بسام أبو زيد

لبنان وفنزويلا

9 كانون الثاني 2020

02 : 00

يعيش اللبنانيون اليوم في دولة مواجهة مع كل العالم الغربي ودوله المتحضرة، ومع دول عربية وخليجية أنعم الله عليها بالثروات. يعيش اللبنانيون في دولة مواجهة، تحظى بدعم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كمثيلاتها من "سوريا الأسد" و"عراق الحشد الشعبي" و"يمن الحوثيين"، وقد اتخذت كل هذه الدول القرار بمواجهة الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب والشرق. دول مدعومة من إيران يُسمع في مناطقها ما يردده مناصروا هذا المحور شعارات "الموت لأميركا" و"الموت لإسرائيل" و"الموت لآل سعود"، مؤكدين أن الولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي هما في حال سيئة وانحدار لا مثيل له وأن الظرف المناسب للقضاء عليهما، معنوياً بالنسبة إلى بلاد "العم سام" وعملياً بالنسبة إلى الكيان الصهيوني، أصبح مسألة توقيت لا أكثر ولا أقل باعتبار أننا نحن من يفرض على العدو مكان المعركة وزمانها.

قد يكون لبنان مستفيداً من هذا الوضع بنظر البعض فعلى الصعيد المعنوي لا يُمكن التفريط بالكرامة والعزة في مقابل أي جزرة أو عصا من أي جهة أتت، ولا يُمكن التخلي عن استعادة فلسطين ولو قبلت السلطة الفلسطينية بتنازلات، ولو تراجع العرب عن طرد اليهود بالقوة، وحتى ولو وجدت مبادرة السلام العربية التي أقرت في قمة بيروت مبدأ الأرض مقابل السلام بمشاركة الرئيس السوري بشار الأسد، ولا بد للبنان أن يكون بوابة التحرير لفلسطين ولو وحيداً.

لبنان أيضاً لا يُمكنه أن يقف مكتوف الأيدي والجمهورية الإسلامية الإيرانية تقاتل على جبهات متعددة وثورتها تتمدد في أنحاء العالم، فهو ملزم برد الجميل لمن وقف إلى جانبه في التصدي للعدوان الإسرائيلي في حرب تموز 2006ومن جعل من "المقاومة" قوة يرهبها الإسرائيليون والإرهابيون والمتطرفون المدعومون من الولايات المتحدة.

في المعركة الوجودية لا يمكن للبنان أن ينأى بنفسه عن المواجهة، كل مقومات الدولة والوطن وكل ما يُحكى عما كان يتمتع به هذا الوطن الصغير من ميزات تسقط ولو إلى غير رجعة أمام انتصارات غير مسبوقة، فما نفع الاستثمارات والمشاريع والجامعات والمهرجانات والعلاقات بالشرق والغرب؟ وما نفع ازدهار واقتصاد ومصارف وأسواق مالية وبورصات، إذا كان الاستقرار مبنياً على زغل الاستسلام لأميركا وحلفائها في الغرب وعرب الخليج.

قد تكون فنزويلا هي النموذج الأفضل كي يحتذي به لبنان ونحن على الدرب سائرون مع فارق وحيد هو أن نفط فنزويلا موجود ويقال بأنه منهوب بينما نفط لبنان ينتظر نتيجة صراع الجيوب كي نؤكد مجدداً من هو الناهب ومن هو المنهوب.