عماد موسى

مرة جديدة: من يشكّل الحكومة؟

6 كانون الثاني 2020

01 : 59

إبّان تشكيل حكومة الرئيس عمر كرامي الأولى كان نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدّام في أحد مستشفيات باريس لاستئصال الزائدة، فاتصل به الرئيس الهراوي لنيل موافقته على بعض الأسماء، كان الممرضون يجرّون "شاريو" المفوض السامي على لبنان باتجاه غرفة العمليات، ويذكر أحد الشهود على تلك المرحلة أن الهراوي ما إن أنهى الإتصال مع خدام حتى زفّ للحضور الخبر السعيد: قَبِل أبو جمال بإعادة توزير جورج سعادة! إنجاز نوعي إنتزعه يومذاك رئيس البلاد من القيادة السورية.

كان الهراوي يعرف أن الدستور اللبناني، قبل الطائف وبعده، ينيط برئيس الحكومة وحده تشكيل الحكومة بالإتفاق مع رئيس الجمهورية، ولم يلحظ دستور الجمهورية الأولى ولا الثانية أي دور للقوى السياسية وقوى الأمر الواقع في تشكيل الحكومات. لهذه المكونات الحق بعرض مطالبها ومقترحاتها ورغباتها على الرئيس المكلّف كأن تطالب بحكومة تكنوقراط أو إكسترا برلمانية أو برلمانية مطعّمة بوجوه جديدة أو تعلن رغبتها بهذه الحقيبة أو تلك. فإما يأخذ رئيس الحكومة بمطالب الكتل قبل تقديم لائحته أو يؤلف الحكومة بحسب ما يتوافق عليه مع رئيس البلاد دونما حاجة إلى إرضاءالجميع.

فلا حصص مكرّسة للطوائف عرفاً (باستثناء منصب نائب رئيس الحكومة) ولا وزارات تهيمن عليها جهة سياسية محددة. فبأي حق يُستبعد الأرمن مثلاً من الوزارات المسماة سيادية؟ وأي عرف قضى ألا تُمنح "الداخلية أو الخارجية أو الدفاع أو العدل لوزير درزي؟ من أفتى بذلك؟ وهل هناك طائفة "بريمو" وطائفة "تارسو"؟

في حكومتي العهد القوي (استعادة الثقة وإضاعتها) تولى تشكيل الحكومة بشكل أساسي: صهر العهد، سليمان بك فرنجيه، رئيس الجمهورية، الخليلان ( السياميان) بما يمثلان، "القوات"، بمشاركة رمزية من رئيس الحكومة سعد الحريري.

وفي حكومة العهد الثالثة التي قيل أن يد رئيسها البروفسور حسّان دياب مطلقة في عملية التأليف، عاد الخليلان يروحان معاً. يجيئان معاً. "يغزلان" و"يفتلان" ويسمّيان.

وعادت الفيتوات على هذا المرشح أو ذاك.

وعاد "الصهر" ليمارس فوقيته ويطالب بوزارات "دسمة" يعتقد اعتقاداً راسخاً أنه ورثها عن أبيه جرجي، وله أن يعين فيها من يشاء، من أصدقائه المتمولين ذوي السيرة الإجتماعية العطِرة.

وفي الحكومة التي يصرّ ديابُها على دميانوس قطّار للخارجية تردد أن "التيار" متمسك بها، فكان الخيار البديل أن تُسند حقيبة الإقتصاد إلى القطّار بحسب ما ورد في تقرير موثوق به. هنا نُبّه الرئيس المكلّف إلى أن " الإقتصاد" من حصة رئيس البلاد، العماد ميشال عون، وهو من سأل في 22 شباط 2011 عقب اجتماع تكتله: "أين الحق الذي يعطي رئيس ‏الجمهورية حصة في الحكومة؟".

هزُلت جداً جداً.


MISS 3