تدور أحداث The Good Liar (الكاذب البارع) في لندن، في العام 2009، ويبدأ الفيلم بظهور شخصَين بعمرٍ معيّن وهما يدردشان على موقع للمواعدة ويتفقان على اللقاء لتناول عشاء عادي. يلتقي هناك "روي" (إيان ماكيلان) و"بيتي" (هيلين ميرين). وبعد لحظات من الحرج في البداية (استعمل كل واحد منهما اسماً مزيفاً على الموقع الإلكتروني)، سرعان ما ينسجمان على أكمل وجه. لا تتخذ علاقتهما طابعاً رومانسياً بالضرورة (خسرت "بيتي" زوجها قبل سنة وليست مستعدة لخوض علاقة مشابهة)، لكنهما يصبحان رفيقَين قريبَين لدرجة ألا تتردد "بيتي" في دعوة "روي" لتمضية الليلة في منزلها الفخم حين يصاب بتشنج في الركبة في إحدى الليالي. يكون حفيد "بيتي"، "ستيفن" (راسل تورفي)، الشخص الذي يخرّب هذه القصة الهادئة والجميلة ظاهرياً، فهو لا يكفّ عن التشكيك بنوايا "روي" ويقلق من ميل جدّته الساذجة إلى تطوير علاقتها به سريعاً.
في المرحلة اللاحقة، نكتشف أن شكوك "ستيفن" مبررة لأن "روي" رجل مخادع يسعى إلى كسب الأموال من نساءٍ بمواصفات "بيتي". هو لا يقوم بهذه الأعمال لجني المال فحسب، بل يستمتع بخداع أشخاصٍ يعتبرون أنفسهم أذكى من الوقوع في فخ مماثل في هذا العصر، ويمنعهم خجلهم طبعاً من إبلاغ الشرطة لتجنب الإهانة. تقضي خطة "روي"، بمساعدة شريكه (جيم كارتر)، بإقناع "بيتي" بضرورة التخطيط لمستقبلهما المالي ووضع أموالهما (تصل ثروتها إلى ثلاثة ملايين جنيه استرليني تقريباً)، في حساب مشترك يستطيعان استعماله معاً، لكنه سيفرغه طبعاً قبل أن يختفي من حياتها. نفّذ "روي" نسخاً متنوعة من هذه الخدعة سابقاً، لكن تبرز تعقيدات إضافية هذه المرة، منها عودة ظهور إحدى ضحاياه بطريقة غير متوقعة، فيجيد التعامل معها بسهولة (ولو بطريقة ملتوية). لكن يزيد الوضع تعقيداً حين يشعر "روي" بأنه يكنّ مشاعر معينة لـ"بيتي"، لا سيما بعد معرفته بإصابتها بمشاكل صحية تخفيها عن الجميع. بعد فترة غير طويلة، يقرر الاثنان الذهاب في عطلة... لن نفصح عن تفاصيل إضافية!
Good Liar من إخراج بيل كوندون المعروف بمشاريع مكلفة مثل Gods and Monsters (آلهة ووحوش) وKinsey وMr. Holmes، فضلاً عن مشاركته في أفلام موسيقية ضخمة مثل Dreamgirls (فتيات الأحلام)، وBeauty and Beast (الجميلة والوحش)، وThe Greatest Showman (أعظم رجل استعراضي). لكن قبل هذه الأعمال، استلم أفلاماً تجارية منخفضة الميزانية ومبهرجة أحياناً، منها Murder 101 (جريمة قتل 101)، و Dead in the Water (ميت في المياه)، و Deadly Relations (علاقات مميتة)، و Man Who Wouldn’t Die(رجل لا يموت). كان معظمها ليقترح عناوين بديلة مناسبة لعمله الأخير. على مستويات عدة، يبدو هذا الفيلم أشبه بدمجٍ لهاتين الحقبتَين المختلفتَين في عالم صناعة الأفلام، فهو يأخذ قصة ملتوية ومبتذلة بالدرجة نفسها (اقتبسها جيفري هاتشر من أحد كتب نيكولاس سيرل)، ويستفيد من الحضور القوي لبطلَي الفيلم كمصدر إلهاء حين تنحرف القصة عن مسارها الصحيح. إنه عامل مهم جداً لأن المُشاهد سيلاحظ سريعاً أن القصة تخفي خبايا كثيرة وراء الأحداث الظاهرية وتقود إلى اكتشافات صادمة لكن متوقعة في معظمها، ولو بصورة عامة. يحتاج هذا النوع من الأفلام إلى حبكة قوية أو متماسكة بما يكفي على الأقل لمنع المشاهدين من التشكيك بمسار الأحداث. لكن تتعدد المشاهد التي تجعل الشخصيات تتكلم أو تتصرف بشكلٍ محدد لمجرّد أنّ الحبكة تفرض عليها ذلك.يبدو الفيلم خفيفاً ومنطقياً في نصفه الأول. لكن على مر النصف الثاني، يبدأ بطرح مواضيع قاتمة لا تتماشى بسهولة مع الأحداث السابقة، وسرعان ما تُمهّد للكشف عن أسرار كبرى في الجزء الأخير الذي يبدو كئيباً وبائساً لدرجة أن يطيح بتوازن الفيلم كله.
في النهاية، لا يصيب The Good Liar الهدف الذي يصبو إليه، ومع ذلك يشمل بعض التحولات والجوانب المنطقية، أبرزها تناسق بطلَي القصة. لن يكون أداؤهما في هذا الفيلم كفيلاً بإدراجهما على لوائح أفضل الممثلين على الأرجح، لكن من الممتع أن نشاهدهما جنباً إلى جنب، فهما يعطيان طابعاً قوياً لمشاهدهما المشتركة وما كان أي ممثلين آخرين ليقدموا الأداء نفسه. يحافظ المخرج كوندون من جهته على حيوية الأحداث ويقدم مشاهد مشوّقة ومتقنة في محطة "تشارينغ كروس" تحت الأرض. بشكل عام، لا يمكن اعتبار الفيلم جيداً بما يكفي لمقارنته بأعمال ألفريد هيتشكوك، وهو هدفه الأصلي بكل وضوح. لكنه جيد بما يكفي كي يراجعه هيتشكوك شخصياً ويطرح نسخة معدّلة منه!