ميشال قزح

كيف يترجم الترسيم مادياً؟

17 تشرين الأول 2022

02 : 00

انتهى الترسيم بين لبنان واسرائيل، ولن أدخل في تفاصيل اذا خسر لبنان من مساحته الجغرافية أو اذا كان الاتفاق مجحفا بحقّ لبنان. سأترك هذا الموضوع للاختصاصيين بالمساحة والجغرافيا، وسأتطرّق لنتائج الترسيم على الوضع الاقتصادي اللبناني.

من دون شك، فان الترسيم هو ايجابي للاقتصاد اللبناني. كونه يلغي احتمال الحرب مع دولة لديها قدرات عسكرية وقتالية كبيرة، فيتجنب بالتالي مزيداً من الدمار، ويسمح للبنان بالتنقيب عن النفط.

التنقيب عن النفط يحتاج طبعاً لسنوات طويلة . لكن المستثمرين دائماً يستبقون الأحداث الاقتصادية، ويراهنون على تكهنات لتصبح من بعدها حدثاً، وتبدأ أولاً بشراء العقارات.

اذا أخذنا أرض الواقع، بعد اتفاق الترسيم، لم تتحرّك أسواق السندات (اليوروبوند) وبقيت عند حدود 7 سنتات للدولار.

كما ان الخبر لم يحرّك سوق الدولار، الذي استمرّ بالارتفاع وتخطى الـ 40.000 ليرة. وسيستمرّ بالصعود برأيي ليلامس الـ 50.000 ليرة قريباً جدّاً طالما ان الاقتصاد لم تدخله دولارات جديدة.

اذاً، المستثمرون لم يصدّقوا خبر الترسيم ولم يشتروا السندات. وبالتالي هم لا يثقون بمستقبل الاقتصاد اللبناني، وما من احد يريد ان يضع دولاراً واحداً هنا، وذلك بسبب عدم وجود ثقة بالأشخاص الموجودين في السلطة .

ليترجم الترسيم عملياً، علينا أن ننتظر شركات النفط، لنرى اذا كانت فعلاً سترسل فرقها ومعدّاتها لتبدأ العمل.

لن يحصل ذلك قبل أن يقوم لبنان ببعض الخطوات الاستراتيجية، وهي تسوية بين الفرقاء اللبنانيين لانتخاب رئيس جمهورية مع حكومة جديدة.

يقوم لبنان من بعدها بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ليعيد الثقة الى الاقتصاد. ويقوم بإصلاحات جوهرية تعيد ثقة المستثمرين.

الاجواء الايجابية، اذا ما حصل ذلك، ستعيد الثقة. وسيعود المستثمرون لضخّ الدولارات في الاقتصاد. وسنشهد بالفعل تحسّناً في سعر السندات وسعر الليرة.

اتفاق الترسيم بشكله الحالي هو خطوة أولى لرفع الفيتو الدولي عن لبنان، وكسب رضى الغرب. لتدخل بعدها ربما مساعدات مالية الى الاقتصاد ولتعود الكهرباء الى تغذية 8-10 ساعات من غاز مصر وامداد الاردن.

اما بالنسبة للمواطن العادي، فلن يلمس أي تحسن في وضعه المادي بسبب المشكلة الكبرى، وهي وجود الفساد المستشري الذي ينهب كلّ مقدرات البلد، وسينهب نفطه اذا ما استمرّ الوضع على ما هو عليه.

(*) مستشار مالي