جاد حداد

ما تأثير الـ "كوفيد" على حيواناتك المنوية؟

6 آب 2022

02 : 01

تعقب كريشنا شايتانيا مانترافادي من عيادة "أواسيس" للخصوبة في الهند أعداد الحيوانات المنوية لدى عشرين رجلاً تتراوح أعمارهم بين 25 و35 عاماً قبل إصابتهم بفيروس كورونا، ثم بعد خمسة أشهر على تعافيهم الكامل من العدوى، ما يعني أن تصبح نتائج فحوصاتهم سلبية وتختفي جميع الأعراض.

زار هؤلاء الرجال العيادة قبل تفشي الجائحة لأنهم كانوا يحاولون الإنجاب منذ سنة على الأقل. من أصل عشرين رجلاً، لم يتراجع عدد الحيوانات المنوية لدى ستة منهم بعد عشرة أسابيع على التعافي من "كوفيد-19". لكن سجّل 14 رجلاً تراجعاً بنسبة 49%.

قاس الباحثون عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال الأربعة عشر مجدداً بعد مرور 11 أسبوعاً، واكتشفوا أن 11 رجلاً منهم استرجعوا مستوى معيناً من الحيوانات المنوية (أقل من المستويات التي سبقت التقاط العدوى بنسبة 12% تقريباً). في المقابل، لم يسترجع الرجال الثلاثة المتبقون مستوياتهم الطبيعية خلال الفترة نفسها. طرحت شايتانيا مانترافادي هذه النتائج خلال "مؤتمر الجمعية الأوروبية للتكاثر البشري وعلم الأجنّة" في ميلانو، إيطاليا، في وقتٍ سابق من هذا الشهر.

هذه ليست أول دراسة تستنتج أن عدوى كورونا قد تؤدي إلى تراجع مؤقت في عدد الحيوانات المنوية. في العام 2021، حللت دراسة بقيادة غيلبرت دوندرز من مستشفى "أنتويرب" الجامعي في بلجيكا عينات منوية من 67 رجلاً، بلغت أعمارهم 34 عاماً، بعد إصابتهم بفيروس "كوفيد - 19".

حلل الباحثون عينات 35 رجلاً بعد شهر على إصابتهم، واكتشفوا تراجع عدد الحيوانات المنوية لدى 13 منهم (أي أقل من 15 مليون خلية في كل ملليلتر من السائل المنوي). كذلك، حلل العلماء عينات 32 مشاركاً آخر بعد شهرَين على الفحص الإيجابي، ولاحظوا أن أعداد الحيوانات المنوية بقيت أقل من المعدل لدى مشاركَين منهم فقط، ما يعني أنها تسترجع وضعها الطبيعي مع مرور الوقت. لكن لم تُقيّم هذه الدراسة عدد الحيوانات المنوية لدى المشاركين قبل التقاط العدوى.

في السياق نفسه، طرحت أميرة سالم وزملاؤها من جامعة "المنستير" في تونس أدلة حول أثر "كوفيد - 19" على حركة الحيوانات المنوية خلال "مؤتمر الجمعية الأوروبية للتكاثر البشري وعلم الأجنّة". جمع الباحثون عيّنتَين من الحيوانات المنوية، قبل تفشي الجائحة ثم خلالها، من تسعين شخصاً يبلغ متوسط أعمارهم 38 عاماً. سُجّل تراجع بنسبة 5% في عدد الحيوانات المنوية القادرة على التحرك. لكن لم تتأكد هذه الدراسة من إصابة المشاركين بالفيروس.

قد يؤثر "كوفيد-19" على الحيوانات المنوية بسبب تضرر الأنسجة التي تدعم نموها. أثبتت الدراسات المخبرية أن فيروس كورونا المستجد قد يصيب الخلايا في الخصيتين والبربخ (الأنبوب الذي تنضج فيه خلايا الحيوانات المنوية). يحمل هذان العضوان مستقبلات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2 التي يستعملها الفيروس للدخول إلى الخلايا. شملت إحدى الدراسات 26 رجلاً أثناء إصابتهم بحالة خفيفة من "كوفيد - 19"، فلاحظت أن 11 رجلاً منهم كانوا مصابين بالتهاب البربخ.

تكشف أدلة أخرى أن الفيروس قد يلتصق بخلايا الحيوانات المنوية مباشرةً. في دراسة طرحتها كيارا كاستيليني من جامعة "لاكويلا" الإيطالية خلال المؤتمر نفسه، استنتج الباحثون أن مستقبلات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2 كانت موجودة على سطح خلايا الحيوانات المنوية لدى 40 متبرّعاً. لكنهم لم يرصدوا الفيروس داخل تلك الخلايا.

على صعيد آخر، نادراً ما يجد الباحثون فيروس كورونا في السائل الذي يحمل الحيوانات المنوية. طرح بيدرو خوسيه فيرنانديز كولوم وزملاؤه من جامعة "لافي" ومستشفى "البوليتكنيك" في إسبانيا نتائج أبحاثهم خلال المؤتمر، بعدما حللوا الحيوانات المنوية التي تبرّع بها خمسون رجلاً بين تموز 2020 وآذار 2021، فرصدوا فيروس كورونا في عيّنة واحدة. يقول فيرنانديز كولوم إن وجود الفيروس في السائل المنوي نادر لكنه ليس مستحيلاً. ما من أدلة على إمكانية نقله جنسياً عن طريق السائل المنوي.

بشكل عام، تبدو آثار "كوفيد - 19" على الحيوانات المنوية مشابهة لما تُسببه أمراض أخرى مثل الإنفلونزا لأن الحيوانات المنوية حساسة جداً تجاه تغيرات الحرارة.

أخيراً، يقول آلان بيسي من جامعة "شيفيلد" البريطانية: "تكشف البيانات المتاحة أن الرجال المصابين بأمراض معتدلة أو حادة قد يسجلون تراجعاً مؤقتاً في نوعية السائل المنوي، بما يشبه ما يحصل عند الإصابة بأمراض أخرى تُسبب الحمى. لهذا السبب، لا داعي للقلق من تضرر خصوبة الرجال بسبب عدوى "كوفيد - 19" على المدى الطويل. الوضع ليس أخطر مما يحصل بعد الإصابة بالإنفلونزا".

قد يؤدي التقاط عدوى "كوفيد - 19" إلى تراجع عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال، حتى أن الفيروس قد يلتصق بمستقبلات على سطح خلاياها. لكن لا تثبت أي أدلة حتى الآن أن هذه الآثار تختلف عن تلك التي تظهر بعد الإصابة بأمراض أخرى تترافق مع الحمى، مثل الإنفلونزا.


MISS 3