مريم سيف الدين

إجراءات تظلم الفقراء... المصارف لا تعرف الإنسانية

"الغنى" و"المقاصد" في بيروت... حركة مستمرة رغم تراجع التبرّعات

28 كانون الأول 2019

02 : 00

لم تسلم أموال الجمعيات المخصصة لمساعدة المحتاجين من الحجز في المصارف، وذلك جرّاء إجراءات المصارف وتحديد سقوف مالية، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. هي إجراءات تسببت بها سياسات الدولة الإقتصادية وأداء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وباتت تعاني الجمعيات من مشاكل مالية إضافية، من دون أن يلتفت المسؤولون إلى مهامها ودورها الإنساني، وإلى ضرورة الإفراج عن هذه الأموال، فالمسألة مسألة حياة أو موت ويرتبط بهذه الأموال مصير المحتاجين، خصوصاً أن قدرة المواطنين على التبرع قد تراجعت في ظل عجزهم عن سحب رواتبهم حتى. ما يعني أن سياسة المصارف قد أصابت الجمعيات بمقتلين، وهو ما تؤكده شهادات عاملين في الجمعيات.

وتشير مديرة مكتب التنمية في جمعية المقاصد، ريم رباح، إلى المشاكل المالية التي تواجهها الجمعية. وتقول لـ"نداء الوطن": "خلال الشهرين الماضيين تراجعت إمكانية مساعدة المحتاجين، فعددهم ارتفع وفي المقابل انخفض عدد القادرين على المساعدة وبتنا نواجه صعوبة في تأمين التمويل. كذلك نواجه صعوبة في سحب أموال من المصارف، ونحصل على مبالغ محدودة". ولمواجهة المشكلة تحاول الجمعية الحصول على الأموال نقداً ممن يمكنهم التبرع، ووفق رباح تعمل الجمعية كما بقية المودعين على سحب ما أمكنها من حساباتها المصرفية العديدة للاستمرار في عملها. وبسبب الشح في المصادر الداخلية، تسعى "المقاصد" للتعاون مع جهات مانحة خارجية.

أما عن عمل الجمعية اليوم، فتكشف رباح أنها بدأت بتوزيع حصص غذائية وملابس على المحتاجين في بيروت، كما أنشأت صندوقاً للمنح المدرسية وآخر لمساعدة مرضى السرطان، إضافة إلى صندوق لمساعدة المرضى العاجزين عن تسجيل أبنائهم في المدارس. وتطمح الجميعة إلى العمل في المرحلة المقبلة "أينما أمكن خارج بيروت". ولا تملك رباح إجابة عما إذا كانت المقاصد قد حاولت التواصل مع المسؤولين المعنيين بهدف تسوية وضعها المالي والسماح لها بسحب ما تحتاجه من حساباتها المصرفية، وتكتفي بالقول: "الأمر عائد إلى رئاسة الجمعية".

"الغنى" والاهتمام بالأيتام والنساء

جمعية "الغنى"، جمعية أخرى تعاني أيضاً من صعوبات في سحب أموالها من المصارف. وهو ما انعكس سلباً على فئات تعاني أساساً العوز. فـ"الغنى" تهتم بالأيتام والنساء الأرامل أو المحتاجات، وقد اضطرت الجمعية إلى خفض المبالغ الشهرية التي تخصصها للأرامل والأيتام كما اضطرت لإيقاف بعض تقديماتها، وفق ما تؤكده لـ"نداء الوطن" رئيسة الجمعية لينا أبو لبن. وتدرك أبو لبن جيداً أن "هذه الإجراءات تؤثر كثيراً على هذه الفئات. لكن الوضع الاقتصادي بات يحكم عمل الجمعية، فنحن نحاول التواصل مع المتبرعين الذين اعتادوا على التبرع لنا، عدد منهم يعتذر لعدم قدرته على الاستمرار بالتبرع".

واستعداداً للمرحلة المقبلة التي يرجح أن تكون أسوأ، تسعى الجمعية لمحاولة تأمين تمويل من خارج لبنان، وتأمل أبو لبن أن تنجح هذه الخطوة، "فالجمعية معتمدة من وزارة الخارجية الكويتية. كما كنا نبحث في مسألة التواصل مع المغتربين لربطهم مباشرة بالمحتاجين لإرسال المساعدات إليهم، لكننا ما نزال نبحث في الأمر".

واليوم، تساعد الجمعية في تأمين المواد الغذائية التي يصعب على المحتاجين شراؤها كاللحوم والدجاج والزيوت وغيرها. كذلك تساعد "الغنى" في تأمين كفلاء للأطفال والأرامل. وتشرح رئيسة الجمعية: "فكرنا في مساعدة الأيتام بهدف إبقاء الأطفال مع والداتهم، لأننا ندرك أن والدة اليتيم لا تضعه في دار الأيتام وتفصله عنها لولا حاجتها. فبدأنا نعمل على مساعدة الأرامل لإبقاء الأطفال معهن". وتساعد الجمعية في الحالات الطبية الطارئة، لكنها اليوم تتشدد أكثر في استقبال الحالات وتتعامل مع كل حالة بمفردها. كما تهتم بالتعليم وتساعد في تأمين أقساط جامعية. وكان من المفترض أن تبدأ الجمعية ببناء "دار اليتيم والأم" على أرض تبلغ مساحتها 9000 متر مربع، لكن دخول لبنان في أزمة أوقف المشروع. وستطلق "الغنى" بعد نحو أسبوعين حملة لجمع البطانيات والسترات والملابس اللازمة للتدفئة، في البقاع والشمال وبيروت والجنوب.

وتتواصل الجمعيتان معاً وتنسقان في ما بينهما ومع نحو 12 جمعية أخرى في بيروت، للتأكد من توزيع المساعدات على المحتاجين إليها ولتجنب حصول أي تضارب في التوزيع، لإيصال المساعدات إلى أكبر عدد ممكن من المحتاجين. كذلك لإرشاد المحتاجين الى الجمعيات التي يمكنهم التوجه إليها للحصول على الخدمة المطلوبة. فالجمعيات في بيروت تحاول التكافل والتكامل في ما بينها من أجل تأمين مساعدة فعالة.


MISS 3