رمال جوني -

تصادم بين الأهالي وعمال الورشة القائمة في جرجوع

"خناقة على المي" في نبع الطاسة

30 أيلول 2022

02 : 00

المعترضون

لم يتابع الجنوبيون مراسم انتخاب الورقة البيضاء اليوم، وربما لم يتذكروا ان هناك جلسة لانتخاب رئيس للبلاد، فإنشغالاتهم اليومية بكيفية حلحلة عقدهم المالية كانت الطاغية. لا يهتم المواطن اليوم للصراعات السياسية الدائرة بين اقطاب البلد، فصراعات القرى على المياه تبدو اخطر، وتجلى الامر في ما حصل عند نبع الطاسة، الذي دار جدل كبير حوله، هل يجفف المشروع نبع الطاسة الذي يغذي اكثر من 200 بلدة وقرية، ام يكون الحل؟ في المواجهة، بدا النزاع الدائر بين الجمعيات البيئية في عربصاليم وجرجوع وبين مصلحة مياه لبنان الجنوبي، صراعاً على نبع الطاسة، الواجهة السياحية لقرى اقليم التفاح، والذي يخترق الجبال ضمن الوادي الاخضر ليصل الى الزهراني، غير ان الحقيقة تبدو مغايرة نوعاً ما، فهي على ما تشير المصادر سياسية بحتة، وان صراع الاحزاب «حزب - حركة» انتقل من صراع الكهرباء الى صراع المياه، هذا الامر ترفضه الجمعيات البيئية، التي شنت حرباً ضروساً ضد مصلحة مياه لبنان الجنوبي، واستطاعت انتزاع قرار قضائي صادر عن قاضي الامور المستعجلة في النبطية احمد مزهر، قضى بوقف اعمال مشروع فائض مياه الشتاء الذي، بحسب مؤسسة المياه، «سيحل الازمة، ويخفف من وتيرة استخدام الآبار الارتوازية التي ستكون عاجزة عن تأمين المازوت لها».

ترتكز المؤسسة في مشروعها على دراسة الاثر البيئي والمائي، وحاولت مراراً وتكراراً خلال لقاءات جمعت مدير مؤسسة مياه لبنان الجنوبي وسيم ضاهر مع الاندية والجمعيات البيئية، عرض المشروع الذي يهدف للاستفادة من فائض الشتاء، لا اكثر، وان المشروع لن يطال النهر، بل يهدف الى تجميع المياه في خزانات وضخها عن طريق الجاذبية للقرى.

هذا الامر لم يرق للجمعيات البيئية، التي رأت بالمشروع جريمة بحق نبع الطاسة، وانه يجب الحفاظ عليه.



الورشة



بالامس حصل تصادم بين عدد من الاهالي وعمال الورشة القائمة عند نبع الطاسة في جرجوع، في محاولة لايقاف العمل، غير ان الاعمال استمرت الى ان جرى ايقافها بعيد منتصف الليل، للبحث في القرار القضائي. المحامي حسن بزي عن جمعية «الشعب يريد اصلاح النظام» أكد ان الاعمال توقفت وان قاضي الأمور المستعجلة في النبطية طلب من فصيلة درك جباع مؤازرة كاتب محكمته، لتنفيذ قرار وقف الأعمال في نبع الطاسة.

صحيح ان الاعمال توقفت غير ان هناك فريقاً يدافع عن المشروع، ومنها قرى النبطية التي ترى فيه خلاصاً من ازمة شح المياه، واعتبرته نموذجياً، وان كل الحملات التي تشن ضده تثير علامات استفهام، خاصة وأنها تقف في وجه مشروع للافادة من فائض الشتاء الذي يذهب هدراً الى البحر. ويتساءل الناشط وسيم عن اسباب الوقوف بوجه هذا المشروع الذي سيغذي 201 بلدة تعاني شحّاً كبيراً في المياه، لافتاً الى ان هناك أصواتاً عديدة لطالما طالبت ببناء السدود للافادة من مياه الشتاء، وهذا المشروع لا يختلف كثيراً عن المشروع الذي نفذه الفرنسيون في عشرينات القرن الماضي عند نهر الزرارية، وهو اليوم يشكل مصدراً لري المزروعات في المنطقة.

على ما يبدو ان صراع المياه بدأ، وما وقف مشروع نبع الطاسة الا أولى شراراته، فالبلدات العطشى في قرى اقليم التفاح حكماً ستعترض، وبحسب المعلومات فإنها كانت تضع آمالاً كبيرة على هذا المشروع، حتى البلديات نفسها كانت تجد فيه خلاصها، تحديداً في الشتاء وسط عجزهم عن شراء المازوت.

إلا ان المشروع الممول من اليونيسف حالياً جُمّد، الى حين البت بالمراجعات التي ستقدمها مصلحة المياه، في حين يؤكد بزي ان القضية مفتوحة الى حين ايقاف المشروع نهائياً وإنهاء مزاريب الفساد.

ويحتدم السجال حول الاثر البيئي للمشروع وقضائه على الحياة الايكولوجية للنهر، وهو امر تؤكده الجمعيات البيئية وترفضه مؤسسة المياه التي تجزم ان المشروع لن يطال النهر ولا مجراه لا من قريب او بعيد، هو فقط مد انابيب لسحب فائض الشتاء الى خزانات حومين.

وبين الردّ والردّ المضاد، معركة نبع الطاسة مستمرة، فلمن الغلبة ستكون للمؤسسة ام للجمعيات البيئية؟