خالد العزي

روسيا وعبء الإنفاق المالي في حرب أوكرانيا

6 آب 2022

02 : 01

بوتين يبتزّ الغرب بأوراق ضغط متعدّدة (أ ف ب)

لم تعد الحرب الروسية - الأوكرانية حرباً عادية، بل أصبحت حرباً عبثية ومكلفة للاقتصاد الأوكراني المدعوم غربيّاً والاقتصاد الروسي الذي بات يُستنزف ويدفع الشعب فاتورة باهظة الثمن نتيجة جشع الأوليغارشية والحرب العسكرية في أوكرانيا، حيث باتت الطبقة الوسطى تتلاشى من جرّاء هذه الحرب والعقوبات الاقتصادية.

كم يُمكن لروسيا الإستمرار بالإنفاق على الحرب في ظلّ العقوبات المفروضة على قطاع النفط والغاز، ودعمها للغزو العسكري؟ من المعروف أن أسعار الغاز في أوروبا تجاوزت هذا الأسبوع 2500 دولار لكلّ ألف متر مكعّب من الغاز، واستمرّت أسعار الغاز بالارتفاع بعد أن أوقفت شركة "غازبروم" في 27 تموز الماضي توريدات أخرى في خط أنابيب "نورد ستريم 1"، بحيث بات أنبوب الغاز يضخّ 33 مليون متر مكعّب من الغاز يوميّاً. إذاً، نحن أمام مشكلة حقيقية تكمن بازدياد أسعار الغاز في أوروبا نتيجة الصيانة للخطوط التي تمنع تشغيل الأنابيب وتدفق الغاز إلى أوروبا.

وهنا تكمن المشكلة: شحّ الغاز لدى الأوروبّيين الذين سيُعانون من أزمة صقيع قادمة. أمّا الروس فسينفقون الأموال الفائضة الناتجة من هذه الزيادة في الأسعار على الحرب والإنفاقات العسكرية والمدنية. بالطبع، وبسبب الحرب، زاد إنفاق الميزانية الحربية الروسية على الجيش في النصف الأوّل من هذا العام ما يُقارب تريليون روبل، بالرغم من أن الحرب قد جلبت أرباحاً غير متوقعة للدولة الروسية.

وهنا السؤال الذي يطرح نفسه: كم تُنفق روسيا على الحرب؟ وهل يُمكن للعقوبات المفروضة على قطاع النفط والغاز الروسيين أن تؤمّن لموسكو انتصاراً تفرضه على العالم من خلال استخدام سلاح الطاقة الطبيعية أو سلّة الغذاء في حربها الضروس ضدّ أوكرانيا؟ أو أن العقوبات وزيادة الإنفاق الكبير سيوقف الحرب ويؤسّس لمرحلة جديدة تهدف إلى حلول قادمة للمشكلة تُنهي معاناة الشعب الأوكراني وتُخرج روسيا من هذا النفق المظلم الذي سينعكس على المجتمع الروسي؟

على الرغم من أن الإقتصاد الأوكراني يُعاني من أزمات ونقص في المعدّات الحربية، فضلاً عن الدمار الذي لحق بالبنى التحتية، لكن كلّ المعلومات والمعطيات تُشير إلى الصعوبة التي يواجهها الاقتصاد الروسي الواقع تحت تأثير العقوبات الدولية، والتي أدّت إلى شلل في حركة الدولة وانعكاس الأزمة على مواطنيها وجيشها الذي تحوّل إلى ممارسة العنف والتعفيش في هذه الحرب.

روسيا تُحاول تأخير إعادة نقل التوربينات لخط أنابيب الغاز "نورد ستريم 1" الذي كانت تتمّ صيانته في كندا، فالمستشار الألماني أولاف شولتز صرح الأربعاء بأنه لا يوجد عقبات فنية أو مالية أو لوجستية تمنع روسيا من تركيب التوربينات، وفقاً للتالي:

- التوربينات ورقة للضغط على الغرب باستخدام سلاح الغاز قبل الشتاء لإثارة الرأي العام العالمي، خصوصاً الأوروبي، بحدوث مشكلة قادمة، بسبب تعنّت الغرب وعدم السماح لروسيا بتركيب التوربينات.

- روسيا تُريد استخدام ورقة الغاز للضغط على الغرب من أجل دفع أوكرانيا للتوقف عن الحرب والتوصّل إلى هدنة، وبعدها يتمّ النقاش بالشروط.

كلّ هذا دفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للردّ بأنّ الغرب لا يستطيع إيقاف الحرب طالما أن أرضنا محتلّة، معتبراً أن إنهاء الإحتلال شرط أساسي للتفاوض. لكن بحسب رأي المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر الذي زار موسكو الأسبوع الماضي، فيرى أن الكرملين يُريد حلّاً تفاوضيّاً... إنّ إتفاقات الحبوب التي أبرمتها أوكرانيا وروسيا لديها القدرة على التوسّع والوصول إلى معاهدة سلام، ويُعتقد أن تتطوّر تدريجاً إلى وقف لإطلاق نار في أوكرانيا. التنازلات من كلا الجانبين ضرورية لحلّ الصراع. أما بما يخصّ منطقة دونباس، فيتعيّن على العالم إيجاد حلول للمشكلة وربّما الكانتونات السويسرية تكون نموذجاً من خلال مفاوضات طويلة تؤدّي إلى حلول. تبقى هناك فرص ضئيلة جدّاً لإجراء حوار بنّاء حول السلام بين موسكو وكييف وواشنطن وبروكسل خلال الفترة الحالية، لإيقاف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.


MISS 3