همّام ينعي نعمان: قامة وطنية ورياضية وشيخ الإعلاميين الرياضيين

16 : 32

نعى رئيس اللجنة الأولمبية اللبنانية جان همام الأمين العام المؤسّس للإتحاد اللبناني للكرة الطائرة الزميل نعيم نعمان الذي وافته المنية مساء الأحد الماضي. وقال همّام في كلمته:

بألمٍ وحسرة يعزُّ عليَّ أن أوّدع الأخ والصديق الراحل نعيم نعمان الذي افتقدناه بعد حياة غنيّة بالمآثر دوّنها بالمواقف والقِيَم والفضائل.

تمنيّتُ أن تكون كلماتي فعل عزاء، ولفحة وفاء، في رجلٍ عايشته كمرجعٍ ومصدر مشورة وصاحب رأي سديد وثاقب.

86 عامًا ملأ فيها الدنيا بثمرات العطاء، فأرسى مداميك اتحاد كرّة الطائرة، وأطلَّ بنافذته اليومية على مقالات سنشتاق إلى حروفها المعبّرة ومدادها العابق بأريج الآراء والأفكار البعيدة عن التزلّف والمديح والكسب الرخيص، لأنه عُجِن في معدن الكبار الذين يتّقنون ويتفننون بالمواقف الصلبة الجامدة المجبولة بالنبل والفروسية.

إنني ورعيل كبير من الرياضيين الذين كانوا يؤمّون صومعتك في مستوصف المنصف، وأنت بفرح عظيم توّزع الأدوية، وتتلّهف الى مساعدة المحتاج، وإلى تطييب جراح المتألم، وكأنك نذرت نفسك للخدمة المجانية والطوعية؛

وبين رائحة الأدوية التي كنت تداوي جراحات عالمنا الرياضي من خلال أدّق التفاصيل والمتابعة لشؤون وشجون اللعبة التي أحببت وأسست وكافة الألعاب الرياضية التي وهبتها حياتك، وكانت العائلة التي أنجبت، فكنت ترى في كلّ فردٍ منّا ولدك الحبيب، وابنتك المدلّلة.

لا يختلف إثنان، إيها الغائب الحاضر، عن الفراغ الذي تتركه، فكنت محجًا في الأيام الصعاب، ومصدرًا في الأيام الحلوة.

تصدّرت الملاعب، وعشت زمن البطولات والأفراح الرياضيّة، ولم تتجعّد قسمات جبينك إلاَّ حزنًا على الرياضة والرياضيين، فكنت الصوت المدوّي، والوجدان الصارخ، والضمير الصامت في أفواه المسؤولين لرعاية الرياضة لأنها الجيل الواعد لوطنٍ لا ينهض إلا بسواعد شبابه.

بصماتك راسخة وثابتة في اتحاد كرة الطائرة، وقلمك الجريء زلزل المنابر من أجل رياضة سليمة معافية واتحادات فاعلة وناشطة ودولة راعية وساهرة.

معك قضيتُ أحلى الأيام والذكريات، فترّسخت بيننا صداقة قوامها المحبة والاحترام والإصغاء الى إرشاداتك وملاحظاتك التي أستعيدها اليوم بعد رحيلك.

نعيم نعمان قامة وطنية ورياضية، وشيخ الإعلاميين الرياضيين، وراهب الكلمة الحرّة وحارس الهيكل الرياضيّ وباني دعائمه.

إننا نوّدعك بلهفة المشتاق وبدمعة الحزن وفراق الصديق ومواكب السنين التي عمّرتها وشيّدتها بالعطاء دون مقابل، وبالمحبة دون تردد، وبالتسامح دون سؤال.

عشتَ على هذه الأرض الفانية وأنتَ تكتبُ ديوان حياتك ليكون قدوة ومثالاً لنا وينبوعاً نستقي من جداوله معنى الوفاء والمحبة.

علّمتنا دروسًا كثيرة، وسنتعلّم من غيابك أمثولات أكثر لأن ما اكتنزته على الأرض وافترشته في مطارح هذه الدنيا من إنجازات وأشجار باسقة وأعمال مجانية ومقالات وأبحاث رياضية ستكون لنا زادًا نرجع إليها لأنها خارجة عن الزمن ومنتصرة على الأيام.

رحلتَ أيها الصديق الوفيّ وبالرغم من بُعد المسافات، فإني سأبقى على العهد أنا والعائلة الرياضية في تواصل مع أفكارك وأعمالك، وأنتَ ترعانا من السماء في نعيمك حيث الراحة الأبدية، سائلين الله أن تكون في أحضانه بعدما عشتَ على الأرض كبيرًا في أعمالك ومشوارك.

MISS 3