من شانيل إلى غوتييه... مصمّمو الأزياء يدخلون عالم الرقص

08 : 52

قبل قرن من الزمن أحدثت دار "شانيل" ثورة في ملابس فرقة الباليه الروسية، ومنذ ذلك الحين يلج كبار المصممين بانتظام "مختبر" الرقص للغوص في الجسد والابتكار بطريقة مختلفة.

ويوضح فيليب نوازيت مفوض معرض "خياطو الرقص" في المركز الوطني لملابس المسرح والسينوغرافيا في مولان وسط فرنسا لوكالة "فرانس برس"، "في مجال الرقص يجد مصممو الأزياء أنفسهم في عالم أجساد تتحرك وتسقط أرضاً وتتلامس وتحمل بعضها البعض. فيجب في الوقت نفسه أن يأخذوا في الاعتبار معايير الخياطة ومتطلبات عملية أخرى في آن".

فهناك السروال القصير المصنوع من قماش الجيرسي "الذي يستخدم للملابس الداخلية" الذي ارتقت به دار "شانيل" إلى مراتب عالية، والملابس الباروكية التي صممها جاني فيرساتشي لدار "لا سكالا"، أو فرقة موريس بيجار والقميص المخطط لجان بول غوتييه، وتنانير الرقص المربعة من فيكتور ورولف، أو المقصوصة بالليزر من إيريس فان هربين مروراً بتلك المغضنة من أيساي مياكي لفرقة وليام فورسايت. فمن خلال 120 زيّاً يسلط المركز الوطني لملابس المسرح والسينوغرافيا الضوء على هذا التعاون الراقي بين هذه الأطراف. وفي الوقت نفسه، يقدم متحف كونستميوزيوم في لاهاي معرض "لتس دانس!" حول العلاقة بين الموضة والرقص.

في "مختبر" الرقص يلجم مصممو الأزياء "الأنا" الخاصة بهم ليضعوها في تصرف الراقصين والمخرجين، فالزي يجب ألا يعيق الحركة وإلا يطغى على تصاميم الرقص.

ويتناقض ذلك مع منصات العرض حيث تشكل عارضات الازياء عموماً علاّقات ملابس متحركة، مع نظرة غائبة وابتسامة محظورة ما يجعلهن يندمجن مع المجموعة.

ويقول فيليب نوازيت "إن المصمّمين يتعلّمون الكثير من هذا اللقاء فهم ليسوا بصدد بيع أزياء بل جعل الحضور يستمتع بوقته. فثمة مجانية هنا خلافاً للموضة مع استثمارات ضخمة في عروض الأزياء". وتروي المصممة الفرنسية أدلين اندريه التي تعاونت مع فرق رقص، "مصممو الرقص يخافون جداً من الملابس (...) من خلال احتلالها حيزاً كبيراً أو تشويه ما يريدون التعبير عنه.

وهذا يفسر كثرة الأزياء باللون السكري التي تتماهى مع لون البشرة، أكانت مكسوة بالشذرات البراقة مثل تلك من تصميم بالمان، أو المزخرفة بالدانتيل (ريكاردو تيشي من دار جيفانشي سابقاً)، أو المطرزة بالزهور من دار "ديور".وتشّدد أدلين اندريه على أن "الألوان تكون متواضعة ليبرز الجسد أكثر ما يثير المشاعر بقوة أكبر. وتصبغ الملابس بلون بشرة الراقصين".

في المقابل ترتدي "الشريرات" في عرض "بسيكي" لراتمانسكي، فساتين باللونين البنفسجي والأخضر الفاقع.

وترى مصممة الأزياء أن القيود الرئيسية تتمثل "بتعرّق الراقصين جداً فينبغي تالياً غسل الأزياء يومياً"، والحرص ألا تتمزق الأقمشة في خضم المشهد الحركي. فخلال أول تعاون لها في هذا المجال "تمزق أحد الفساتين خلال التمارين الأخيرة مع كل أفراد الفرقة". بفضل الرقص، توصّل الياباني إيسيي مياكي إلى صيغة سحرية للتصميم المغضن الشهير "بليتس بليز"، وهو تصميم "يليق بالجميع ولا يتجعد ويمكن غسله إلى ما لانهاية"، على ما يؤكد فيليب نوازيت.في التسعينات انضمّ راقصون في فرقة فورسايت إلى عارضات لمياكي خلال عرض ازياء، وهو أمر كان غير مسبوق في تلك الفترة. وخلال العرضين الأخيرين الأشبه بمسرحيات للدار اليابانية في باريس، رقصت العارضات وتنقّلن على لوح سكايتبورد وقمن بحركات بهلوانية.

وتشير ديلفين بيناسا مديرة المركز الوطني إلى أنّ "الرقص اليوم متواجد أينما كان في تخطيط المدن والسينما، وينجذب مصممو الأزياء إلى هذا اللقاء مع الجسد. وباتت عروض الأزياء باهرة بشكل متزايد وتصمّم على أنّها استعراض".

في أيلول 2018 تعاونت المديرة الفنية لدار "ديور" الإيطالية ماريا غراتزيا كيوري مع مصممة الرقص شارون إيال، في عرض تجاورت فيه العارضات بتنانير خفيفة مع راقصين في ملابس تلاصق أجسامهم. وهي مجموعة مستوحاة من "الرقص كنشاط محرر" تعرض بعض تصاميمها في لاهاي.

وقالت المصممة لوكالة "فرانس" يومها إن تشارك هذا النوع من التجارب الابداعية "يسمح بإلقاء نظرة أخرى على الموضة".

أما مشاغب عالم الموضة المصمم الفرنسي جان بول غوتييه، فلطالما نظم عروضه مثل "عروض الأوبرا". في العام 1985 تعاون مع مصممة الرقص دلفين شوبيا لتنظيم "لو ديفيليه"، "مع أزياء خارجة عن المألوف "مثل صدرية مخروطية الشكل" اشتهرت عبر العالم بعد ذلك بفضل مادونا.وهو يقول في كتيب المعرض إن بعض الأزياء "ليست بسهلة خلال الرقص. تخيلوا الرقص مع تنورة كرينولين منتفخة مصنوعة من الصوف!"


MISS 3