رمال جوني -

"يلا ثوري نبطية، يلا انزل ع الشارع"... حراك سلمي أمام المالية

12 كانون الأول 2019

02 : 00

على وقْع أزمة الرغيف تحرّك المحتجّون اليوم باتجاه ماليةِ النبطية، أطلقوا العنان لوجع جيوبهم الفارغة حتى من ثمن ربطة خبز، وطالبوا بوضع حدٍّ للذلّ الذي يقبع الفقراء تحت وطأته، كانوا أكثر تصالحاً مع أزماتهم، فحددوا أولوياتِهم: إعادةُ هيكلةِ الدينِ العام ووضع خططٍ اقتصاديةٍ طارئةٍ ووقفُ مزرايب الهدر لا سيَّما المالية منها.

انتقل حراك النبطية إلى مرحلة الضغط المباشر، بعد تراجع تحركاتِهِ الميدانية، واقتصارها على خيمة الحراك. وضع المؤسساتِ الرسميةَ نصب عينيه، واعتبر اعتصامه أمام المالية ضربةً في خاصرة الفساد، لأنه وفق المعتصمين "المالية تتواطأ مع المصارف، والأخيرة تتحكم بأموال الناس"، داعين الوزارة إلى سحب الغطاء عن المصارف ومحاسبتهم، والا فإنها ضلع شريك في اجتراح الازمة.

بدا الحراك وكأنه يتحضر لمرحلة جديدة من الضغط. لا يخفي المشاركون تراجع حجم المشاركة الشعبية. كان ذلك واضحاً خلال الاعتصام امام المالية، حيث كانت القوى الامنية اكثر عدداً من المتظاهرين، ومع ذلك يؤكد المحتجون انهم باقون في الساحات، وماضون في تحركاتهم الضاغطة.

لم يتَّبِعِ المحتجون سياسة قطع الطريق او منع الموظفين من ممارسة عملهم في المالية، بل وقفوا قبالةَ المبنى، ورفعوا العلم اللبناني قبل ان يطلقوا العنان لحناجرهم "يلا انزل ع الشارع" في دعوة غير مباشرة للجميع للالتحاق بهم.

اتبعوا سياسة "جس النبض"، ليُبنى على الشيء مقتضاه، انطلاقاً من "الاوضاع المعيشية"، وهي مظلته الأساسية للتحرك. "نلمس معاناة الناس، فهناك من لا يجد طعاماً وآخر يواجه صعوبةً في دفع ايجارات المنازل، والبعض يعاني صعوبة تسديد اقساط المدارس"، وفق أم علي التي تقول: "نتحرك لنواجه الفقر لان السكوت يغلبنا".

هتافات معيشية

لم يخلُ الاعتصام من الهتافات المعيشية "شو بعدك ناطر، الغلاء ضرب الكل، يلا ثوري نبطية، عيشوا العالم بالجوع، هيدا العالم شو موجوع يلا انزل ع الشارع". وصرخت فاطمة بوجه الزعماء: "جوعتونا"، فهي خرجت لتطالب بحق اولادها "بالجنسية". تتحدث السيدة الأربعينية عن معاناة الناس: "جعنا، الشعب كلو فقير، حقنا نعيش بكرامة مش بالذل، بدأنا نجمع المساعدات بـالـ500 والـ1000 ليرة، لنؤمن الطعام لاحدى العائلات الفقيرة في النبطية... لهون وصلنا وشو بدن بعد زعماءنا تيفلوا".

تبكي فاطمة حال الناس: "هناك من يأكل الخبز من النفايات ويبله بالشاي"، لتردف: "ابتلينا بطبقة فاسدة، طبقة لا يهمها غير سلب المال العام"، وتتحسر على لبنان: "ضيعانه".

لخص اعتصام المالية واقع حال النبطية الانساني والمالي، وخرج بمسودة مطالب اشار اليها عباس بحمد بثلاث نقاط: "أن تضرب وزارة المال بيد من حديد من أجل إعادة هيكلة الدين العام، تخفيض الفوائد التي تضعها الدولة على سندات الخزينة، وصولاً الى محاسبة المصارف على سياستها تجاه المودعين". بعدها سار المحتجون في مسيرة سلمية باتجاه السراي الحكومي. الى ذلك شهدت المصارف ازدحاماً كبيراً، وسجل اشكال داخل بنك مصر مع المواطن علي بدير الذي شكا من امتناع المصرف عن اعطائه 200دولار من حسابه، ما ادى إلى تلاسن واشكال بينه وبين الموظفين، وقال: "يتمنعون عن صرف معاشاتنا، هذا الامر لن نسكت عنه، وسنكون لهم بالمرصاد في كل الساحات".

وتواصل خيمة حراك النبطية استقبال مساعدات الالبسة للمحتاجين، كما تفعل بلدية النبطية التي وضعت مجموعة من المستوعبات الكبيرة حملت شعار "كلنا لبعض" حثت خلالها الاهالي على التبرع لمساعدة الفقراء. وتشهد معظم القرى حملات تكافلٍ اجتماعي، وجمع مساعدات مختلفة، نظراً إلى تدهور الوضع المعيشي بشكل خطير واستفحال ازمة البطالة، وتنطلق تلك الحملات من قاعدة "كن عوناً للانسان".


MISS 3