سناء الجاك

كلّه إلا أبو الغضب

29 تشرين الثاني 2019

02 : 00

يقرأ أبو الغضب تغريدة عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب إبراهيم الموسوي على "تويتر" الرافضة "رفع شعارات (شيعة شيعة)"، يتحدث النائب عن تعارض هذا الشعار مع الرقي وتوحيد المسلمين. لا يفهم أبو الغضب علاقة الرقي بغزوات الرينغ ومونو. ويستغرب عبارة "توحيد المسلمين" تحديداً، ما يعني أن كل الشغل من خمسة عشر عاماً راح بشربة ماء.

يحتار وهو يتابع أخبار هاتفه التي تفيده بأن "حزب الله" أصدر بياناً يمنع فيه "كل شخص من الإخوان كان أو من غير الإخوان منعاً باتاً من المشاركة بأي تحرك وذلك من خلال دعوات باسم "حزب الله" او حركة أمل من دون إذن مسبق، وخاصة الذين يملكون دراجات نارية"، والأنكى تحت طائلة الملاحقة الأمنية. يسأل نفسه: "يعني هلق أنا شو؟ شيعة أو إخوان أو غير إخوان؟".

ينظر أبو الغضب إلى دراجته النارية حانقاً. فهم من البيان أن هذه الدراجة التي يدللها ويرعاها برموش العين أصبحت تهمة. يكاد يقسم أنه لم يتصرف من رأسه عندما رشق المتظاهرين بالحجارة على الرينغ، لكن لم يبلغه أحد آنذاك عن مسألة الحصول على إذن مسبق.

يلعن الشاب هذه الازدواجية في المعايير. في أيام الثورة الأولى، نزل إلى الشارع وشارك في الاعتراض على السلطة. وكان الجو "بيعقد"، لكن جاء من يهمس له بأن هذا الجو سيقضي على كل امتيازاته، ويضطر إذا نجحت الثورة إلى تسديد رسوم البلدية المكسورة وبمفعول رجعي، وفواتير الكهرباء وأكثر من مئة ضبط سير رماها في أحد الأدراج. هذا عدا الملفات المحرجة التي تغيب بإتصال وقت الحشرة. حينها اكتشف أن الثورة مؤامرة من كعب الدست ويجب قمعها. فمصالحه الصغيرة تلتقي مع المصالح العليا المتعلقة بالمقاومة عندما يشملها هؤلاء العملاء بـ"كلهن يعني كلهن".

لم يجد أبو الغضب الا الحاج أبو جعفر ليسأله عن توجيهات عين التينة، على أساس أن "حركة أمل" و"الحزب" ينسقان على النقطة والفاصلة هذه الأيام. جواب الحاج حيَّره أكثر، فقد اكتفى بالقول إن الرئيس نبيه بري يتولى الشق السياسي في الصراع الدائر بين المقاومة والعملاء الذين يخربون الاقتصاد.

"يعني "الحزب" هو من يقود الشق الأمني. لماذا يقطعنا في نصف الطريق؟". يقلب الحاج شفتيه كمن لا يعلم أكثر مما قاله. أو كمن يعلم جيداً ولا يريد أن يقول أكثر مما قاله.

يطلع الدخان الى مخ أبو الغضب. يصرخ في وسط الزاروب: "أخوات الهيك والهيك ضيعوا لنا البوصلة.. ماذا نفعل الآن؟".

يقترب منه رفيق للحاج، يربت على ظهره ويهمس في أذنه: "كله إلا أبو الغضب. هوِّنها ولا تحمل السلم بالعرض... وخذ هذه السيجارة وروق أعصابك... كل ما في الأمر أن الغزوات الأخيرة ما جابت حقها وانقلبت علينا... لذا كان لا بد من شوية تصريحات للاعلام بانتظار الخطة ب. خليك عالسمع!".