السياحة سلاح لمكافحة العنف في أحد أحياء ميديين الكولومبية

10 : 24

طالما لطّخ الدم أزقتها إلا أنّ مدينة الصفيح "كومونا 13" على مرتفعات ميديين في كولومبيا ترفض بعد اليوم أن تكون رديفاً للعنف والخطر وباتت تحمل سلاحاً جديداً: السياحة.في السلالم الضيقة التي كان يتواجه فيها الثوار والعناصر المسلحة، ينتشر زوار أجانب. يلتقطون الكثير من الصور ويتجاذبون أطراف الحديث مع الناجين من هذه المواجهات القاتلة في القرن العشرين.

وأنتجت جهود السلطات لإحلال الأمن في هذا الحي ثمارها قبل عشر سنوات مع أن السكان لم ينسوا بعد العمليات العسكرية المثيرة للجدل للقضاء على العنف.

وبدأت هذه المنطقة البالغ عدد سكانها 138 ألف نسمة بالانتعاش جزئياً بفضل فنون الشارع التي تراها البلدية على أنها "فرصة للتطور"، على ما يقول بابلو فيليس أحد المسؤولين في الملف السياحي.

وباتت "كومونا 13"، "محطة لا مفر منها خلال زيارة ميديين" ويزورها شهرياً نحو 25 ألف شخص.

وترافق التغير مع رسوم جدارية ملونة والموسيقى والطبخ بعيداً من الجولات المتمحورة حول المخدرات التي تمجد ذكرى بابلو اسكوبار تاجر المخدرات الشهير الذي قتل العام 1993، لكن تجارة المخدرات والابتزاز لم يختفيا كلياً.

لكن بييداد ريستريبو مديرة برنامج الإشراف المدني "ميديين كومو فاموس" تؤكّد أن العنف "لم يعد بالحجم نفسه". ويقود خوليان غارسيا السياح في الأزقة المنحدرة المزينة بنمورٍ زرقاء أو وجوه أشخاص خلاسيّة. ويستمع إليه خلال هذه الجولة مكسيكيون وأميركيون وهو يروي بدايات هذه الرسوم الجدارية.

ويقول طالب إعلام يبلغ السادسة والعشرين "هي زيارة تاريخية وجمالية وسياسية أيضاً. مع "جولة الغرافيتي" يشعر الفرد بأنه في دياره وكأنّه أحد سكان الحي".

وبدأت الواجهات الاسمنتية تزدان بالألوان قبل حوالى عشرين عاماً. في تلك الفترة، أراد محبو الراب والهيب هوب تكريم ضحايا المواجهات وانتقاد قمع الدولة. وانطلق ذلك كعمل احتجاجي وبات اليوم عبارة عن 800 عمل لـ300 فنان.

في العام 2012، رسم خوليان غارسيا مع أصدقاء له مساراً من ثلاث ساعات تقريباً يسمح في مقابل حوالى عشرة دولارات، باكتشاف "كنوز الحي الثقافية".وهو يشدّد على القدرة التحويلية للسياحة. ويقول "في السابق كنا نخفي أننا نعيش في كومونا 13. أما اليوم فنحن فخورون بذلك!".

ويرى غابرييل كوتو السائح المكسيكي البالغ 47 عاماً أنّ هذه الجولة يمكن استنساخها في بلاده التي تنهشها تجارة المخدرات و"من اللافت الاطلاع على تاريخ يعجّ بالألوان في الشوارع وهذه القدرة على الصمود المنبثقة عن العنف والتهميش رائعة".

مركز الحرب

قدِمت عائلة ريفاس للإقامة في الحيّ الفقير قبل حوالى أربعين عاماً من ساحل البلد الواقع على المحيط الهادئ كما عائلات أخرى كثيرة. وتتذكر باولا (37 عاماً) كيف أن "كومونا 13" تحوّلت مركزاً للنزاع المسلّح مع عددٍ لا يحصى من القتلى والمفقودين بعدما كانت أرضاً واعدة.وتوضح الطاهية التي تعد أطباقاً تقليدية للسيّاح بسعر ستة دولارات كحدّ أقصى "في التسعينات وجدنا أنفسنا وسط حرب أهلية".ويتلذّذ ماتيا روغي الآتي من الأرجنتين بطبق أسماك قائلاً: "قبل المجيء إلى هنا ما كنت لأتصوّر التحوّل الذي قد يطرأ على مجتمعٍ ما".

ولد الكسندر غامبوا قبل 25 عاماً في "كومونا 13". قد لا يلفت النظر بجدائله الطويلة في أحد احياء نيويورك حيث ولد رقص "بريكدانس" الشهير في مجال الهيب هوب. بدأ هذا الشاب الرقص قبل ست سنوات. وأصبحت طريقة التعبير "الحر" هذه مصدراً لكسب الأموال بالنسبة إليه شأنه شأن نحو خمسين شاباً آخر من الفقراء الذين شبّوا في هذا الحي. فهو يكسب أسبوعياً حوالى مئة دولار من عرضيْن راقصين يقدّمهما في الساعة. ويمكّنه ذلك من توفير القوت لعائلته وشراء أحذية وألبسة تتمزق سريعاً بسبب الاحتكاك بالزفت خلال الرقص.

ويقول إن الشباب لا يريدون البقاء واقفين من دون حركة عند زوايا الشوارع بل يسعون إلى "تثقيف أنفسهم" للتواصل مع السياح.


MISS 3