خالد العزي

إنخراط إيران في الحرب الأوكرانيّة - الروسيّة

13 آب 2022

02 : 01

خلال إطلاق الصاروخ الذي يحمل القمر الإصطناعي الإيراني "خيام" (أ ف ب)

لم تمض ثلاثة أسابيع على زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران، والتي كانت تحمل في مضمونها إمكانية استعانة روسيا بطائرات "درون" إيرانية لاستخدامها في الحرب على أوكرانيا، بعد تعذّر وصول الإمداد بشكل سريع إلى مناطق المواجهة، حتى أعلن مسؤولون أوكرانيون أن موسكو تلقّت طائرات مسيّرة إيرانية مسلّحة يُمكن أن تؤثر على الحرب الدائرة بشكل كبير.

لقد أرسلت إيران بالفعل 46 طائرة بلا طيار إلى روسيا، وفقاً لما ذكره أليكسي أريستوفيتش، مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وبحسب بعض التقارير، يبدو أن استخدامها قد لوحظ بالفعل عبر تسيير الطائرات في أجواء الجبهات الأوكرانية، ونستنتج بذلك التالي:

- تُحاول روسيا سدّ العجز في أسطولها الجوي بعدما فقدت نسبة كبيرة من طائراتها بلا طيار في الأسابيع الأولى من الحرب.

- الطائرات الروسية المسيّرة "اورلان" مخصّصة للاستطلاع لا للهجوم، ما دفعها للاستعانة بالطائرات الإيرانية.

- تُخطّط روسيا لاستخدام القمر الإصطناعي الإيراني الجديد الذي أشرفت على إطلاقه، للتجسّس على الجيش الأوكراني، وتحسين جمع المعلومات الإستخباراتية.

- طائرات "بيرقدار" التركية المسيّرة لعبت دوراً رئيسيّاً في الحرب الروسية - الأوكرانية من خلال ضرب أهداف روسية أدّت إلى فرض توازن رعب عند حماية المخازن والمواقع اللوجستية.

- لم تستطع روسيا إقناع الدولة العبرية إمدادها بطائرات حديثة بلا طيار، خصوصاً أن هذا النوع لعب دوره المميّز في حرب جورجيا العام 2008 ضدّ الجيش الروسي، وبعدها سارعت موسكو للإتفاق مع إسرائيل على عدم تزويد دول غير صديقة بهذا السلاح.

وفي إشارة إلى تعميق التعاون العسكري بين روسيا وإيران، أطلق مهندسون روس في 9 من الشهر الحالي القمر الإصطناعي المسمّى "خيام" إلى الفضاء من منشأة الإطلاق "بايكونور" في كازاخستان، تتويجاً لمشروع مدّته 4 سنوات.

وأعلنت إيران أن القمر الإصطناعي، الذي صنعته وكالة الفضاء الروسية "روسكوزموس"، سيُستخدم لمراقبة استخدام المياه والزراعة. لكن القمر مجهّز بكاميرات متطوّرة عالية الدقة. وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، تُريد روسيا استخدام القمر الإصطناعي لبضعة أشهر أوّلاً. كما أنها تُخطّط لاستخدامه للتجسّس على الجيش الأوكراني قبل أن تُسلّم السيطرة على المركبة الفضائية إلى إيران.

والسؤال الذي يطرح نفسه، ما هي النتائج التي ستُحققها إيران في انغماسها في الحرب الأوكرانية في ظلّ المحاولة المستمرّة لتحقيق خروقات في الملف النووي، حيث يعتبر الأوروبّيون الطرف الوسيط بين واشنطن وطهران. لقد كانت زيارة بوتين إلى طهران في القمة الثلاثية الشهر الماضي مغرية للجانب الإيراني من خلال التالي:

- قبل وصول الرئيس الروسي إلى طهران أُطلق الممرّ البحري بين بلاده والهند عبر إيران، "بحر قزوين"، بما عُرف بمشروع أحمدي نجاد الذي جمّدته روسيا وقتها.

- قدّمت روسيا إغراءات كثيرة لإيران التي تُعاني من أزمة اقتصادية بسبب الحصار، وتمثلت بشراء موسكو طائرات إيرانية.

- وقّعت روسيا قانوناً في شأن التجارة الحرّة بين إيران ودول الاتحاد الأوراسي الذي يعتبره بوتين بديلاً للاتحاد الأوروبي.

- أعلنت روسيا عن استثمار بـ7 مليارات دولار في حقل النفط "إزاديغان" على الحدود الإيرانية - العراقية، بما يسمح لروسيا وإيران بيع نفطهما على أنه نفط عراقي للتفلّت من العقوبات، والذي يُعرّض طهران لمشكلات مع واشنطن في حال الجلوس الى طاولة الإتفاق مجدّداً.

- التخطيط الروسي للاستثمار في حقول النفط الإيرانية في (كيش وشمال بارس وجنوبه)، وقد يصل الاستثمار إلى 40 مليار دولار.

- تقف روسيا إلى جانب إيران في سوريا، وتتغاضى روسيا عن المشروع الإيراني في لبنان، وستكون إلى جانبها في العراق في وجه الأميركيين والأتراك .

من الواضح جدّاً أن أهداف روسيا الأساسية في إشراك طهران في الحرب الأوكرانية من خلال صفقة طائرات الـ"درون"، هو لإبقائها ورقة تحت سيطرتها، وعدم السماح لها بأي انفتاح على الغرب لكي لا تتعرّض مصالح روسيا للخطر، خصوصاً على صعيد الطاقة.

في المقابل، تضع إيران هذه الأوراق من أجل الذهاب لمساومة الغرب على ما تملكه من أجل المشروع النووي، وعدم السماح للغرب بفتح الملفات الأخرى، "المسيّرات والصواريخ والأذرع". والأيام المقبلة ستضع الجميع في عين العاصفة في كيفية استخدام الأوراق في وجه بعضهم البعض.

لكن يبقى ردّ الفعل الإسرائيلي على عروض بوتين، وكيف ستتعامل تل أبيب مع الإنخراط الإيراني في الحرب الأوكرانية، وهل ستقف الدولة العبرية إلى جانب كييف في ظلّ توتر العلاقة الإسرائيلية - الروسية وتُساعد الجيش الأوكراني بالسلاح والمعدّات والمعلومات الإستخباراتية؟


MISS 3