خالد العزي

الطيران الإيراني "الكاميكازي" وليالي كييف الحزينة

20 تشرين الأول 2022

02 : 01

روسيا تضرب البنية التحتيّة الأوكرانيّة بمسيّرات انتحاريّة إيرانيّة (أ ف ب)

تتوالى الضربات العسكرية الروسية الموجعة على منشآت البنية التحتية الحيوية ومحطات الطاقة الكهربائية في أوكرانيا منذ الأسبوع الماضي، وعلى وجه الخصوص في العاصمة كييف، حيث شنّت القوات الصاروخية الروسية ضرباتها على أهداف عدّة في المدن الأوكرانية ونفذتها بمسيّرات «كاميكازي» إيرانية الصنع.

ولا يقتصر دور الجيش الروسي على ضربات محطات توليد الطاقة الحرارية والأهداف العسكرية فقط، بل إن الهجمات تطال المنشآت الكبيرة مثل محطات الطاقة الكهرومائية والسدود والمحطات المائية الساخنة والباردة والمراكز التجارية والأحياء السكنية، لأنّ ضرب الأهداف المطروحة يهدف إلى تعطيل الحياة الإنسانية في أوكرانيا للضغط على القيادة من أجل التفاوض مع روسيا وتقديم تنازلات لها. وبعد الضجة الإعلامية والديبلوماسية وارتفاع الصوت ضدّ إيران لتزويدها روسيا بسلاح قاتل، نفت طهران إمداد روسيا بطائرات بلا طيار لاستخدامها في أوكرانيا، مؤكدةً أن إيران «لا تُسلّح أيّاً من الدول المتحاربة». واعتبرت أن المعلومات التي ينشرها الغرب بأنّ إيران تزوّد روسيا بطائرات بلا طيار لها «دوافع سياسية».

والهجمات الأخيرة ليست المحاولة الأولى للجيش الروسي لضرب أهداف أوكرانية بمسيّرات «شاهد 136» الإيرانية. وبحسب مصادر أوكرانية، فإنّ موسكو اشترت 2400 طائرة من هذا النوع من طهران، لفوائدها الرئيسية التالية بالنسبة لموسكو:

- مدى طيران «شاهد 136» الذي يبلغ 2500 كلم، وهذا يسمح لها بمهاجمة أهداف بعيدة عن خط المواجهة.

- تتوفر في هذا النوع من الطائرات مكوّنات مهمّة للقيادة والتحكّم.

- المركبات صغيرة نسبيّاً وتطير على مستوى منخفض، لذلك يصعب على أنظمة الدفاع الجوي اعتراضها.

- يكمن خطر «شاهد 136» في إمكانية إلحاق ضرر دقيق في الأهداف من مسافة بعيدة.

- تصل «شاهد 136» إلى الهدف من خلال الإحداثيات باستخدام الملاحة عبر الأقمار الإصطناعية.

- مقارنة مع الطائرات بلا طيار العسكرية الغربية الصنع، فإنّ الطائرات بلا طيار الإيرانية غير مكلفة.

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أنه جرت الموافقة سرّاً على إرسال، ليس فقط طائرات بلا طيار هجومية إلى روسيا، ولكن أيضاً ما وصفه بعض المسؤولين بأنها صواريخ أرض - أرض إيرانية الصنع مخصّصة للاستخدام ضدّ المدن الأوكرانية ومواقع قوات كييف.

وبذلك تُبدي روسيا استعدادها لشراء صواريخ باليستية من إيران لضرب دولة أوروبّية. ويُساعد هذا التدفق المتزايد للأسلحة من طهران في تعويض ما يقول مسؤولو إدارة بايدن إنّها خسائر فادحة في المعدات العسكرية الروسية منذ هجوم موسكو على أوكرانيا في شباط الماضي، وتضاؤل سريع في الذخائر الموجّهة بدقة من النوع المستخدم في ضربات الأسبوع الماضي.

وأعلن رئيس الديبلوماسية الأوروبّية جوزيب بوريل عزم الاتحاد الأوروبي إجراء تحقيق في تورّط طهران في إمدادات الأسلحة إلى الكرملين، مؤكداً أنّه إذا تمّ العثور على دليل، فإنّ إيران ستواجه عقوبات صارمة. والغريب جدّاً هو تأخر الإتحاد الأوروبي، وقبله الولايات المتحدة، في التعاطي مع هذا الأمر، رغم الحديث الأوكراني المستمرّ عن استخدام روسيا لطائرات مسيّرة إيرانية الصنع من طراز «شاهد 136»، وليس في الفترة الأخيرة فقط.

والغريب جدّاً أيضاً أنه يتمّ تجاهل التقارير الأوكرانية التي تتحدّث عن توثيق لاستهداف الطائرات الإيرانية المسيّرة لأراضيها، وهي نفس الطائرات التي تستخدمها إيران في عملياتها «العدوانية» في الشرق الأوسط.

وتحدّثت القوات الأمنية والعسكرية الأوكرانية مرّات عدّة عن أن هناك مدرّبين إيرانيين موجودين في منطقة خيرسون وشبه جزيرة القرم، وذلك لإطلاق طائرات بلا طيار من طراز «شاهد 136».

الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، كانا حريصين على مناقشة الملف النووي الإيراني أكثر من مساءلة إيران عن تمدّدها، و»زعزعتها» لاستقرار الدول، ليس في الشرق الأوسط وحسب، بل أيضاً في أوروبا.