مايا الخوري

رنده علم: لولا المنصّات لكان وضع الممثلين صعباً

3 أيلول 2022

02 : 01

تصدّر مسلسل "العين بالعين" (إنتاج شركة الصبّاح إخوان) المرتبة الأولى عبر منصّة "شاهد" في حلقاته الأولى. المسلسل البوليسي التشويقي الدرامي من إخراج رنده علم التي تحدثت عن صعوبات تنفيذه وعن التعاون مع الفنانَين سيرين عبد النور ورامي عيّاش وعن الدور الذي تقوم به المنصات حالياً لدعم الإنتاج الدرامي في ظلّ ركود الإنتاج التلفزيوني.

ما أصداء مسلسل "العين بالعين"؟

يترك إنطباعاً جميلاً في العالم العربي وفي دول الإغتراب، ويعتبر من ضمن قائمة أفضل المسلسلات المعروضة عبر منصة "شاهد". توقّعت نجاحه لأنه نتاج جهد كبير.

تتعاونين مجدداً مع الفنانة سيرين عبد النور، فيما هو التعاون الأول مع الفنان رامي عيّاش، ما رأيك بهذا الثنائي؟

تعاونت مع سيرين في كليب "أنا عمري معاك" وفي مسلسل "ديفا"، لذا تجمعنا صداقة وعلاقة جميلة. هي خلوقة ومتواضعة وفنانة محترفة تحترم عملها ومواعيدها وفريق العمل. برأيي، تحدّت نفسها مقدّمةً أداءً من الطراز الرفيع في هذا المسلسل، متخلية عن سلاح الجمال، وعن الماكياج، خدمةً للشخصية. أظنّ أنها برهنت عن قدراتها التمثيلية العالية من خلال شخصية "نورا فارس".

أمّا بالنسبة إلى تعاوني الأول مع رامي عياش، فقلقت بداية لأنه بارع كثيراً في عالم الغناء، فشعرت بمسؤولية كبيرة تجاه ألا يحقق نجاحاً مماثلاً في التمثيل، وألا يحظى بتقدير الجمهور. لكنني فخورة بما أنجزه لأنه نتاج تعبٍ وتحدٍّ ذاتي، كما أنني فخورة بثقته الكاملة بعين المخرج وبنتيجة تعاوننا. هو صديق لذيذ وملتزم تربطه علاقة ممتازة ومريحة بفريق العمل وبزملائه الممثلين في موقع التصوير. عندما تجتمع هذه التركيبة في شخصية الفنان إضافة إلى المعرفة في كيفية توظيف إحساسه العالي، عندها لا بدّ من تحقيق النجاح.

كيف تصفين أجواء مسلسل "العين بالعين" المختلف جداً عن أعمالك الدرامية السابقة؟

هو مسلسل تشويقي بوليسي درامي، فرض تنقلات عديدة بين المواقع ما احتاج إلى أذونات خاصة. تدور 10 حلقات من أصل 15 حول حياة "نورا فارس" المحفوفة بالمخاطر والصعوبات والملاحقات. صوّرنا المسلسل في فصل الصيف الحار جداً متنقّلين بين المواقع فكان تنفيذه صعباً، خصوصاً أنه غير تقليدي ومتمايز بهويّته وسرعة أحداثه الشبيهة بحياة البطلة.





يطرح المسلسل قضايا الفســــــاد والمحسوبيات والجرائم، فهل هـــــو مستوحى من الواقع اللبناني؟


هو مستوحى من أحداث لبنانية وعربية. يعالج طبيعة عمل الصحافي الإستقصائي الذي يلاحق قضايا الفساد، وما يعاني منه ويتعرّض له في أثناء عمله. أشبّه لبنان بجزيرة الفساد والمحسوبيات والواسطة، لذلك تنطبق قصة المسلسل على مجتمعه بخاصة والمجتمعات العربية بعامة. تعكس القصة واقعنا المرير، وتحكي عن المخاطر التي يتعرض لها المواطن يومياً وكل من يواجه الفساد والكذب لدى بعض السياسيين. كما نرى كيف ينكسر الإنسان بسبب صعوبات الحياة وكمية السوء والفساد ما يدفعه إلى الحياد عن مبادئه وأخلاقه وعن الأمور التي يحاربها أساساً.

يتميّز المسلسل بمشاركة عدد كبير من النجوم، ما انعكاس ذلك على مستوى العمل؟

لم تعد بطولة المسلسل تقتصر على نجم واحد محاط بمجموعة من الكومبارس، بل على العكس أصبحت البطولة مشتركة فعلاً. لم يعد الممثل مهتماً بمساحة الشخصية إنما بدورها في المسلسل، لأن الشخصيات محبوكة بشكلٍ، يكون فيه بطلاً في مشاهده وموقعه، ما يشجّعنا على عرض الأدوار المتاحة على النجوم. أوجّه التحية في هذا الإطار إلى الممثلين المحترفين الذين قدّموا 10 مشاهد فقط في المسلسل.

كيف تمّت عملية اختيارهم؟

إستغرق اختيار الممثلين وقتاً طويلاً حتى قدّمنا باقة جميلة جداً. حينما كانت الكاتبة سلام الكسيري تكتب النص، حصلت ورشة نوعاً ما، حددنا في خلالها قدرات بعض الممثلين ونقاط قوّتهم في الأداء للإضاءة عليها. فعرفنا كيفية خياطة المشاهد الخاصة بكل ممثل على حدة، فكان خياراً موفقاً جداً. برأيي نكسب من خلال الكاست الصحيح 30% من نجاح الشخصية.

كيف تفسّرين إزدهار الدراما المخصص عرضها للمنصات في مقابل تراجع الإنتاجات الدرامية التلفزيونية؟

ليس خافياً على أحد معاناة المحطات التلفزيونية من ضيق مادي كبير جداً، حال دون قدرتها على شراء الإنتاجات الكبيرة، فيما تنتج المنصات العالمية المسلسلات لعرضها وبيعها في عرضٍ ثانٍ أو ثالثٍ إلى المحطات بكلفة أقلّ. تتجه المحطات حالياً نحو الإنتاجات الأقل كلفة، فتكون النوعية للأسف ضعيفة حيناً وجيّدة أحياناً. نتمنى أن تحظى المحطات بدعمٍ لئلا تقتصر الإنتاجات القوية على مسلسل أو اثنين في شهر رمضان، بل أن تنسحب على مدار السنة خصوصاً بعدما أثبت المسلسل اللبناني قدرته على تحقيق النجاح والإنتشار خارج لبنان. تحتاج الدراما المحلية إلى بعضٍ من الثقة وتوافر الإنتاج، وفي هذا الإطار، نشكر الله على وجود منتجين مثل الأستاذ صادق الصباح وشركة "سيدرز" ولمى الصبّاح الذين يدعمون الإنتاج اللبناني.

ما أهمية توافر المنصات لدعم الإنتاج المحلي والممثلين اللبنانيين في ظل ركود الإنتاج التلفزيوني المحلي؟

لولا توافر المنصات لكان وضع الممثلين اللبنانيين والعرب صعباً جداً، لأن الضيقة الإقتصادية تنسحب على دول عربية أخرى مثل سوريا ومصر أيضاً، لذلك نرى أن الإنتاجات العربية الكبيرة المنفّذة باحتراف مخصصة للمنصات الرقمية فقط مثل "شاهد" و"نتفليكس" وسواهما.





عُرض مسلسل "حادث قلــــــب" عبر MTV فيما "ديفا" و"الشهر 10" و"العين بالعين" عبر "شاهد"، هل يختلف أسلوب الإخراج ما بين المنصّة والمحطة التلفزيونية؟

لا اختلاف في أسلوب الإخراج، إنما في العرض والطلب عند المنتج، وهوية الجمهور الذي نتوّجه إليه سواء عبر المنصة أو عبر القناة التلفزيونية المحلية. عندما يتوجه المسلسل إلى جمهور محلي، يتضمّن مواضيع تهمّ المجتمع اللبناني، فيما تكون المنصات شاملة في الأخبار والأحداث والقصص الدرامية كونها تتخطى العالم العربي، فتنشر أفكاراً أوسع وأشمل من النطاق المحلي. أمّا بالنسبة إلى تنفيذ العمل، فلا اختلاف سوى في الميزانية التي تفرض إمّا تعمّقاً أكبر في تنفيذ المشهدية أو تواضعاً يقتصر على إيصال الإحساس من دون الدخول في كلفة مادية مرتفعة.

نشهد تطوراً كبيراً على صعيد التقنيات التصويرية والمؤثــــرات السمعيـــــــــــة وغيرها خصوصــــــاً في الإعلانـــــــات والتسويق، أي دور ممكن أن تؤديه على صعيد الإخراج الدرامي؟

يشكّل الفنّ مساحة كبيرة جداً وواسعة للخلق والإبداع والتفنن. كانت الدراما سابقاً تقليدية ونمطية، إنما نلاحظ حالياً إمكانية إستخدام هذه التقنيات فيها أسوة بالإعلان والكليب والوثائقيات، وذلك وفق رؤية المخرج وكيفية توظيفه لها من أجل إيصال فكرته ورؤيته. إنه تطوّر جميل جداً يفسح في المجال أمام مساحات أوسع للإبداع.

نوّعت على صعيد الإخراج بين الكليب والإعلان والدراما، أي من هذه المجالات هو الأوسع أفقاً وأكثر إنتشاراً؟

يأتي الإنتشار كنتيجة طبيعية للنجاح سواء في نطاق الكليب أو الإعلانات أو المسلسلات أو الأفلام أو البرامج أو الوثائقيات. والدنيا كما يقال عرض وطلب، لذا كلما تلقى الجمهور كمية أعمال ناجحة، كلما لاقى المخرج ترحيباً أكبر في مجاله وحقق إنتشاراً كنتيجة طبيعية للحرفية. على كلٍ، يحفظ الجمهور اسم المخرج الدرامي ومخرج الأغاني المصوّرة بسبب ورود الإسم في العمل فيما يبقى اسم مخرج الإعلانات أقل ظهوراً.

كيف تلقفت خبر وفاة الفنان جورج الراسي بحادث سير وماذا تقولين لعائلته؟

خبر وفاته يحرق القلب، لأنه مات شاباً بسبب الإستهتار، ليرحم الله نفسه. أصبحنا شعباً مخدّراً يتعايش مع الفساد والإستهتار والتقصير بسكوت. للأسف، عندما تقع فاجعة مثل وفاة جورج، تحصل خضّة ونهتزّ في لحظتها بعدها نهدأ وكأن شيئاً لم يكن. ما من كلام يبرّد قلب عائلته، التي خسرت شاباً من خيرة الشباب، يرفع الرأس، بطريقة مؤلمة وبشعة. أتمنى أن يصبّر الله قلب شقيقته نادين والعائلة، ولترافقهم ذكراه من السماء وترافق إبنه جو. أدعوهم إلى التسلّح بالإيمان والصلاة لأن لا شيء يفيد غير ذلك.

قدّمت مسلسل "الشهر 10 " للتوعية حول سرطان الثدي، كما أضاء مسلسل "حادث قلب" على حوادث السير، هل تفكرين بمشاريع توعوية أخرى؟

شرّفني إخراج مسلسل "الشهر 10"، وأحبّ تكرار هذه التجربة. أضاء "حادث قلب" على حوادث السير بطريقة درامية، إنما ما من مشكلة في تجربتها مجدداً في إطار توعوي لأن هذه المأساة تتكرر يومياً على طرقاتنا من دون إيجاد حل جذري لها. صحيح أن الجمهور يتأثر بالعمل الدرامي ويفرح برسالته، لكن الدراما ليست حلاً. يكمن الحلّ بالفعل وبالقوانين الصارمة والملاحقة والمحاسبة، فذلك الرادع الوحيد للفاعل أو لمن تسوّل له نفسه التصرّف بالمثل.


MISS 3