البلد يواجه ثلاثة تحديات كبرى للاقتصاد الكلّي

بـاز: لا مفرّ من طلب "المساعدة المالية"

02 : 00

"الأزمة النقدية في لبنان من نقطة الانعطاف إلى النقطة الحاسمة" عنوان محاضرة ألقاها الخبير الاقتصادي والمالي د. فريدي باز أمس في جامعة القديس يوسف - أوديتوريوم فرانسوا باسيل، بدعوة من كلية العلوم الاقتصادية، في حضور حشد من الأساتذة ومسؤولي الجامعة والطلاب ومهتمين.

وقال باز: "هناك ثلاثة أجيال من الأزمات النقدية التي يمكن ان يمرّ فيها بلد مثل لبنان يتميز باقتصاد صغير ومنفتح على الخارج، ونحن في الجيل الثالث وهو الأكثر جدية. لكن هذه الازمة ليست تلقائية ولا مستقلة بل متدرجة، إذ بدأت مع الجيل الأول في سياق عدم أخذ أي إجراء إستباقي من قبل السلطات المعنية، ما أدى الى تطورها الى المرحلة الثانية التي تتميز بفقدان تام للثقة. وعندما نصل الى المرحلة الثالثة تكون التوأمة حصلت بين مشاكل الإقتصاد الحقيقي وأزمة المالية العامة وأزمة المدفوعات الخارجية وأزمة السيولة المصرفية، ويمكن ان نتخيل مدى خطورة هذا الخليط المتفجر".

وفي العودة إلى موضوع الأجيال المتعاقبة للازمات النقدية، أشار باز الى أن "الجيل الأول بدأ في أيار 2016 لأن في هذا التاريخ اطلق البنك المركزي هندساته المالية ما شكّل مؤشراً على الصعوبات المالية. لكن قبل ذلك في العام 2011 مع الحرب في سوريا والتشنجات الإقليمية في ظل انخفاض سعر البترول، تراجعت التحويلات المالية الى المنطقة ومن ضمنها لبنان، وصولاً الى شبه توقفها مع تحويل 3 مليارات دولار فقط الى لبنان في أول سبعة أشهر من العام 2019. أدى ذلك الى عجز تراكمي في ميزان المدفوعات وصل الى 18 مليار دولار. وتفاقم العجز في المالية العامة، أي نمو نسبة الإنفاق اسرع من نسبة نمو الإيرادات، وحقق لبنان عجزاً في الميزانية قارب 37 مليار دولار. كما أن سياسة تثبيت سعر صرف الليرة خلقت منذ اطلاقها سنة 1997 وحشاً هو كناية عن موجودات في البنوك هي اكبر 4 مرات من حجم الإقتصاد، وهو ما ليس موجوداً لا في هونغ كونغ ولا في سنغافورة. خلق ذلك دولرة للاقتصاد".

وذكّر بأن هناك "ثلاثة تحديات كبرى للاقتصاد الكلي يواجهها لبنان الآن، هي: الدين العام غير المستدام الديناميكي على خلفية النمو السلبي، وارتفاع أسعار الفائدة وإدارة فاسدة وغير فعالة، دين ديناميكي خارجي لا يمكن تحمله بسبب التوقف المفاجئ تقريباً لتدفقات رأس المال، وهي عملة تقدر قيمتها بنسبة 50% (وفقاً لصندوق النقد الدولي)، ومخاطر هائلة لإعادة التمويل والتآكل السريع لاحتياطيات النقد الأجنبي في المصرف المركزي".

وحذّر من أن "تأثير الهبوط الصعب أمر مكلف للغاية، على مستوى الركود العميق في الناتج المحلي الإجمالي، وإعادة الهيكلة المعقدة للديون، وإعادة الرسملة الحتمية للبنوك وخطر حقيقي من ثقب الودائع"، موضحاً أنه "مهما كان خيار الخروج من الأزمة، فإن لبنان سيتعين عليه طلب مساعدة مالية دولية لا مفر منها، أكان من صندوق النقد الدولي أو من مجموعة أصدقاء لبنان أو من مجلس التعاون الخليجي وغيرها، والمتطلبات ستكون هي نفسها تقريباً:

- تنفيذ الإصلاحات الهيكلية في غضون 12 شهراً كحد أقصى.

- إعادة ضبط السياسات النقدية والمصرفية لاحتواء مشاكل الملاءة المحتملة.

- تحديد أهداف العجز والديون بحد أقصى 100% على مدى 5 سنوات (6% النمو الحقيقي و6% قاعدة الفائض الأولي).

- إضفاء الطابع الرسمي على ضوابط رأس المال وتكون شفافة تماماً مع المودعين والدائنين.

- التخفيض الفوري للواردات بنسبة 30 إلى 40% (استناداً إلى تجارب من بلدان مماثلة).

- استكشاف أسئلة تقييم سعر الصرف الحقيقي مع صندوق النقد الدولي.

- خطط لإعادة هيكلة لطيفة للديون الخارجية بما يتوافق مع احتياجاتنا من السيولة قصيرة الأجل بالعملات الأجنبية.

- تعزيز امتصاص الصدمات الاجتماعية، وخصوصاً على مستوى أفقر الناس".


MISS 3