انتقدت سياساتها "الأنانيّة" في الشرق الأوسط

بكين "تُجنّد" ديبلوماسيّتها في "شدّ الحبال" مع واشنطن

11 : 31

وزير الخارجيّة الصيني يتوسّط المشاركين في "منتدى الأمن" في بكين أمس (أ ف ب)

تدخل العلاقة بين الولايات المتّحدة والصين منحى جديداً يتبلور يوماً بعد يوم بتصريحات ناريّة واتهامات متبادلة تُشكّل وجهاً مرئيّاً وملموساً لتأزّمها، فيما تجرى تحت الطاولة سياسات تُكرّس التنافس القوي بين البلدَيْن على "شطرنج" العالم. ولعلّ أوضح دليل على الأمر يتجلّى بالاتهامات التي يُسوّقها المسؤولون الصينيّون للخصم التجاري الأكبر وتحميله مسؤوليّة الشرور في المناطق المتأزمة، إضافةً إلى اتباع سياسة المنافسة الديبلوماسيّة على الخريطة الجيوسياسيّة العالميّة، ما يُقدّم أدلّة جديدة على طموحات بكين الدوليّة.

وفي هذا الإطار يأتي تنديد الصين أمس بالسياسة الأميركيّة "الأنانيّة" في الشرق الأوسط، وإلقاؤها اللوم على واشنطن في زعزعة استقرار هذه المنطقة المضطربة، إذ قال مساعد وزير الخارجيّة الصيني تشن شياو دونغ خلال منتدى "الأمن في الشرق الأوسط"، الذي يستمرّ يومين في بكين، إنّ "الولايات المتّحدة، القوّة العظمى الوحيدة في العالم والقوّة ذات النفوذ الهائل في المنطقة، اتّبعت سياسة أنانيّة أحاديّة الجانب تُحابي الأقوياء على حساب الضعفاء، ما شكّل عاملاً أساسيّاً في المأزق الأمني في المنطقة".

وردّد المتحدّثون في المنتدى انتقاد بكين للتحرّكات الأميركيّة في الشرق الأوسط، مثل حرب العراق، وأبرزوا موقفها الداعم لقيام دولة فلسطينيّة مستقلّة. وألقى كثيرون اللوم على دعم واشنطن لإسرائيل لعرقلة عمليّة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وتعمل الصين، منذ تولي شي جينبينغ رئاستها، على توسيع نفوذها في الشرق الأوسط وأفريقيا، بحيث بَنَت أوّل قاعدة عسكريّة في جيبوتي، وتعهّدت تقديم 20 مليار دولار كقروض للتنمية الاقتصاديّة للدول العربيّة، وزادت استثماراتها في الدول الإسلاميّة المجاورة كبناء الممرّ الاقتصادي الصيني - الباكستاني، الذي يُقدّر بمليارات الدولارات. وفي الوقت الذي قرّر فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بصورة مفاجئة سحب قوّاته من شمال شرقي سوريا وإعادة فرض عقوبات شاملة على إيران، ضاعفت بكين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، التزاماتها الاقتصاديّة في المنطقة الغنيّة بالنفط.

ولم تكتفِ الصين بخطوات على الأرض لتكريس وجودها في العالم، بل عملت أيضاً على توسيع دائرة علاقاتها الديبلوماسيّة لتتخطّى تلك الأميركيّة. وبحسب تقرير يصدر مرّة كلّ سنتَيْن ويحمل عنوان "المؤشّر العالمي للديبلوماسيّة"، نُشر بالأمس، تخطّت بكين، للمرّة الأولى، الولايات المتّحدة من حيث عدد البعثات الديبلوماسيّة المنتشرة حول العالم، إذ بلغ عددها "276 منصباً على مستوى العالم"، بزيادة ثلاثة مناصب عن خصمها الأميركي. وأفاد معهد "لوي" الأسترالي المرموق الذي أعدّ التقرير، بأنّ صعود الصين "السريع" في مراتب الشبكات الديبلوماسيّة تواصل عام 2019، وتعزّز باستحداث مناصب ديبلوماسيّة في بلدان كانت تعترف في السابق بتايوان، مثل بوركينا فاسو وجمهوريّة الدومينيكان والسلفادور وغامبيا وساو تومي وبرانسيب، فيما لم تفتح الولايات المتّحدة أي مناصب جديدة، واضطرّت إلى إغلاق قنصليّتها في سان بطرسبرغ، وسط عمليّات طرد ديبلوماسيين متبادلة في أعقاب تسميم العميل الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا. لكنّ التقرير أشار إلى أن الولايات المتّحدة حافظت على المرتبة الأولى في ما يتعلّق بوجود سفارة أو قنصليّة على أراضيها، مع وجود بعثات لـ61 دولة وما مجموعه 342 منصباً، مقابل 256 بعثـــة ديبلوماسيّـــــة أجنبيّة في الصين.


MISS 3