وليد شقير

هوكشتاين واتفاق الإطار والتعديلات اللفظية

12 تشرين الأول 2022

02 : 00

فعلها آموس هوكشتاين وأنقذ مسودة الاتفاق بعدما كادت السياسة والمناورات تضعه في مهب الريح، وتعاطى مع الملاحظات اللبنانية والاعتراض الإسرائيلي على بعضها، على أنها تضع تلك المسودة موضع التشكيك.

ما أدخله الوسيط الأميركي من تعديلات، بعد الاعتراض الإسرائيلي على الملاحظات اللبنانية «لغوية» وصياغات لفظية، جاءت من خلفية ترجيحه وإدارته في واشنطن، أن العقبة سياسية ولا تتعلق بنص الاتفاق، بل بالظروف المحيطة به، خصوصاً في إسرائيل الغارقة في الحملات الانتخابية بين بنيامين نتانياهو الذي يأمل بالعودة إلى رئاسة الحكومة وبين رئيس حكومة تصريف الأعمال يائير لابيد وحلفائه، تمهيداً ليوم الاقتراع في الأول من تشرين الثاني المقبل. وسبق للجانب الأميركي أن شجع لابيد على المضي بالاتفاق لأن الجمهور الإسرائيلي يريد الاستقرار والسلام، وكذلك اللبنانيون.

فالمسودة التي تسلمها لبنان في 2 تشرين الأول، كان هوكشتاين صاغها بعد أشهر من المداولات والأخذ والرد بينه وبين كل من الجانبين الإسرائيلي واللبناني، فاستخرج من محاضر تلك المداولات في كل اللقاءات التي أجراها، ما يهم كل منهما وصاغها بكثير من التأني والحنكة التي يتمتع بهما، ، ليطرح ما يرضي قيادتي الدولتين، بعد أن تولت السنوات الماضية من التأخير تنعيم مواقف كل منهما. وأدرك الوسيط الأميركي أن العقبات السياسية أمام الإنجاز هي إما نتيجة التنافس داخل كل من الدولتين على السلطة، أو بسبب العقول الحامية هنا أو هناك، عبر طرح الجانب اللبناني الخط 29 لأغراض لا علاقة لها بالترسيم، أو طرح الجانب الإسرائيلي خطاً يسمح له بالتنقيب قبالة مدينة صيدا. وفي لبنان بات شائعاً أن بموازاة التفاوض على الحدود البحرية، هناك سعي من الرئيس عون وباسيل لإخراج الأخير من براثن العقوبات الأميركية عليه وفق قانون مغنتسكي، المتعلق بمكافحة الفساد والإرهاب... ويبدو أن هوكشتاين تصرف بنوع من اللطافة مع باسيل، لمعرفته بأن باستطاعة الأخير تسهيل التفاوض بفعل علاقته الوثيقة بعون، في وقت ستتولى جهة عربية مساعدة الأخير في واشنطن لمحاولة إزالة العقوبات. عرف اللعبة السياسية الدائرة خلف الترسيم، فنصح باتصال رئيسه جو بايدن بلابيد قبل أكثر من شهر لتشجيعه على تسريع إنجاز الاتفاق. فيما جاء اتصال بايدن بالرئيس عون أمس لتهنئته بانتهاء المفاوضات بين لبنان وإسرائيل ليدغدغ مشاعر الأخير بأن العهد بدأ بإقرار مراسيم تنظيم قطاع النفط، وينتهي بإقرار الترسيم. أما في الواقع فإن الفقرة الأولى من المسودة التي باتت نهائية، تستدرك إزاء ميل رجالات الفريق الرئاسي لمصادرة الإنجازات والشعارات كما يحصل مع الإصلاحات المطلوبة. وهي تشير إلى «اتفاق الإطار» الذي صاغه الوسيط الأميركي في المفاوضات البعيدة من الأضواء مع رئيس البرلمان نبيه بري في 29 أيلول 2020 ، بعد أن كان عرض على الأخير حصول لبنان على 90 في المئة من المنطقة المتنازع عليها، أي الـ860 كلم مربعاً، ما أفضى إلى التوافق على مخرج التفاوض غير المباشر في الناقورة، بوساطة أميركية ورعاية الأمم المتحدة للبحث في حصول لبنان على الـ10 بالمئة الباقية، إلا أنه تمت إضاعة زهاء السنتين بعدما طُرح الخط 29 على أنه المطلب اللبناني.

خلال اجتماع الرؤساء الثلاثة ميشال عون وبري ونجيب ميقاتي في 4 تشرين الأول نصح بري بتأجيل إعطاء موافقة لبنان النهائية على المسودة، في انتظار موافقة الكابينت الإسرائيلي المصغر الذي كان سيجتمع بعد بضعة أيام، إلا أن الإصرار على التصريحات التي صدرت تؤكد أن لبنان حصل على حقوقه كاملة، وعلى «انتصاره»، استنفر أخصام لابيد وخصوصاً بنيامين نتانياهو الذي اتهم رئيس الوزراء، بتسليم حقوق الإسرائيليين لـ»حزب الله».

الصياغة النهائية للمسودة تستخدم عبارات جديدة للإبقاء على مساحة الخمسة كيلومترات البعيدة عن الشاطئ حيث يبدأ رسم الخط 23، خاضعة للتفاوض بين البلدين، بدلاً من أن يتم توصيفها على أنها «ستاتيكو» يتم بحثه لاحقاً. وهي تشطب العبارة التي تشير إلى «بموافقة الطرفين» والتي تربط استقدام أي شركة قد تكون معرضة للعقوبات من أجل الاستثمار في المنطقة اللبنانية، كي لا يحصل أي التباس يحوّل إسرائيل إلى شريك للبنان... أما الاعتراض اللبناني على الفقرة التي تتحدث عن تولي شركة «توتال» دفع تعويضات مالية من عائدات الجزء الواقع في المنطقة الإسرائيلية من حقل قانا، فتمت إعادة صياغته من دون التطرق إلى اسم لبنان، باعتبار أن هذه التعويضات لا علاقة للبنان بها. وهذا سيتم بضمانة أميركية، يفترض أن تواصل في المراحل المقبلة من تطبيق الاتفاق، وفي حال حصول أي إشكال أو نزاع جديد يحصل....


MISS 3