زيلينسكي يثمن جهود بن سلمان في عملية تبادل الأسرى

واشنطن وموسكو تتبادلان "اللكمات" الديبلوماسية في مجلس الأمن

02 : 00

طابور من السيارات لمواطنين روس يهربون من بلادهم عبر نقطة حدودية مع فنلندا أمس خشية إجبارهم على الخدمة العسكرية (أ ف ب)

في خضمّ الحرب النفسيّة الروسيّة التي تسعّرت نوويّاً على لسان أكثر من مسؤول من الصف الأوّل في موسكو، سُجّلت "مصارعة سياسية" أميركية - روسية طال انتظارها على "حلبة" مجلس الأمن الدولي، حيث تبادل وزيرا الخارجية الأميركي والروسي "اللكمات الديبلوماسية" في شأن حرب الكرملين ضدّ أوكرانيا، لكنّ المواجهة تحوّلت إلى ما يشبه "حوار الصم"، إذ تبادل أنطوني بلينكن وسيرغي لافروف الاتهام بالإفلات من العقاب في أوكرانيا، من دون أن يستمع أحدهما إلى الآخر.

ودعا بلينكن خلال كلمته المجتمع الدولي إلى محاسبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على غزوه لأوكرانيا. وقال في الاجتماع الذي جاء بدعوة من الرئاسة الفرنسية لمجلس الأمن لتسليط الضوء على الوضع في أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي: "لا يُمكننا ترك الرئيس بوتين يفلت من العقاب"، في وقت لم يجلس فيه لافروف الذي تواجد في قاعة المجلس حيث ألقى كلمة أيضاً، على الطاولة نفسها مع الوزراء الآخرين للاستماع إلى خطاباتهم، وحلّ مكانه أحد مساعديه، فيما علّق وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي قائلاً: "إنّه لا يُريد أن يسمع".

وحذّر بلينكن، الذي رفض أي لقاء مع نظيره الروسي منذ بدء الغزو، من أن "النظام الدولي الذي اجتمعنا هنا لدعمه يُدمّر أمام أعيننا"، معتبراً أن "اختيار الرئيس بوتين هذا الأسبوع في وقت يجتمع معظم زعماء العالم في الأمم المتحدة صبّ الزيت على نار أشعلها بنفسه، يدلّ على تجاهله التام لميثاق الأمم المتحدة".

وبينما اعتبر بلينكن أن من الأهمّية بمكان إظهار أنه "لا يُمكن لأي دولة إعادة رسم حدود دولة أخرى بالقوة"، رفض لافروف الاتهامات الغربية وندّد بـ"إفلات كييف من العقاب!". وقال الوزير الروسي لمجلس الأمن: "هناك محاولة اليوم لفرض رواية مختلفة تماماً عن عدوان روسي هو أصل هذه المأساة"، متّهماً أوكرانيا بأنها تُعاني "رهاباً روسيّاً" وبأنها "دولة نازية شمولية". وأضاف أمام نظرائه بمَن فيهم الأوكراني دميترو كوليبا: "كييف تدين بإفلاتها من العقاب لشركائها الغربيين".

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد تحدّث في مستهلّ الجلسة عن أن تقارير الهيئات الأممية المعنية بحقوق الإنسان تُظهر "قائمة من (الأعمال) الوحشية... إعدامات بإجراءات تعسفية وعنف جنسي وتعذيب وغيرها من الممارسات اللاإنسانية والمهينة بحق مدنيين وأسرى حرب"، مؤكداً أنّه "يجب التحقيق في كلّ هذه المزاعم بشكل شامل لضمان المساءلة"، من دون أن يتّهم روسيا بشكل مباشر.

وحضر الجلسة المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الذي سبق أن أعلن إطلاق تحقيق في "جرائم حرب" محتملة بعد أيام فقط من بدء غزو روسيا لجارتها في شباط. وقال خان لمجلس الأمن: "من وجهة نظري، ينبغي سماع أصداء نورنبرغ اليوم"، في إشارة إلى المدينة الألمانية التي جرت فيها محاكمة مسؤولين نازيين على "جرائم ضدّ الإنسانية".

وفي الغضون، دان وزراء خارجية "مجموعة السبع" تصعيد موسكو للحرب في أوكرانيا وتوعّدوا بفرض "عقوبات جديدة محدّدة الأهداف". وشجب الوزراء "تصعيد روسيا المتعمد، بما في ذلك التعبئة الجزئية لجنود الاحتياط والخطاب النووي غير المسؤول"، في بيان نُشر ليل الأربعاء - الخميس بعد اجتماع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.

كما ندّد وزراء الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان، وكذلك وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بـ"الاستفتاءات الوهمية في أراضي أوكرانيا ذات السيادة"، معتبرين أن التصويت "لا يُمكن أن يكون حرّاً أو نزيها" بوجود القوات الروسية.

وكرّرت موسكو بالأمس تلويحها باستخدام أسلحة نووية، إذ قال الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف، الذي يشغل حاليّاً منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي، إنّ بلاده مستعدّة لاستخدام كلّ الوسائل بما فيها الأسلحة النووية الإستراتيجية للدفاع عن الأراضي التي ستنضمّ إليها، بينما دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتّحدة ألقاه من كييف مباشرة عبر الفيديو مساء الأربعاء إلى فرض "عقاب عادل" ضدّ روسيا.

توازياً، قدّم زيلينسكي شكره لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال اتصال هاتفي على جهوده في عملية تبادل الأسرى مع روسيا. وقدّر الرئيس الأوكراني قبول ولي العهد دور الوسيط، منوّهاً بالدور المحوري للسعودية في منطقة الشرق الأوسط والعالم، فيما أكد ولي العهد السعودي حرص بلاده ودعمها لكافة الجهود الدولية الرامية لحلّ الأزمة سياسيّاً ومواصلتها جهودها للإسهام في تخفيف الآثار الإنسانية الناجمة عنها، مجدّداً التأكيد على استعدادها لبذل الجهود للوساطة بين كلّ الأطراف.

إلى ذلك، دعا زيلينسكي الروس إلى "الاحتجاج" على قرار التعبئة على الجبهة الأوكرانية، وقال بالروسية في رسالته المصوّرة التقليدية: "قُتل 55 ألف جندي روسي في هذه الحرب خلال 6 أشهر... هل تُريدون المزيد؟ كلا؟ احتجّوا إذن. ناضلوا. أهربوا أو سلّموا أنفسكم" للجيش الأوكراني، في وقت يتواصل فيه انتشار التقارير المصوّرة التي تُظهر فرار الكثير من الرجال الروس خارج البلاد هرباً من الخدمة العسكرية، برّاً وجوّاً وبحراً.

MISS 3