على مدى ثلاثين يوماً متتالياً، عرضت شاشة المؤسّسة اللبنانية للإرسال إنترناشونال LBCI ضمن نشراتها الإخبارية سلسلة تقارير قدّمت معلومات سريعة في إطار توثيق شامل لتاريخ الرئاسة اللبنانية، منذ زمن الانتداب الفرنسي مروراً بالاستقلال ثم الطائف وصولاً الى اليوم.
التقارير التي أعدّها الإعلامي مارون ناصيف، تناول فيها معظم الملفّات التي تتعلق بالاستحقاق الرئاسي اللبناني: التسويات الرئاسية، التمديد والتجديد ومتى عاش لبنان تجربة الفراغ الرئاسي، مسألة النصاب والعدد في الدورتين الأولى والثانية، متى عدّل الدستور إضافة الى النصوص الملتبسة والتفسيرات المختلفة له. كما عدّد العهود الرئاسية التي انتهت بانتفاضات، والرؤساء الذين كان يمكن الطعن بانتخابهم. بالإضافة الى مواضيع أخرى يعتبرها البعض نوعاً ما معقّدة، إلا أنّ ناصيف قدّم شرحاً مبسّطاً لها، مستعيناً برسومات الغرافيكس والمواد الأرشيفية المصوّرة. كما نجح في اختيار العناوين الثلاثين لتقاريره، وقدّمها باللغة العامية المحكية كي تصل الى الناس بأبسط طريقة ممكنة، مختصراً حقبات تاريخية في تقرير لا يتجاوز الدقيقتين.
وفي اتصال مع "نداء الوطن"، شدّد مارون على أنّ قراءة التطوّرات السياسية الحالية بطريقة صحيحة، تستوجب دوماً العودة الى التاريخ. وأشار الى أنّ هذه السلسلة التوثيقية الطويلة التي تُعرض للمرة الأولى بهذا الشكل، تطلّبت القيام بعدد كبير من الأبحاث لجمع المعلومات التاريخية. فمعظمها غير موجود على موقع غوغل، خصوصاً التفاصيل الصغيرة التي لا يعرفها الجميع. فكان لا بدّ من الإستعانة بمصادر أخرى، مثل الكتب والمراجع الموثوقة وشخصيات ملمّة بهذه المواضيع.
كما تطرّق الى مسألة الصعوبة في تقديم بعض الأحداث التاريخية التي رُويت بطرق مختلفة، أو التي كتبها كلّ مؤرّخ بأسلوبه الخاص، وقال: "كان من الضروري التأكّد من كلّ معلومة، ما يستوجب تواصلاً إضافياً مع أكثر من مرجع أو شخصية عايشت تلك المرحلة. لذلك استغرق الأمر وقتاً خلال البحث عمّن يمكنني التحدّث إليه لجمع المعلومات عن تلك الحقبة أو الدورة الإنتخابية". هذا وكشف ناصيف أنّه بصدد تحضير سلسلة تقارير جديدة سوف تُعرض قريباً في نشرات الأخبار على شاشة LBCI.
عهود ورئاسات
13 عهداً رئاسياً مرّت على تاريخ لبنان منذ استقلال العام 1943 حتى اليوم. هناك عهود شهدت عدداً كبيراً من الأحداث وتداخلت فيها التفاصيل. لكنّ سكرتير تحرير الأخبار في قناة MTV الإعلامي كبريال مراد نجح في اختصارها بدقيقتين وتوثيق أبرز الأحداث في سلسلة "عهود ورئاسات" التي تُعرض ضمن نشرة أخبار الـMTV ، وتسلّط الضوء في كلّ تقرير على المرحلة التاريخية التي رافقت كل عهد رئاسي.
"نداء الوطن" تواصلت مع مراد الذي أشار الى أهمية توثيق تلك الحقبات من تاريخ لبنان، وقال: "لا أدّعي أننا استطعنا أن نعطي كلّ مرحلة حقّها. فلا يمكننا من خلال دقيقتين أن نتناول كل التفاصيل التي تحتاج الى كتبٍ لسردها. لكن أقلّه، نحن نحاول أن نساعد الناس كي يتعرّفوا على تاريخهم الوطني. وإذا أثرنا الفضول لدى البعض حول معلومة معيّنة، يمكنهم حينها أن يبحثوا عنها بشكل أعمق". وأضاف: "من جهة أخرى، تبيّن من خلال هذه التقارير التوثيقية أنّ وطننا لطالما تعرّض لخضّات، أو ما يقال بالعامية "طلعات ونزلات"، وهو ما يمكن أن نعتبره رسالة الى الجيل الجديد مفادها أنّ الظروف التي نعيشها منذ 17 تشرين الأول 2019 حتى اليوم ليست الأولى من نوعها. فالمرحلة صعبة بطبيعة الحال، لكنّنا قادرون على تخطّيها".
وعن الأحداث التي تحتمل وجهات نظر مختلفة، مثل انتفاضات الخمسينات، اتفاق القاهرة، والأحداث الأمنية خلال عهد الرئيس سليمان فرنجيه وغيرها، أوضح مراد أنّه حاول أن يتجنّب تمرير أيّ رأي خاص أو عرض أية وجهة نظر خلال مقاربته المواضيع، فكانت التقارير عبارة عن سردٍ للأحداث بأسلوب إخباري يتميّز بلمسة خاصّة. "لكن في المقابل، هناك عهود كانت بحدّ ذاتها تحمل السيّئات، وبمجرّد سردها سوف تظهر سلبياتها تلقائياً، فهي وقائع حصلت بالفعل. ونترك للمُشاهد أن يكوّن بنفسه وجهة نظره حيالها". وتابع مراد قائلاً: "على ما يبدو أنّ العهود بمعظمها بدأت إيجابية وانتهت بطريقة سلبية أو العكس، أي بثورة أو أزمة أو تفجيرات أو أحداث أمنية. وتبيّن من خلال هذا العمل التوثيقي، أننا وطن يعاني من الخضّات والأزمات منذ العام 1943، وغالباً كانت بسبب التدخّلات الخارجية. بالتالي لم نصل بعد الى مرحلة استطعنا فيها أن نكوّن مناعة لبنانية – لبنانية، من شأنها أن تحصّن العهد من الزلازل والخضّات التي يتعرّض لها".
