سامي نادر

تعدّد أسعار الصرف مستمر وآخرها الـ15000 ليرة

1 تشرين الأول 2022

02 : 00

أخيراً وعند نهاية الشهر التاسع أُقِرَّت الموازنة. لم تقدم في طيّاتها أي إصلاح يذكر، لا على مستوى النفقات الحكومية ولا على مستوى جدولة الديون؛ لا في ما يتعلق مثلاً بصناديق التأمين للعاملين في القطاع العام أو صناديق نهاية الخدمة، ولا في ما يتعلق بشكل عام بترشيد الإنفاق، أو بسياسات التوظيف، أو بتطوير النظام الضريبي. مع ذلك قد يعتبر البعض أن إقرار الموازنة حتى ولو جاء متأخراً يشكل إنجازاً إذا ما قورن بالسنوات التي لم تقرّ خلالها موازنات، إنها خطوة مطلوبة من قبل صندوق النقد. ربما فات البعض أن المطلوب ليس أي موازنة، إنما موازنة تعبّد الطريق للإصلاح بدءاً بضبط عجز الخزينة. وحول هذه النقطة تحديداً هل يجب التذكير بأن موازنة 2022 التي صدّقت بداية الأسبوع رست على عجز بنسبة 36%؟ وهو عجز بعيد كل البعد عن عجز الـ 4% الذي تعهدت به الحكومة لعام 2022 وفق ما جاء في الإتفاق الموقع مع صندوق النقد في نيسان 2022.

ومن غرائب ما تضمنته الموازنة الجديدة هو اعتماد سعر صرف 15000 ل.ل. للدولا ر الواحد. لا أحد يشكّ انه لم يعد في الإمكان الإبقاء على سعر صرف 1500 ليرة بعد كل ما حلّ بالعملة الوطنية نتيجة الإنهيار المالي. لذلك أوصت كل الوكالات الدولية المتابعة للشأن اللبناني وعلى رأسها صندوق النقد بتوحيد سعر الصرف باتجاه تحريره بالكامل. أما ما طالعتنا به الحكومة فليس إلا إضافة سعر صرف جديد الى سلة أسعار صرف متعددة ومتضاربة، كلّها صادرة بموجب تعاميم ممهورة بتوقيع مصرف لبنان. وهل يجب التذكير أيضاً بأن تعدّد أسعار الصرف يشرّع الباب أمام المضاربات والربح السريع غير المشروع.

وهنا يتساءل المراقب لماذا تمّ تحديد سعر الصرف على 15000 ليرة؟ على أي قاعدة حسابية تم الإرتكاز ووفق أي دراسة؟ أم تم إسقاط هذا الرقم بشكل شبه عشوائي، لتأمين توازن شكلي في الأرقام؟ يبرر الوزير المسؤول قائلاً إن اعتماد سعر الصرف 15000 جاء كخطوة باتجاه توحيد سعر الصرف. هذا جيد ومفيد، ولكن ألم تقدَّم الحجة نفسها عند إنشاء منصة صيرفة؟ وتجدر الإشارة الى أن سعر صيرفة اليوم يوازي ضعفي الـ 15000 ليرة.

في الخلاصة إن سعر الصرف المطروح والبالغ 15000 بعيد كل البعد عن سعر السوق الحقيقي وبعيد أيضاً ان سعر المنصة التي أنشئت بهدف توحيد سعر الصرف. تبقى الحجة القائلة انه كان لا بد من اعتماد سعر وسطي لزيادة العائدات الحكومية لأن اعتماد سعر المنصة كقاعدة للعائدات الضريبية سوف يزيد العبء على المواطنين وعلى قطاع الإنتاج. هذا صحيح، إلا إذا خفضت نسبة الرسوم والضرائب. لذلك كان من الأفضل تكريس سعر صيرفة كقاعدة لتوحيد سعر الصرف بالتوازي مع تخفيض النسب الضريبية لتعزيز العائدات الضريبية بشكل تدريجي.

ولكن لا يبدو أن توحيد سعر الصرف يحظى بإجماع، لما قد يسببه من فجوة كبيرة في ميزانية المصارف، ليس في إمكان أحد لا الإعتراف بها ولا معالجتها.


MISS 3