"الماموغرام"... هل يكشف نسبة تعرّضك لقصور القلب؟

13 : 58

يكتفي فحص الماموغرام حتى الآن برصد الأورام السرطانية المحتملة في الثدي. لكن هل يستطيع مساعدة الأطباء على تحديد المرأة المعرّضة لأمراض القلب وقصور القلب (Heart Failure) تحديداً؟

يعطي الماموغرام نتائجه عبر استعمال أشعة سينية منخفضة الطاقة لـ"مسح" نسيج الثدي بحثاً عن أي اختلالات وشوائب قد تشير إلى تشكّل السرطان. إنه أول فحص يلجأ إليه الخبراء لتشخيص سرطان الثدي في مراحله الأولى.

في العام 2016، أوصى "فريق عمل الخدمات الوقائية" الأميركية بضرورة أن تخضع المرأة بين عمر الخمسين والرابعة والسبعين (يرتفع خطر الإصابة بالمرض في هذه الفئة العمرية) لفحص سرطان الثدي كل سنتين. لكن يبدو أن الماموغرام لا يكتفي برصد الأورام السرطانية فحسب، فقد تبيّن أنه يكشف أيضاً تكلّس شرايين الثدي، أي تراكم الكالسيوم داخل الشرايين في هذه المنطقة. إنها النتيجة التي توصّل إليها بحث جديد بقيادة كوان مينه بوي وزملائه من جامعة كاليفورنيا، سان دييغو. طرح الباحثون نتائجهم خلال الجلسات العلمية السنوية لجمعية القلب الأميركية في فيلادلفيا في الشهر الماضي.

غالباً ما يرتبط تكلّس شرايين الثدي بتراكم الكالسيوم في الشريان التاجي: إنه تراكم خطير لرواسب الكالسيوم في الشرايين التي تنقل الدم المؤكسج إلى القلب، لا سيما لدى النساء. يُعتبر كالسيوم الشريان التاجي بحد ذاته مؤشراً قوياً على أمراض القلب والأوعية الدموية، ومن المنتظر أن يستعمل الأطباء التصوير المقطعي المحوسب بحثاً عن تلـك التراكمـات لـدى الفئات المعرّضة للخطر بحسب تصنيفهم.يعتبـر الباحثون أن تكلس شرايين الثدي قد يسهم في رصد النساء المعرّضات لمشاكل قلبية ووعائية، بما في ذلك النوبات القلبية، والجلطات الدماغية، وقصور القلب (أي عجز القلب عن ضخ كمية كافية من الدم).

في التفصيل، يظن العلماء أن فحص الماموغرام، الذي تخضع له المرأة في عمر معين كجزءٍ من فحوصاتها الاعتيادية، قد يساعد الأطباء على قياس مخاطر أمراض القلب، بالإضافة إلى الكشف عن السرطان.

يوضح بوي: "قد يتمكن الماموغرام من تغيير مسار سببَين أساسيَين للوفاة لدى النساء: سرطان الثدي وأمراض القلب. نظن أن الفكرة القائلة إن "الصورة أبلغ من ألف كلمة" تعكس جزءاً من الحقيقة. وبالتالي قد تسمح رؤية التكلس في شرايين الثدي للمرأة بالمشاركة في رعايتها الطبية الخاصة".

حلل الباحثون في دراستهم سجلات طبية لـ278 امرأة يبلغ متوسط أعمارهنّ 61 عاماً. جُمِعت تلك السجلات بين العامَين 2006 و2016. خضعت جميع المشارِكات لفحص الماموغرام والتصوير المقطعي المحوسب للشريان التاجي خلال السنة نفسها. فلاحظ الباحثون أن 90 مشارِكة (32%) كنّ مصابات بتكلس شرايين الثدي و19 منهنّ (7%) بقصور القلب.

بعد تعديل التحليل لأخذ عوامل أخرى بالاعتبار، منها العمر، والسكري، وارتفاع ضغط الدم، وعوامل الخطر المُسبّبة لقصور القلب، اكتشف الباحثون أن المصابات بتكلس شرايين الثدي كنّ أكثر عرضة لقصور القلب بمعدل 2.2، مقارنةً بغير المصابات بتراكم الكالسيوم.يجد الأطباء صعوبة في تشخيص ومعالجة قصور القلب لدى النساء لأن أسبابه تختلف عن المرض الذي يصيب الرجال، كما أنه يتطور بطرقٍ مختلفة.

بشكل عام، تصاب المرأة بقصور القلب في مرحلة متقدمة من حياتها أكثر من الرجل، وتميل إلى مواجهة أعراض عيادية إضافية. مقارنةً بالرجل، تحمل المريضة أيضاً عضلات قلبية أكثر تصلباً، لكنها تحافظ على قدرة طبيعية لضخ الدم.

تقول إيرين ميكوس، مديرة قسم أمراض القلب والأوعية القلبية النسائية في كلية الطب التابعة لجامعة "جونز هوبكينز" في "بالتيمور" (لم تشارك في الدراسة الجديدة): "لهذا السبب، تكون الوقاية من قصور القلب قبل نشوئه بالغة الأهمية. وترتكز هذه الوقاية على تحديد النساء الأكثر عرضة للخطر وإلزامهنّ بأسلوب حياة مناسب واستراتيجيات دوائية فعالة". إذا تمكن الماموغرام من رصد مؤشرات على مخاطر قصور القلب، قد يسهل على الأطباء أن يعالجوا هذه المشكلة في مرحلة أبكر. لكن تحذر ميكوس من عدم وضوح أفضل خطة طبية في هذا المجال بعد.

في الوقت الراهن، بدأ بوي وزملاؤه يطورون بحثهم الأخير عبر تحليل مجموعة إضافية من فحوصات الماموغرام التي تعود إلى نساء مصابات بأمراض قلبية ووعائية ترتبط بتراكم الكالسيوم في الشرايين.

في غضون ذلك، يوصي الباحثون أطباء الصحة العامة بإضافة معلومات عن المخاطر المطروحة على صحة القلب في التقارير الخاصة بالنساء حين يكشف الماموغرام عن تراكم الكالسيوم في شرايينهنّ.

يضيف بوي: "يُذكَر التكلس العرضي في دراسات تشخيصية أخرى، مثل فحوصات التصوير المقطعي المحوسب، ونظن أن تكلس شرايين الثدي ليس حالة مختلفة. لذا نقترح أن تشمل التقارير معلومة بخط صغير عن وجود رابط محتمل بين تكلس شرايين الثدي وأمراض القلب والأوعية الدموية".


MISS 3