرب أنّ جريمة تفجير المرفأ غريبة عن اهتمامات الحكومة قبل استقالتها وبعدها لا بل أنّ بعض وزرائها يتغافل عنها وبعضهم الآخر يُعرقل سير العدالة من دون وجه حقّ».

وقال البطريرك: «لا تعرقلوا التحقيق بالضغط السياسي على القضاة وبعدم إعطاء أذونات ملاحقة بحقّ مطلوبين للتحقيق ولا تعطّلوا التشكيلات القضائية للهيئة العامة لمحكمة التمييز بالإمتناع عن توقيعها بقوّة النافذين السياسيين، ولا تتعرّضوا لأهالي الشهداء بالضرب والتوقيف والتحقيق على خلفية المطالبة بالعدالة، فإنّكم بذلك تقتلونهم مرّتين!».

وعن أهراءات المرفأ، ختم الراعي: «جميع الكوارث التي تحصل في العالم يُحفَظ جزءٌ منها لذاكرة التاريخ كشاهد لما حصل، وهذا ما فتئ يطالب به أهالي الشهداء بالنسبة إلى حماية الأهراءات من السقوط وهي الشاهد الناطق لجريمة تفجير المرفأ المسماة بجريمة العصر»، متسائلاً: «لماذا، أيّها المسؤولون في الدولة، تهملون المحافظة على هذه الأهراءات الشاهدة. فلا أفرغتم القمح المتبقي منعاً لتخميره، ولا دعّمتم الأهراءات تجنّبا لسقوطها؟ ولماذا لم تستعينوا بمؤازرة الدول الصديقة المجاورة لإطفاء النيران، فتركتموها تتكاثر وتتنامى لأكثر من عشرين يوماً، وكأنّ المقصود تدمير هذه الأهراءات، ومحو الذاكرة!».


MISS 3