الكتب تجتاح إيسلندا بمناسبة عيد الميلاد

11 : 23

في كل سنة منذ الحرب العالمية الثانية تحتفل إيسلندا، وهي من أصغر أسواق الإصدارات الأدبية، بتقليد "يولابوكافلود"، وهي كلمة تعني حرفياً "نهر كتب الميلاد"... ففي مملكة الأساطير، لا يمكن تصور عيد الميلاد من دون كتب تحت الشجرة.

ويذكر هذا التقليد بـ"سوبر ثرسداي" الذي يقام أول يوم خميس من تشرين الأول من كل سنة في بريطانيا، لكن بحجم مختلف. ويصدر ثلثا الكتب في إيسلندا بين تشرين الثاني وكانون الأول.

ففي المكتبات والمتاجر الكبرى تعرض مئات الكتب الجديدة بأسعار مخفضة في تقليد حيوي للإطراف الناشطة في مجال الكتب، في بلد يبلغ عدد سكانه 360 ألف نسمة ويصل سعر الرواية لحوالى 50 يورو في الأيام العادية.وبعد وجبة الطعام العائلية مساء 24 كانون الأول، يأتي دور القراءة.

وتقول سيغرون هرولفسدوتير الفنانة وربة العائلة "الأدب مهم جداً في إيسلندا وهو برأيي الفن الذي يجد كل الناس أنفسهم فيه".

وقد اختارت ابنتها دونا وابنها غودموندور من الآن الكتب التي يريدانها من "بوكاتيديندي"، أي الدليل الواقع في ثمانين صفحة ويشمل الروايات والقصائد والكتب الموجهة للشباب، ويوزع على علب البريد في كل أرجاء البلاد.

ويشتري 70% كتاباً أو أكثر هدية بمناسبة عيد الميلاد على ما جاء في دراسة لجمعية الناشرين الايسلنديين. وفي نسخته للعام 2019 يضم الدليل 842 مصنفاً جديداً. ويستمد تقليد "يولابوكافلود" جذوره من نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ راحت إيسلندا الفقيرة تحد من الاستيراد لتجنب أن ترزح الأسر تحت عبء مديونية كبيرة في العام 1945. إلا أنّ سعر الورق بقي رخيصاً وراحت الكتب تحل مكان الدمى والألعاب تحت شجرة الميلاد.وكانت إيسلندا يومها قد تحررت للتو من هيمنة نروجية ومن ثم دنماركية استمرت سبعة قرون. ويروي هالدور غودموندسون الكاتب والرئيس السابق لدار "فورلاغيد"، وهي أكبر دار نشر في إيسلندا "ثمة علاقة لذلك مع النقاش حول أهمية الأدب خلال النضال من أجل الاستقلال والبحث عن الهوية الايسلندية: فليكون المرء إيسلندياً عليه بقراءة الكتب".




ومع أن الكتب تصدر بانتظام خلال السنة إلا أن "يولابوكافلود" تبقى مرحلة أساسية. فخلالها حققت دور النشر الايسلندية 40% تقريباً من رقم أعمالها على ما يفيد المعهد الايسلندي للاحصاءات.

وبالمقارنة تشكل المبيعات مع اقتراب عيد الميلاد ثلث اجمالي المبيعات السنوية في بريطانيا وربعها في ألمانيا وهما أكبر سوقين في أوروبا. ويقول بال فالسون مدير النشر لدى دار "بيارتور" الثانية في البلاد من حيث الأهمية "في حال تلاشى هذا التقليد سيندثر قطاع النشر الايسلندي"، مؤكداً أن هذا التقليد يؤمن 70% من عائدات الدار السنوية. وتقول ليليا سيغورداردوتير مؤلّفة روايات تشويق ترجمت إلى الإنكليزية والفرنسية: "ثمة كتب كثيرة تغرق بين كمّ الكتب الصادرة".

وتعتبر إيسلندا من أقل الدول كثافة سكانية في أوروبا الغربية إلا أنها الدولة التي تنشر أكبر عدد من الكتب الجديدة للمواطن الواحد بعد بريطانيا، وفق الجمعية العالمية لدور النشر.ويصدر إيسلندي من كل عشرة كتاباً خاصاً به خلال حياته. والايسلنديون قرّاء نهمون إذ تضم الجزيرة 83 مكتبة لإعارة الكتب ويكرس لها يوم وطني سنوياً في مطلع أيلول منذ العام 2011.

وتعرض الكتب خلال "يولابوكافلود" في السوبرماركت أيضاً على مدى شهرين. ففي وسط السلع الطازجة والبسكويت والأطعمة المثلجة، جناح مخصص لمئات الكتب لا يكون موجوداً في الأيام العادية.

ويتيح ذلك بجعل هذه المؤلفات الغالية نسبياً في متناول عدد أكبر من الناس. فسعر رواية في إيسلندا يصل إلى 6990 كرونة (حوالى 52 يورو) أي أكثر بمرتين من سعره في فرنسا أو بريطانيا.

ويوضح برينيولفور تورستينسون (28 عاماً) البائع في مكتبة "مال اوغ مينيغ في ريكيافيك وهي من الأقدم في ايسلندا، "من الصعب شراء كل هذه الكتب في الأيام الطبيعية وإلا أفلس الجميع".

وارتفع السعر أيضاً بسبب زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 7 إلى 11% في 2015 وارتفاع كلفة الطبع والاستيراد. فإيسلندا تكاد لا تمتلك أي غابة لذا ينبغي أن تنجز الكتب في الخارج.

وكما في دول أخرى، تعاني دور النشر والمكتبات. فمبيعات الكتب تراجعت بالنصف تقريباً منذ العام 2010.

ولدعم القطاع، قررت الحكومة هذه السنة تغطية 25% من كلفة انتاج الكتب المنشورة بالايسلندية.


MISS 3