جوزيفين حبشي

ليك هالحكي

لبنان وإعلامه الفني اليوم... "على شكلو شكشكلو"

8 أيلول 2022

02 : 01

كلنا متفقون ان الصحافة والاعلام هما السلطة الرابعة في اي بلد. وفي بلد مثل لبنان، يعاني انهياراً على كافة الصعد، ليس مستغرباً ان يكون قسم من "السلطة الرابعة" على صورة سلطاتنا الاولى والثانية والثالثة، أي "عايشين على غير كوكب وبغير دنيا" عملاً بمقولة "على شكلو شكشكلو".

نترحّم اليوم على زمن الاعلام الراقي والموضوعي والبعيد عن السخافة و"القيل والقال" والعناوين "الطبلية" (من طبل) التي تبهر العين بمفرقعاتها، ومتى دخلنا الى قلب الخبر، وجدناه فارغاً تماماً كالطبل.

نترحّم اليوم على "بعض" الاعلام، تماماً كما نترحّم على زمن القادة الكبار والمسؤولين "المسؤولين" بالفعل عن كافة قضايا البلد الذين جعلوا من لبنان سويسرا الشرق في حقبة الستينات والسبعينات، وابقوا الوضع "نوعاً ما" مقبولاً خلال الحرب، فظلت كرامات الناس محفوظة، وصولاً للاسف الى "كم سنة" الى الوراء، عندما دخلنا مرحلة الانهيار التام.

لبنان اليوم يغلي بالمشاكل والازمات والفقر والذل والكوارث والاجرام، وبعض الصحافة والمواقع الاعلامية، تماماً كبعض الزعماء والسياسيين، في عالم آخر. بعض الاعلام يهتم مثلاً بصورة تظهر ظهر هيفاً "مكرمشاً"، ويطرح تساؤلاً خطيراً: هل تخضع صور هيفا للفوتوشوب؟

اليسا وجنيفر لوبيز ارتدتا الفستان نفسه. على من هو اجمل؟ سكوب: "شاهدوا مايا دياب باطلالة فريدة من نوعها"… خير؟ من دون رموش اصطناعية طولها متران مثلاً؟ او ميريام فارس تخص موقعنا بصور حصرية لم يشاهدها احد في العالم كله من قبل. صور اظافر اصابع قدم ابنها اليمين بعدما قصتها له بعد الـbon bain و… طبعاً، يُختم الخبر بكلمة نعيماً.

فيفي عبدو تكشف السر الخطير وراء رشاقتها الرائعة. وطبعاً نسارع للضغط على الرابط على امل ان نكتشف السر الذي سيوفّر علينا عملية ربط معدة مثلاً، فنقع على جواب تقشعرّ له الابدان: "ما تاكلوش، اقفلوا بؤوكم"….ويا سلام على الاعلام عندما "يعنوِن" احد اخباره بالتالي: هند صبري تفرق شعرها على اليمين وتصدم جمهورها الذي احبها مع فرق عالشمال. اما المضحك المبكي فخبر يقول: "صورة حصرية لسيرين عبد النور في السرير، وهي تستعد للنوم من دون…. ماكياج!!!!!". لحظة، لا تبتسموا، فانا شخصياً قد اتعاطف مع هكذا خبر، لأن "الاعلاميين" معذورون، ففي بعض المسلسلات الدرامية عندنا، تستيقظ الممثلة من نومها وهي" فول ماك -اب"، وتضع احمر شفاه "هالسِمِك" اثناء انجابها ابنها في غرفة العمليات، ويظل "شينيون" شعرها صامداً حتى بعد اسبوع على سجنها وراء القضبان.

ماذا ايضاً؟؟؟ نعم، تذكّرت الآن أن احد المواقع كتب التالي: "منى ابو حمزة تخطف الابصار باطلالتها في حفل زواج شقيقها"، وموقع آخر كتب في الموضوع نفسه: "منى ابو حمزة تقطع الانفاس باطلالتها"... فعلاً، انا شخصياً شعرت ان نَفَسي قد ضاق وبت احتاج لقارورة اوكسيجين، قبل ان اكتشف انه قد تم خطفي بالكامل، وليس بصري وحده، والفدية؟؟؟ ان امتنع فوراً عن قراءة هكذا عناوين واخبار تجعلني وتجعل كثيرين مثلي، نفقد الأمل بوطن كان رمزا للرقي والثقافة والصحافة واخلاقيات الصحافة. نعم اخلاقيات الصحافة التي لم يعد يراعيها كثير من "بعض" هذا الاعلام، خصوصاً في تغطيات لا تراعي حرمة الموت مثلاً، ولا تكترث سوى بالسبق الصحفي "المخجِل" الى حد انعدام الحس الانساني. تريدون مثلاً قبل ان اختم؟ مندوبة احدى المحطات التلفزيونية في لبنان، " تلقّطت" براغب علامة على باب الكنيسة حيث كان يقام قداس وجناز الاربعين للموسيقار الراحل احسان المنذر. سألته "هل صحيح انك تستعد لتسجيل اغنية من الحان الراحل"؟ وعندما اجابها بالايجاب، طلبت منه اثناء استعداده للقيام بواجب العزاء "فيك تسمّعنا مقطع من الأغنية".