باريس تُلوّح بإعادة العقوبات الأمميّة على طهران

خامنئي: أحبطنا مؤامرة خطرة جدّاً

11 : 30

خامنئي يُلقي كلمة أمام أعضاء في "الباسيج" في طهران أمس (أ ف ب)

لم يعد خافياً على أحد أن الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة باتت تُستنزف إقتصاديّاً وماليّاً بفعل قساوة العقوبات الأميركيّة، لا بل باتت على شفير "الموت السريري"، خصوصاً مع اضطرارها مرغمة في الآونة الأخيرة إلى رفع أسعار البنزين وتقنين استخدامه، ما فجّر موجة احتجاجات شعبيّة عنيفة، التي يُصرّ النظام الحاكم على أنّه أحبطها في مهدها. وفي آخر المواقف على هذا الصعيد، أكّد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي أمس أن بلاده أحبطت مؤامرة "خطرة جدّاً". وقال خلال لقاء مع "الباسيج" إن "الشعب الإيراني أحبط مؤامرة عميقة وواسعة وخطرة جدّاً"، مشيراً إلى أن "الأعداء وظّفوا أموالاً طائلة لها وبذلوا جهوداً كبيرة ليقوموا بمثل هذه الممارسات، أي التخريب والأعمال الشريرة والقتل".

وأوصى هذه القوّة (الباسيج) المؤلّفـــة من متطوّعين، والتي تلعب دوراً مكمّلاً لدور قوّات الأمن، بالحفاظ على وجود لها في محافظات إيران كافة والبقاء في موقع متقدّم على "العدو". كما عبّر خامنئي على "تويتر" عن "تقديره العميق وشكره للأمّة الإيرانيّة"، في تغريدة أرفقها بصور لتجمّع كبير مؤيّد للحكومة نُظِّم في طهران الإثنين. وقال: "أوجّه شكري وتقديري العميق للشعب الإيراني العظيم للتحرّك الرائع جدّاً الذي قام به خلال الأيّام الأخيرة، إذ أثبت في الواقع مرّة أخرى بأنّه شعب قوي وعظيم". وحمّلت التغريدة، "الاستكبار العالمي والصهيونيّة"، مسؤوليّة "أعمال العنف"، في إشارة إلى الولايات المتّحدة وإسرائيل. ويتّهم النظام الإيراني بشكل أساسي، واشنطن وتل أبيب، عدوّتي إيران اللدودتَيْن، بالوقوف وراء موجة التظاهرات التي حصلت أخيراً.

توازياً، اعتبرت منظّمة "هيومن رايتس ووتش" أن السلطة في إيران تتعمّد التستّر على عدد قتلى وموقوفي الاحتجاجات الشعبيّة التي امتدّت إلى عشرات المدن، لافتةً إلى سقوط حوالى 143 قتيلاً من المتظاهرين واعتقال 7 آلاف شخص. وقد نُشِرَت أنباء مرعبة عن حالات وفاة واعتقالات مع نشر قوّات الأمن و"الحرس الثوري" و"الباسيج" لكبح جماح التظاهرات الصاخبة. مع ذلك، لم يتّضح حجم حملة القمع الدمويّة، ويرجع ذلك في المقام الأوّل إلى انقطاع شبكة الإنترنت التي حُجِبَت خلال الانتفاضة، في خطوة الهدف منها الحدّ من انتشار أشرطة فيديو لأعمال العنف، ومنع الناشطين من التواصل في ما بينهم للحشد للتظاهرات. لكن موقع "نتبلوكس"، الذي يُراقب اضطرابات الإنترنت، أفاد بأنّ الاتصال بالإنترنت عاد إلى معظم أنحاء البلاد في الأيّام الأخيرة، باستثناء شبكات الهاتف المحمول. ودعت "هيومن رايتس"، طهران، إلى "الإعلان فوراً عن عدد الوفيات والتوقيفات وحالات الاحتجاز، والسماح بإجراء تحقيق مستقلّ في ما تردّد عن حدوث تجاوزات". وانتقد نائب مدير المنظّمة في الشرق الأوسط مايكل بيج، إيران، لأنّها "رفضت تقديم العدد الدقيق للقتلى، وبدلاً من ذلك، هدّدت المعتقلين بالموت"، معتبراً أن "إبقاء العائلات بلا أنباء حول مصير أحبائها مع إشاعة جو الخوف والعقاب هو استراتيجيّة حكوميّة متعمّدة لخنق المعارضة".

وكشف وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو أمس الأوّل، إرسال الإيرانيين 20 ألف تسجيل فيديو وصورة، تتضمّن أدلّة على قمع الاحتجاجات. وتعهّد بومبيو خلال مؤتمر صحافي مواصلة فرض عقوبات على المسؤولين الإيرانيين المتورّطين في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وقال إن "النظام الإيراني ما زال مستمرّاً في نشاطه القمعي ضدّ الاحتجاجات التي اندلعت بسبب سوء إدارته"، مضيفاً أن المسؤولين الإيرانيين "ردّوا بالعنف ضدّ المتظاهرين وقطعوا الإنترنت، وسنُواصل معاقبة إيران والمسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان". وكانت الخارجيّة الأميركيّة قد دشّنت الأسبوع الماضي خطاً ساخناً للتواصل مع الإيرانيين بهدف توثيق أدلّة تُثبت قمع قوّات الأمن الإيرانيّة للمحتجّين.

على صعيد آخر، ألمحت فرنسا إلى العودة لآليّة منصوص عليها في الاتفاق الموقع العام 2015 حول الملف النووي الإيراني، تسمح بإعادة فرض عقوبات الأمم المتّحدة، وذلك بعد سلسلة من الانتهاكات ارتكبتها إيران. وقال وزير الخارجيّة الفرنسي جان ايف لودريان في الجمعيّة الوطنيّة أمس: "ثمّة انتهاك إيراني إضافي كلّ شهرَيْن، بحيث أنّنا نتساءل حاليّاً، وأقول ذلك بصراحة، حول العودة إلى آليّة تسوية النزاعات التي ينصّ عليها الاتفاق".


MISS 3