تاليا القاعي

الوداع لكورونا وأهلاً بالكوليرا... ولا داعي للهلع

بعد الشمال الكوليرا تحطّ في كسروان.. هل يتكرّر سيناريو كورونا؟

18 تشرين الأول 2022

17 : 11

يوم جديد يطلّ على اللبناني والازمات تلاحقه من مختلف النواحي، وجديدها الكوليرا. منذ فترة قصيرة أطلّ هذا الوباء على لبنان مسجلاً إصابات في صفوف أحد النازحين القادمين من سوريا، لتبدأ رحلة التفشي خصوصاً في المخيمات السورية والفلسطينية. عشرات السنين مرّت على تسجيل آخر حالة كوليرا في لبنان، واليوم عاود الظهور ولا يزال العدّاد يحلّق يومياً، ليتخطّى المخيمات الشمالية ويسجل 3 حالات في كسروان. فهل نكون أمام سيناريو مرعب مشابه لفيروس كورونا؟



د. جورج جوفيلكيان


من هنا، يشرح الاختصاصي في الأمراض الرئوية والعناية الفائقة الدكتور جورج جوفيلكيان أن وباء الكوليرا بسيط، والفرق بينه وبين الكوفيد-19 هو أن طريقة انتشاره معروفة وسهل السيطرة عليها، كونه لا ينتقل عن طريق النفس او في الهواء".


وتابع في حديث الى موقع "نداء الوطن" الالكتروني ان "الكوليرا هي نوع من البكتيريا، وبالتالي انتقالها يكون عبر أشياء ملوثة، مثل المياه (خلط مياه الصرف الصحي مع مياه الشرب)، عدم غسل الخضار بمياه نظيفة وتعقيمها، وغيرها، وبالتالي إن هذه الاشياء هي التي تساهم في انتشار الكوليرا من منطقة الى أخرى، ويمكننا السيطرة عليها والحد منها".


وأشار جوفيلكيان الى ان "سبل الوقاية سهلة، فكل ما نحتاج اليه هو الاهتمام بالنظافة الشخصية، سواء عبر غسل اليدين والاستحمام، وتعقيم الخضار عن طريق الاستعانة ببعض المواد وخلطها مع المياه ما يؤدي الى تعقيم أفضل"، مضيفاً: "يلجأ البعض الى استعمال الخلّ الابيض لتعقيم الخضار، وهو أمر جيّد في العادة، ولكنه غير كافٍ للقضاء نهائياً على البكتيريا المسبّبة للكوليرا، لذلك على الناس التنبه لهذا الموضوع".


وفي ما خص المصابين، أوضح د. جورج الى انه "بإمكان المصاب بالكوليرا الا يكون لديه عوارض كثيرة، وان يعاني فقط من وجع خفيف في البطن وليس بالضرورة أن يعاني من إسهالٍ حاد أو أي من العوارض القوية، وبالتالي هذه العوارض لا تستدعي الشك انها ناجمة عن الاصابة بكوليرا، لذلك على الجميع ان يعملوا على قاعدة أساسية، وهي غسل اليدين بشكل دائم، وفي حال تعرضوا الى أي من اسباب انتشار البكتيريا، يجب اللجوء الى وسائل الوقاية التي تعتمد بشكل يومي".


أما عن علاج الكوليرا، فأشار جوفيلكيان الى ان "العلاج بسيط، غير العلاجات المعتمدة من مضادات وغيرها، ويتم اللجوء الى العلاج عبر المصل والملاحات، أو الى اللقاح، ولكنه غير متوفّر في لبنان، وعادة ما يتم اللجوء اليه للوقاية في البلدان التي هي عرضة بنسبة اكبر للكوليرا، وليس في لبنان اذ إن الوضع مختلف حيث أن الظروف الراهنة هي التي أدت الى ظهور الكوليرا سواء في السنوات السابقة او حتى اليوم".


وختم جوفيلكيان: "باختصار الكوليرا مرض يمكننا السيطرة عليه بشكل سريع على غرار الاوبئة الاخرى، حيث أنه مرتبط بمصدر التلوث أي المناطق الموبوءة التي ظهرت في الشمال وعكار أي على المناطق الحدودية، كذلك في مراكز النازحين والمخيمات. من هنا تكمن الخطوة الاولى في الحفاظ على مركز الانتشار للسيطرة عليه".



د. ناجي عون


عون

حتى الآن سجلت غالبية الاصابات في صفوف النازحين، سواء السوريين او الفلسطينيين، من هنا يشير الاختصاصي في الأمراض الجرثوميّة والمعدية الدكتور ناجي عون لموقع "نداء الوطن" الى ان "الاجراءات التي يجب اتخاذها في هذا الإطار من أجل الحدّ قدر الامكان، لا بل بشكل نهائي، من انتشار الكوليرا، تبدأ أولاً من خلال عزل المخيمات والحدّ من التحركات داخلها لمدة أسبوعين، تأمين المساعدات من ناحية المياه ووسائل التعقيم. بالاضافة الى فحص مياه الصرف الصحي فيها لتحديد نسبة البكتيريا الموجودة، على ان تتم معالجتها عن طريق الكلور".


وفي موضوع اللقاحات، أشار الى ان "توقف إنتاج اللقاح لهذا العام سوف يؤثر سلباً على صعيد العالم وليس فقط لبنان".


ولفت عون الى ان "وزارة الصحة عمدت الى اتخاذ بعض الاجراءات في الوقت الحالي من خلال تأمين الأدوية والمصل الذي يعطى عن طريق الشرب أو عبر الوريد، وذلك لتعويض الملاحات في الجسم. كما وزعت على كل المستشفيات ارشادات بشأن طرق مكافحة الكوليرا، سواء على صعيد الطاقم الطبي أو المرضى. بالإضافة الى تنظيم حملات توعية في المناطق بالتعاون مع منظمة الصحية العالمية والجمعيات".


أما في ما خص مسألة البنى التحتية وضرورة تأهيلها، فأشار عون الى ان "معالجة البنى التحتية هو أمر أساسي وضروري ولكنه يحتاج الى الوقت، بينما ما نحتاج اليه اليوم هو اجراءات سريعة وفورية".


وفي الختام أكد عون "ضرورة التدخل السريع من قبل المنظمات الصحية للحد من انتشار الكوليرا في البلدان كافة".


نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون

هارون

أما عن جهوزية القطاع الاستشفائي، فأكد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون لـ"نداء الوطن" أن المستشفيات على جهوزية تامة، سواء من ناحية الأدوية وأكياس المصل وغرف العزل، وهي قادرة على استيعاب عدد كبير من الاصابات ولو وصل الى المئات، مع العلم ان عدد الاصابات اليوم قليل، وليس هناك أي داعٍ للخوف".


وعلى الرغم من نشر العديد من الحملات والارشادات فور وصول الكوليرا الى لبنان، ولو كانت نسبة الاصابات منخفضة حتى الآن، تبقى الوقاية ضرورية وأساسية، للحد من انتشار الوباء والتخلص منه.


إذاً، بدأ كورونا تختفي نسبياً وأتت الكوليرا، في وقت يتخبّط لبنان بين أزمة وأخرى ووباء وآخر، فهل ستأخذ الدولة إجراءات سريعة للحدّ من تفشي الوباء أم ستصل الحالات للآلاف، ونفقد قدرة السيطرة عليه؟




التعريف بالكوليرا وسبل الوقاية منها