ردّ ميقاتي في الجلسة النيابيّة العامّة لمناقشة رسالة عون

16 : 12

وزّع المكتب الاعلاميّ لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ردَّ الرئيس ميقاتي في الجلسة النيابيَّة العامة، وجاء فيها:


"دولة الرئيس

سمحت لنفسي بعد رسالة فخامة الرئيس أن أرسل بدوري رسالة تتعلق بالقانون والدستور. وبناءً على طلب دولة الرئيس سأتلو نصّها: بتاريخ 30/10/2022، صدر المرسوم رقم 10942 بقبول استقالة الحكومة "المُستقيلة" أصلاً عملاً بنصّ المادة /69/ من الدستور بسبب بدء ولاية مجلس النواب، من دون أن يقترن بصدور مرسوم تكليف الرئيس الذي وقع عليه اختيار السيدات والسادة النواب لتشكيل الحكومة استناداً الى استشارات نيابية ملزمة وفقاً لما تنص عليه المادة /53/ من الدستور.


هذا المرسوم (مرسوم قبول استقالة حكومة مستقيلة) يرتدي، من دون ريب، الطابع الإعلاني وليس الانشائي، مع ما يترتّب على ذلك من نتائج أهمّها أنّ تصريف الأعمال يُمسى من واجبات الحكومة المُستقيلة او التي تعتبر بحكم المُستقيلة دونما حاجة لقرار يصدر عن رئيس الجمهورية بهذا الخصوص.


ومن غير المنازع فيه أنّ تصريف الأعمال ارتقى إلى مرتبة الالتزام والموجب الدستوري وكرّسته وفرضته المادة /64/ من الدستور بعدما كان عُرفاً دستورياً توجبه ضرورة استمراريّة سير المرفق العام وانتظام اداء المؤسسات الدستورية أساس الانتظام العام في الدولة الذي يفرضُ قيام كل مؤسسة دستورية، ومن دون ابطاء، بالمهام المُناطة بها، ضمن الصلاحيات المُعطاة لها، باعتبار أنّ الفراغ في المؤسسات الدستورية يتعارض والغاية التي وجِدَ من أجلها الدستور ويُهدّد النظام بالسقوط ويضع البلاد في المجهول، وذلك على النحو الذي اورده المجلس الدستوري في قراره رقم 7/2014 تاريخ 28/11/2014.


وغني عن البيان أن امتناع حكومتنا التي اعتبرت مستقيلة بسبب بدء ولاية مجلس النواب، عن القيام بمهامها وواجباتها الدستورية ومن ضمنها متابعة تصريفها الأعمال، تحت أي ذريعة كانت، يشكّل اخلالاً بالواجبات المُترتبة عليها ويعرّضها، رئيساً وأعضاء، للمساءلة الدستورية بتهمة الإخلال بالواجبات كما نصّت على ذلك صراحةً المادة /70/ من الدستور.


ومن المُفيد التذكير أن حكومتنا والتزاماً بواجباتها الدستورية تلك، سبق لها أن استجابت لدعوتكم الصريحة للمشاركة وحضور جلسات مجلسكم الكريم ومَثُلَت أمام هذا المجلس، كحكومة مستقيلة، وشاركت في مناقشة مشاريع قوانين عدّة مُرسلة من قبلها وقد أقرّ المجلس معظمها، وأبرزها، مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2022 علماً أن هذا القانون من الأهمية بمكان لكونه يُحدّد السياسة العامة المالية للحكومة والاعتمادات التي تسمح لها بتنفيذ هذه السياسيات.


وعليه، وتأسيساً على ما تقدم، وتحاشياً للمُساءلة الدستورية بتهمة الإخلال بالواجبات المنصوص عنها في المادة /70/ من الدستور، وتفادياً لتعطيل سير المرافق العامة وسقوط النظام وشلّ عمل الدولة بكلّ مكوناتها ومؤسساتها الدستورية وفي طليعتها السلطة المشترعة، السلطة الدستورية الأم التي ستواجه مشكلة عدم اصدار وتالياً نفاذ ما قد تقرّه من قوانين، ولكون المرسوم، الذي قبِلَ استقالة حكومة هي مستقيلة اصلاً وحكماً بمقتضى النص، يفتقر الى أي قيمة دستورية تنعكس سلباً على وجوب تصريف الاعمال إضافة إلى ممارسة كلّ ما يفرضه عليها الدستور من موجبات،


للتفضل بأخذ العلم بمتابعة الحكومة لتصريف الاعمال والقيام بواجباتها الدستورية كافة وفقاً لنصوص الدّستور وللأنظمة التي ترعى عملها وطريقة إتّخاذ قراراتها والمنصوص عليها في الدستور وفي المرسوم رقم 2552 تاريخ 1/8/1992 وتعديلاته (تنظيم أعمال مجلس الوزراء)، ما لم يكن لمجلسكم الموقّر رأي مخالف.


دولة الرئيس،

هذا هو نص الرسالة التي وجهتها وهي للتأكيد ان هناك استشارات نيابية ملزمة قد حصلت، وتم بموجبها تكليف رئيس حكومة بتشكيلها وان الحكومة التي تقوم بتصريف الأعمال اعتبرت مستقيلة بموجب الدستور بعد الانتخابات النيابية، وهي ستقوم بموجب المادة 64 بمسؤوليات تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق وإلّا تعرضت للمحاسبة الدستورية.


دولة الرئيس،

لقد اخذت الدعوات الى التهدئة بعين الاعتبار، وقلت مراراً وتكراراً إنّني ضد سياسة الاستفزاز، وفي هذا الوقت فإنّ همنا هو هم الناس والوضع الاقتصادي، ويجب أن نتعاون جميعاً لتمرير هذه المرحلة الصعبة. عندما تكون الحكومة مستقيلة، يبقى مجلس النواب بحال انعقاد لأنّنا نريد التشاور بين الحكومة والمجلس النيابي، وإنّني اطلب من السادة النواب ان تكون لهم اراء واقتراحات في كل المسائل المطروحة ونحن على استعداد لمناقشتها.


فخامة الرئيس عون يقول في رسالته إنني تأخرت في تشكيل الحكومة أو تغاضيت عن هذا الأمر، ولذلك، لا بدّ من إيراد بعض الوقائع.


بتاريخ 23 حزيران تم تكليفي بتشكيل الحكومة وقبل خروجي من لقاء فخامة الرئيس قال لي "ليست هناك تسمية مسيحية وبالتالي فان تكليفي غير ميثاقي"، فأجبته أنّ هناك نواباً مسيحيّين قد سمّوني وفي جلسة الثقة آمل في أن تكونَ الميثاقية موجودة". من هنا، كان إصراري على أن أحوزَ ثقةَ مجلس النواب.


وهنا حاول النائب جبران باسيل مقاطعة الرئيس ميقاتي والقول له: "لماذا لم تعتذر؟" فأجابه الرّئيس ميقاتي "لأنّ رغبتك أن أعتذر، فإنني لن أعتذر".


وبتاريخ 27 حزيران أُجرِيَت استشاراتٌ نيابيّة في مجلس النواب، وبدأتها مع دولتك وكان كلامك أن تتشكّل الحكومة سريعاً، وهذا ما يخالف كل المزاعم التي يتم تداولها من أن دولتك وانا لا نريد تشكيل حكومة، وان هناك دولاً عظمى أيضاً تدعمنا بعدم تشكيل الحكومة.


وفي ضوء ذلك، وفي 29 حزيران، تقدّمتُ من فخامة الرئيس بتشكيلة حكوميّة كاملة، وبدا البعضُ من ملوك التعطيل يتحدث بمنطق: " لماذا قدم الحكومة بشكل سريع؟"، يومها تناقشتُ مع فخامة الرّئيس في التشكيلة وسألني عن بعض الأسماء، واعتقدت ان التشاور في الامر سيستكمل، ولكن لم يصلني أي جوابٍ.


بتاريخ 5 تموز اتصل مكتبي بمكتب فخامة الرئيس لطلب موعد، فكان الجواب سنعود اليكم بعد قليل ولم تتم معاودة الاتصال ولم يتم تحديد اي موعد. ثم بدأنا نسمع تسريبات اعلامية أنّ الرئيس أبلغني أنّه لا يريدُ تحديدَ موعد.


ورداً على مقولة باسيل أنّ دولة الرئيس يستغيب فخامة الرئيس وسيتم إصدار بيانٍ توضيحيّ، قال ميقاتي: ليصدر بيان إذا كان الأمر كذلك، ولكن هل تحترمون البيانات وتعيرونها أهمية؟ لقد صدر قبل أسبوعَين بيانٌ عن فخامة الرئيس ينفي اعداد مرسوم بقبول استقالة الحكومة، ثم بعد اسبوع، أي الاحد الفائت، تغيّر الجو. ويوم الاثنين الذي تلا صدور البيان عن المكتب الاعلامي، وصل النائب باسيل الى القصر الجمهوري وبدا بالصراخ اعتراضاً على صدور البيان.


وتابع: "يزعم النائب باسيل أنّنا نستغيب فخامة الرئيس، ومع كل الاحترام، أقول إنّه بتاريخ 11 تشرين الاول الماضي، كنّا في اجتماعٍ مع فخامة الرّئيس في حضور الوزير عبدالله بو حبيب والمدير العام لرئاسة الجمهوريّة انطوان شقير. قلت للرّئيس: هات مرسوم تشكيل الحكومة كما هي بشكلها الحالي لأوقعه، فأجابني قائلا: "لقد وضعت المرسوم في الدرج واقفلت عليه ورميت المفتاح"، وبالتالي فإنّ الاتهام بأنني لا اريد تشكيل حكومة باطل، وانا أكثر شخص اريد تشكيل حكومة، وقدمت تشكيلتي بأسرع وقت. وهنا استذكر واقعة محددة، خلال الانتخابات النيابية عام 2018، قال أحد نواب "التيار الوطني الحر" في حملته الانتخابية" إنّ الرئيس عون استطاع تعديل الدستور بالممارسة عوض تعديله بالنصوص". المطلوب، كما هو واضح، هو تعديل الدستور، وكل ما نشهده هدفه خلق جدلية لمنع الحكومة من ممارسة عملها. انا تحت سقف الدستور والقوانين مرعية الاجراء، وسأقوم بعملي بشكل كامل، كما سأعمل مع السادة الوزراء، كلّ في وزارته، لإنجاز ما هو مطلوب. والحل هو في انتخاب رئيس الجمهورية وهذا الحل هو في عهدة من يطالبون به وليس عندي. يجب انتخاب رئيس الجمهورية الآن وغدا قبل بعد غد.


وفي موضوع ممارسة الحكومة مهامها، فانا أعي تماماً أنّه عندما يتحدث الدستور عن تصريف الأعمال بالمعنى الضيق، فهو حتماً يميز بين حكومة كاملة الأوصاف وحكومة تصريف الأعمال، وهذا الامر ينطبق في الايام العادية، ولكن عندما تقتضي المصلحة الوطنية العليا، سأستشير المكوّنات المشاركة في الحكومة لاتخاذ القرار المناسب، بدعوة مجلس الوزراء إذا لزم الأمر، وأنا لست في صدد تحدي أحد، ولا ضد أحد. سنتشاور في اي موقف ونتخذ القرار المناسب.


ورداً على مقاطعة باسيل له، قال ميقاتي: "أطلب من رئيس الجامعة اللبنانية إدخال مادة في اختصاص العلوم السياسية عنوانها الآتي: "كيف المفاوضة على شفير الهاوية".

MISS 3